مجلة جوكستبوز — معرض غيرهارد ريختر الضخم في ديفيد زفيرنر (باريس) يفتتح أسبوع بازل

تسر دار ديفيد زفيرنر أن تعلن عن معرض يضم مجموعات من اللوحات والرسومات وتركيبات زجاجية للفنان الألماني المعاصر المُرموق غيرهارد ريشتر، وذلك في مقرّ الغاليري بباريس. يعد هذا المعرض الثالث للفنان مع الدار منذ الإعلان عن تمثيله في عام 2023، بعد معارض فردية أقيمت في فروع الغاليري بنيويورك (2023) ولندن (2024). ويتزامن العرض مع استعادة كبرى لأعمال ريشتر مُنظَّمة من قِبل نيكولاس سيروتا وديتر شنايتزر في فونداسيون لويس فويتون بباريس، والمفتوحة للعرض الآن.

تتصف الأعمال المعروضة بتنوّع لافت في النطاق والحجم والتقنية، ويجمع العرض في باريس بين أعمال تبرهن على فهم ريشتر الواسع للوسط المرسوم ونهجه التحقيقي المستمر في عملية صناعة الفن. يفتتح المعرض بعمل الفنان 3 Scheiben (ثلاث شرائح زجاجية) من عام 2023. بدأ ريشتر العمل بوسيط الزجاج قبل أكثر من نصف قرن، لا سيما بتركيبه الفاصل عام 1967 4 Glasscheiben (أربع شرائح زجاجية)، الذي صاغه كردٍّ على The Large Glass لمارسيل دوشامب (1915–1923).

ينتمي التركيب الحالي إلى مجموعة لاحقة تتكوّن من صفوف من الألواح الزجاجية الشفافة القائمَة بذاتها؛ وعند النظر إليها من الجهة المواجهة يصبح المشهد المرئي عبر الزجاج متزايدَ التشوّش والتعتيم واللاشفافية كلما عبر اللوح التالي، ما يشكّل مآلاً محتملاً لتأثير الضبابية في لوحات ريشتر الفوتوغرافية التي بدأ تجربتها في ستينيات القرن العشرين.

كما تُعرض تراكيب زجاجية أخرى مركّبة على الجدران. ففي أعمال ريشتر الزجاجية يعترف الزجاج بدوره التقليدي كدرعٍ واقٍ خالٍ من حضور مادّي مستقل، وفي الوقت نفسه يتحدّاه، محرّراً إياه من قيود الحداثة التقليدية التي تحصره داخل الجدران أو الصناديق العرضية أو الفيتريهات. تجربة مشاهدة هذه الأعمال — وما تُظهره الأسطح من صور — تُنتج مفارقة جذريّة: فالحقيقة تُستعصي عبر انعاكسات الزجاج وتشويهه، وفي الوقت ذاته تُحاكى بشكل دقيق وبقربٍ لا يمحى من العالم الواقعي.

يقرأ  معاينة مجلة جوكستابوز: سلسلة إميلي كوآن «صعود حرير العنكبوت» تُسلّط الضوء على جناح ديمين في معرض الآرموري بنيويورك

يضم المعرض أيضاً مجموعة من Fotobilder (لوحات الصور) لريشتر، من بينها Blumen (زهور، 1992)، Torso (جذع، 1997)، وKl. Badende (السباح الصغير، 1994). منذ مطلع مسيرته الفنيّة في بداية ستينيات القرن الماضي استخدم ريشتر الصور الفوتوغرافية مصدراً لعمله؛ فقد استلّت لوحاته الأولى صوراً من الإعلانات ووسائل الإعلام والأرشيفات ذات الانتشار الواسع، إلى جانب صور عائلية ولقطات عفوية.

مبتعداً عن التصوير التقليدي الواقعي، يميل ريشتر إلى طمس الموضوعات المصوّرة لتعقيد العلاقة بين الرسم والتصوير الفوتوغرافي. كما لاحظ المؤرخ الفني جون ت. باولتي: «كما أن الصورة الفوتوغرافية لا تُعيد إنتاج العالم كما هو أمام الكاميرا، كذلك لا تعيد لوحات ريشتر إنتاج الصورة الفوتوغرافية. والأهم أن ريشتر يستعين بتقنيات تشير إلى أخطاء فوتوغرافية — الصورة خارجة عن التركيز، الضبابية، التفاصيل العرضية أو المحرجة — ليعلّق بذلك على الاختيارات الفنية المتعلقة بما من واقعٍ يُعرض».

تستكشف Abstrakte Bilder (اللوحات التجريدية) لريشتر إمكانات الرسم الشكلية والمفاهيمية من زاوية مغايرة. فبُنى مُحكمة الترتيب وطَبَقات مركّبة بكثافة، تستعمل التجريد لإبراز الحضور المادي للصَبغة واللون — أسلوب إبداعي تتقاطع فيه عناصر العشوائية مع تخطيط دقيق ومقصود.

ومن بين اللوحات التجريدية المعروضة في باريس لوحة من عام 2001 تُبرز مقاطع متقاطعة من الوردي الصاخب والأخضر والأصفر الذهبي. تبرز مساحات الألوان الواسعة هذه في تناقض مع آخر لوحات الزيت التي أنجزها ريشتر بين 2015 و2017، والتي تتسم بعلامات حيوية متراكبة في تشكيلات معقّدة ذات أبعاد.

يتزامن معرض مقرّ باريس مع افتتاح عرضٍ فردي كبير لأعمال ريشتر في فونداسيون لويس فويتون. هذه الاستعادية الاستثنائيّة — التي لا تُضاهى لا من حيث السّعة ولا من حيث الامتداد الزمني — تضمّ نحو 270 عملاً تمتدّ من 1962 إلى 2024، تشمل لوحات زيتية، ومنحوتات زجاجية وفولاذية، ورسومات بقلم الرصاص والحبر، وألوان مائية، وصورٍ مطلية.

يقرأ  لورا جيمسترسم ما تحاول أمريكا نسيانه

أضف تعليق