سرقة جريئة وقعت في متحف اللوفر يوم الأحد — هرب خلالها لصوص بمجوهرات كانت تابعة لنابليون الثالث والإمبراطورة يوجيني — فسرت بسرعة بوصفها شرارة سياسية في فرنسا، واستُغلت من أطراف طيف السياسة كلها للهجوم على حكومة إيمانويل مارون والقيادة الثقافية فيها.
سرعان ما تحولت السرقة إلى رمز مختزل لما يصفه منتقدو ماكرون: دولة أضعفتها سياسات التقشّف، سلطة متذبذبة، وإهمال مؤسساتي. الجريمة البارزة استُخدمت دليلاً على فشل منظومي بحسب هؤلاء.
الجناح اليميني كان الأكثر صخباً، واستهدف الائتلاف الوسطي الحاكم، Ensemble pour la République. وزيرة الثقافة رشيدة داتي، ومديرة اللوفر لورنس دي كار، ومسؤولون ثقافيون آخرون وجدوا أنفسهم في مرمى الانتقادات.
كتب جوردان بارديلّا، رئيس حزب التجمع الوطني، على منصات التواصل: «اللوفر رمز عالمي لثقافتنا. هذه السرقة، التي أتاحت للّصوص سرقة جواهر التاج الفرنسي، إذلال لا يُطاق لبلدنا. إلى أي مدى ستصل حالة تدهور الدولة؟»
سياسيون آخرون من يمين المتطرّف ربطوا الحادث بسردية أوسع عن تفكك حكم ماكرون و«جنون الووك»، وذهبت ماريون مارشال، مؤسسة حزب الهوية–الحريات وعضوة البرلمان الأوروبي، إلى حد وصف السرقة بأنها «إذلال»، وطالبت باستقالة مديرية اللوفر ورئيس الأمن، اللذين عيّنتهما داتي، متهمة الوزيرة — دون دليل — بتبني «سياسة تأنيث» في التعيينات على حساب الكفاءة.
مارين لوبان اعتبرت السرقة «طعنة في الروح الفرنسية»، وأضافت أن أي اعتداء على التراث الوطني هو جرح للوجدان الوطني، ودعت إلى وقفة جادة لأن المتاحف والمباني التاريخية «ليست محصّنة بما يتناسب مع الخطر الذي يهددها».
إريك سيوتي قال إن الحادث يعكس «ضعف الدولة»: «عندما لم تعد الدولة تضمن أمن كنوزها، يصبح الوطن بأسره مهدداً»، بينما ذهب عضو آخر من التجمع الوطني إلى الادعاء بأن المتاحف الفرنسية «غير موَفّرة الحماية اللازمة عن عمد».
على اليسار أيضاً وُجّهت انتقادات، وإن اختلفت الأسباب: غالباً ما نُسبت المسؤولية إلى سياسات التقشّف وتقليص الموظفين بدل الإهمال المتعمد. كتب دافيد بيليار، نائب رئيس بلدية باريس عن الخضر، متسائلاً لماذا تُهمل تحذيرات موظفي المتحف بشأن ثغرات أمنية من قبل إدارة المتحف والوزارة؟
الرئيس الاشتراكي الأسبق فرانسوا هولاند شدد على أن تعزيز أمن المتاحف أقلّه أولوية، ولكن على السلطات أيضاً «مطاردة المجموعات والعصابات، وحتى الذين يصدرون الأوامر من الخارج، لاستعادة قطع ذات قيمة استثنائية».
يان بروسّا من الحزب الشيوعي وضع اللوم مباشرة على داتي، معتبراً أن المطلوب من وزيرة الثقافة أن تحافظ على ميزانيات تشغيل المؤسسات الثقافية بدل المشاركة في تهميشها.
عضو برلمان وسطّي، ألكسندر بورتييه، أعلن نيته اقتراح لجنة تحقيق برلمانية «حول حماية التراث الفرنسي وأمن المتاحف».
النقد تركز بشكل لافت على رشيدة داتي، التي جاءت تسميتها للوزارة مفاجِئة للبعض واعتُبرت محاولة من ماكرون لتوسيع قاعدته السياسية، لكنها في المقابل جعلت منها هدفاً سهلاً لهجمات من اليمين واليسار على حد سواء.
وقعت السرقة في أسوأ توقيت لحكومة ماكرون؛ إذ لم تكد تمرَّ أيام على تصويت لعدم الثقة نجت فيه حكومته بصعوبة. هذا التصويت، الذي تقدّم به حزب فرنسا المتمردة اليساري، أبرز هشاشة الولاية الثانية لماكرون وتصدعات ائتلافه الذي يكافح لاحتواء صعود التجمع الوطني وحركة اليسار الديمقراطي.
بالنسبة إلى طبقة سياسية متعطشة لالتقاط أي هفوة لحكومة ماكرون، باتت سرقة اللوفر بمثابة «دم في الماء» — إغراء لا يمكن تجاهله في معركة النفوذ السياسي.