مات مورفي وجوشوا تشيثام — بي بي سي فيريفاي
أفادت سلطات الولايات المتحدة بأنها نفذت سلسلة غارات على قوارب في بحر الكاريبي أسفرت عن مقتل عدد من مهربي المخدرات. أعلن الرئيس دونالد ترامب، عند الإعلان عن الضربة الأولى في سبتمبر، أن قواته دمرت زورقاً انطلق من فنزويلا وأنه مُشغّل من قبل كارتل ترين دي أراجوا وكان يحمل مخدرات متجهة إلى الولايات المتحدة. تلت ذلك إعلانات مماثلة في أسابيع لاحقة مصحوبة بلقطات ضبابية وبدون أي دلائل واضحة على الاتجار المزعوم أو تفاصيل قليلة عن الأفراد أو البضائع على متن كل زورق.
تؤكد السلطات الأميركية أنها تصرفت دفاعاً عن النفس بتدمير قوارب كانت تنقل مخدرات إلى الولايات المتحدة، إلا أن هذه الغارات أثارت إدانات في المنطقة. في حالة واحدة، صرح الرئيس الكولومبي أن الزورق الذي ضربته الولايات المتحدة لم يكن فنزويلياً بل «كولومبياً ويضم مواطنين كولومبيين» — وهو ما نفته البيت الأبيض. بعد الضربة الأولى، تحدثت بي بي سي فيريفاي إلى عدد من خبراء القانون الدولي والبحري، وقال كثيرون إن الولايات المتحدة ربما تكون قد تصرّفت بصورة غير قانونية عند مهاجمة تلك السفينة.
ماذا يقول القانون الدولي؟
الولايات المتحدة ليست طرفاً في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، لكن المستشارين القانونيين العسكريين الأميركيين قالوا سابقاً ان على الولايات المتحدة «العمل طِبقاً لمضامينها». بموجب الاتفاقية، تتعهد الدول بعدم التدخل في سفن تعمل في المياه الدولية، مع استثناءات محدودة تسمح للدولة بمصادرة سفينة، مثل حالة «المطاردة الحامية» حين تُلاحق السفينة من مياه دولة إلى أعالي البحار. قال البروفيسور لوك موفيت من جامعة كوينز في بلفاست: “يمكن استخدام القوة لإيقاف زورق لكن ينبغي أن تكون التدابير غير قاتلة عموماً”. وأضاف أن استخدام تكتيكات عدوانية يجب أن يكون «معقولاً وضرورياً للدفاع عن النفس عندما يهدد خطر فوري بإصابات خطيرة أو خسائر في الأرواح لموظفي إنفاذ القانون»، مشيراً إلى أن التحركات الأميركية قد تكون «غير قانونية بموجب قانون البحار».
هل كانت ضربات الولايات المتحدة بحق أعضاء الكارتل قانونية؟
تساءل خبراء أيضاً عما إذا كان قتل الأفراد المنسوبين إلى كارتل ترين دي أراجوا قد ينتهك قواعد القانون الدولي المتعلقة بحظر استخدام القوة. وفق المادة 2(4) من ميثاق الأمم المتحدة، يمكن للدول اللجوء إلى القوة عند تعرضها لهجوم ونشر عسكرييها دفاعاً عن النفس. اتهم ترامب سابقاً كارتل ترين دي أراجوا بخوض حربٍ غير نظامية ضد الولايات المتحدة، وقد صنّفت وزارة الخارجية المجموعة كمنظمة إرهابية أجنبية. بعد الضربة الأولى، قال البروفيسور مايكل بيكر من كلية ترينيتي في دبلن لبي بي سي فيريفاي إن الخطوة الأميركية «توسع معنى المصطلح إلى ما بعد نقطة التحمل». وأضاف: «وصف المسؤولين الأميركيين للأشخاص الذين قتلتهم الضربة بأنهم «نركو-إرهابيون» لا يحولهم إلى أهداف عسكرية مشروعة. الولايات المتحدة ليست في حالة نزاع مسلح مع فنزويلا أو مع منظمة ترين دي أراجوا الإجرامية». وأكد البروفيسور موفيت أن «وصم الجميع بالإرهاب لا يجعلهم أهدافاً شرعية ويتيح للدول التحايل على القانون الدولي».
سربت رسالة أُرسلت إلى الكونغرس تفيد بأن إدارة ترامب اعتبرت أن الولايات المتحدة في «نزاع مسلح غير دولي» مع عصابات المخدرات. ونشر ترمب لاحقاً مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي قال إنه يظهر لحظة الضربة الأولى. ردت البروفيسور ماري إيلين أوكونيل، من كلية القانون دام، على ضربة خامسة في أكتوبر قائلة لبي بي سي فيريفاي إنه «لم تبرز أي حقائق موثوقة أو مبادئ قانونية تبرر هذه الهجمات». واستطردت بأن «القانون الدولي وحده هو القانون ذي الصلة للسلام — أي قانون المعاهدات وحقوق الإنسان ومقوّمات الدولة».
