فتاة ترمي قشادًا من دلو أبيض إلى سرب من النوارس الجائعة. فتى على عصيان خشبية يمر متماهيًا بجانب بيت أحمر تعانقه الغيوم، ومجموعة مراهقين تقفز في المحيط فيما تضيئهما أكتاف الشمس الغاربة بلون وردي.
تتكوّن فيلم “ويندوارد” من اثنتي عشرة لوحة تصويرية؛ عمل توثيقي جديد لشارون لوكهارت عرض للمرة الأولى في مهرجان نيويورك السينمائي، يحثّنا على الانجذاب التدريجي ببطء. يصوّر الفيلم التضاريس القاسية لجزيرة فوغو في نيوفاوندلاند، حيث أمضت لوكهارت ثلاث صيفيات تتعرف فيها إلى مجتمع مترابط يضم نحو ألفي نسمة. هنا يقدم الفيلم رؤية للبشر في سلام — وكأنهم قطعة من المشهد الطبيعي ذاته. وأن تكون هذه البشَر من الأطفال يمنح كل مشهد حيوية إضافية.
تبدأ اللقطة الأولى بامتداد نحيل من السماء الزرقاء يتلوه صخر أبيض ثم مرج أخضر؛ يتصارع صوت الأمواج وهمسات الحشائش مع انتباهنا. بهدوء هذا المشهد قد تغفل عن رؤية شخصية تعبر الشاطئ في الوسط. هل هي فتاة أم فتى؟ بينما يقف الطفل فوق التلة ثم يقفز عبرها، يصبح التمايز بين الجنسين بلا أهمية أمام تلك الهيئة المتزنة.
بخلاف وجود الصغار أنفسهم — الذين توحي بشرتهم الفاتحة بوضوح إلى سياق من محو الذاكرة الأصلية سبق وجودهم — هناك إشارات قليلة للحضور البشري: كومة قطع خشبية مهجورة هنا أو حوض قديم متأخر الميل على التلة هناك. في أحد المشاهد ينزلق ظل طايرة ورقية فوق جرف قبل أن تطفو الشراع داخل الإطار. يقف فتى بقميص أحمر تحته، يسحب بخفة خيطًا غير مرئي؛ وفي الخلفية تلامح قطع لونية صغيرة تنحدر على تشكيل جيولوجي، الدليل الوحيد على أنه ليس وحيدًا. لكن الشعور بالوحدة في هذه الأماكن لا يبدو مقهورًا. نحن مدعوون إلى رؤية شبه ما قبل السقوط لطفولة فطرية: لا هواتف، لا شاشات، ولا إحساس داهم بأزمة مناخية وشيكة.
هنا تبدو سينما لوكهارت من نوع “الريفية المتطرفة” ملامسةً روح الرومانسية، تمزج بين المُبهر والجاذب. اللقطة العامة الممتدة تُستخدم إلى حد البُكر الريفي؛ فهي، إلى جانب جعل البشر صغارًا مقارنة بالمكان، تدعو كل لوحة لمراقبتهم وهم يمرحون كجزءٍ من المحيط الطبيعي. عندما تلعب فتاتان في مرج مبعثر بالحجارة والقصب الصفّار، فإنهن يندمجن في المكان، كما الحال مع الأولاد النحيلين الذين يقتربون من المدّ، صوت الأمواج يغمر صراخهم الفج.
عرفت لوكهارت بدقتها في تركيب الصورة الفوتوغرافية، وطباعة أعمالها بأحجام ملحمية، كما في تسجيلها عام 2008 للعاملين في بناء السفن في “باث آيرون ووركس” في مين. كما لُقّبت بصانعة بورتريهات مؤثرة للأطفال، كما في سلسلة “باين فلات” عام 2005. لكن بدل أن تمنحنا فرصة للاقتراب من شخصياتهم الفردية، تعرض “ويندوارد” شباب فوغو من مسافة تجعلهم متراحمين لا متميزين. هم جزء جوهري من المشهد الذي بحضورهم يخفت قسوة العزلة.
قالت لوكهارت مرة في مقابلة عام 2010 مع المخرج جيمس بنينغ إنها لا تعتقد أن كثيرين يجلسون فعلاً لمشاهدة فيلم من البداية إلى النهاية داخل معرض. عندما يُعرض “ويندوارد” في قاعة السينماء، يطالبنا بأن نفعل بالذات — أن نشعر بالصِغر والعظمة معًا في آن واحد.
“ويندوارد” (2025) من إخراج شارون لوكهارت، أُنتج بالتعاون مع مؤسسة فنون جزيرة فوغو، ومؤسسة فيغا، والمعرض الوطني لكندا، بدعم معرض باور بلانت للفن المعاصر. عرضه الأول كان في الدورة الثالثة والستين من مهرجان نيويورك السينمائي في 27 سبتمبر.