مع ذلك دافع مسؤولون أميركيون بمن فيهم وزير الدفاع بيت هِجسِث عن العملية، وقد حيّاها بعض الجمهوريين في الكونغرس. وقال مسؤول في البيت الأبيض لبي بي سي فيريفاي إن ترامب أذن بالضربة بعد مغادرة الزورق فنزويلا وكان طاقمه من أعضاء ترين دي أراجوا، وأضاف أن الرئيس ملتزم باستخدام كل الوسائل لمنع وصول المخدرات إلى الولايات المتحدة. ورفض البنتاغون الإفصاح عن المشورة القانونية التي حصلت عليها قبل تنفيذ الضربة. في غارة نفذت في 16 أكتوبر، نجا شخصان — كولومبي وإكوادوري — قالت واشنطن إنها أعادتهما إلى بلديهما «للاحتجاز والملاحقة القضائية».
هل يحق لترامب شن هجمات من دون موافقة الكونغرس؟
أُثيرت تساؤلات أيضاً عما إذا كان البيت الأبيض امتثل للقانون الأميركي عند تفويض هذه الضربات. الدستور الأميركي يمنح الكونغرس سلطة إعلان الحرب. ومع ذلك تنص المادة الثانية من الدستور على أن «الرئيس يكون القائد الأعلى للقوات المسلحة» وقد فسّر بعض خبراء الدستور هذا البند على أنه يمنح الرئيس سلطة تفويض ضربات ضد أهداف عسكرية؛ وقد استندت إدارات سابقة، بما في ذلك إدارة ترامب عند استهداف إيران، إلى هذا الاختصاص. غير أن من غير الواضح ما إذا كان هذا الامتياز يمتد لاستخدام القوة ضد فاعلين غير دوليين مثل عصابات المخدرات.
قال رومين تشولاكوف، خبير القانون الدستوري الأميركي في كلية كينغز بلندن، لبي بي سي فيريفاي إنه منذ هجمات 11 سبتمبر اعتمد رؤساء الولايات المتحدة على قرار تفويض استخدام القوة لعام 2001 (AUMF) عند تنفيذ هجمات ضد مجموعات مسؤولة عن الهجمات. وذكر أن «نطاقه توسع باستمرار في الإدارات اللاحقة. ليس بديهيّاً أن عصابات مخدرات مثل ترين دي أراجوا تندرج ضمن صلاحيات الرئيس بموجب ذلك القرار، لكن هذا قد يكون ما يعنيه مصطلح ‘نركو-إرهابيون’». كما لا تزال مسألة امتثال ترامب لقرار سلطات الحرب معروضة للنقاش، وهو قرار يُلزم الرئيس «في كل حالة ممكنة بالتشاور مع الكونغرس قبل إدخال القوات المسلحة الأميركية في أعمال قتالية». ورغم وجود مخاوف لدى بعض الجمهوريين في الكونغرس بشأن الضربات، رفض مجلس الشيوخ قراراً في أكتوبر كان سيتطلب من إدارة ترامب الحصول على موافقة الكونغرس قبل تنفيذ أي هجمات إضافية.
ماذا نعرف عن العمليات الأميركية في المنطقة؟
ردّت حكومة فنزويلا على الضربات بغضب. ينفي رئيسها نيكولاس مادورو الاتهامات الأميركية بتورطه في تهريب المخدرات. تأتي الضربات في وقت أفادت تقارير بأن الولايات المتحدة نشرت سفناً حربية في المنطقة دعماً لعمليات مكافحة المخدرات ضد فنزويلا. باستخدام صور أقمار صناعية ومقاطع من وسائل التواصل الاجتماعي ومعلومات من متتبعات سفن متاحة علناً، حدّدنا 14 سفينة عسكرية أميركية في المنطقة، منها مدمرات بصواريخ موجهة وسفن إنزال برمائية. كما رصدنا عدداً من الطائرات العسكرية والطائرات المسيرة في بورتو ريكو. أقرّ ترامب في أكتوبر أيضاً بأنه أذن لوكالة الاستخبارات المركزية بتنفيذ عمليات سرية في فنزويلا. وقد فوّض الرئيس مكافأة قدرها 50 مليون دولار لأي معلومات تؤدي إلى القبض على مادورو، الذي أعلن انتصاره في انتخابات العام الماضي التي اعتبرها مراقبون دوليون مزورة على نطاق واسع.
تقرير إضافي: لوسي جيلدر