انقطاع واسع في خدمات السحابة يؤثر على آلاف المواقع والخدمات
أعلنت شركة Amazon Web Services (AWS) مساء الاثنين أنها نجحت في احتواء وإصلاح عطل كبير أطفأ خدمات عدد من أكبر المواقع والتطبيقات العالمية لجزء كبير من اليوم. أثر الانقطاع على أكثر من ألف تطبيق وموقع، من منصات التواصل الاجتماعي مثل Snapchat إلى مؤسسات مالية مثل Lloyds وHalifax، فيما صعدت بلاغات المستخدمين على منصة رصد الأعطال Downdetector إلى أكثر من 11 مليون تقرير خلال ذروة الحادث.
سرد الحادث
تشير البيانات الأولية إلى أن المشكلات بدأت نحو الساعة 07:00 بتوقيت بريطانيا، حين بدأت شكاوى التوصّل إلى خدمات متنوعة تتراوح بين ألعاب إلكترونية ضخمة كـ Fortnite وتطبيقات تعلم اللغات مثل Duolingo. في ساعات الصباح الأولى، سجلت Downdetector أكثر من أربعة ملايين بلاغ خلال بضع ساعات عن أعطال في ما يزيد على 500 موقع—وهو ضعف متوسط ما تسجله المنصة في يوم عمل طبيعي—ثم ارتفعت الأرقام لاحقًا لتتجاوز 11 مليون بلاغ مع محاولة خدمات إضافية مثل Reddit وLloyds Bank التعافي.
ما الذي حدث؟
لم تقدم أمازون بعد بيانًا تفصيليًا نهائيًا يفسر سبب الانقطاع، لكنها أوضحت على صفحة حالة خدماتها أن المشكلة «تبدو مرتبطة بحلّ أسماء نطاقات (DNS) لنقطة نهاية DynamoDB في المنطقة US‑EAST‑1». الـDNS، الذي يُشبه دفتر الهاتف للانترنت، يترجم أسماء المواقع الصديقة للمستخدم إلى عناوين رقمية يمكن للأجهزة قراءتها. أي خلل في هذه الطبقة الأساسية يمكن أن يجعل المتصفحات غير قادرة على تحديد مكان المحتوى المطلوب؛ ومن هنا اتساع دائرة التأثير.
تداعيات تقنية وبنيوية
بعد إصلاح السبب الجذري، أبلغت أمازون في نحو الساعة 23:00 بتوقيت بريطانيا عن «عودة جميع خدمات AWS إلى العمليات الطبيعية»، لكن الشركة اضطرت في وقت سابق إلى تقييد أجزاء من بنيتها التحتية للتعامل مع جذور المشكلة، ما أعاد إشعال سلسلة من «الأعطال المتتالية» بحسب خبراء. وصف مايك تشابل، أستاذ تكنولوجيا المعلومات بجامعة نوتردام، الموقف بأنه أشبه بانقطاع واسع للتيار الكهربائي: فرق الصيانة قد تعيد التغذية جزئياً فتحدث طفرات أو تقطعات أخرى إذا اقتُصِرت المعالجة على الأعراض دون معالجة السبب الحقيقي.
المخاوف من الاعتماد المتركز
أثار الحادث تساؤلات واسعة حول مخاطر اعتماد اقتصادات ومشغلو خدمات رقمية على عدد محدود من مزودي السحابة. قال ألان وودوارد، أستاذ بجامعة سري: «ما أكده هذا الحادث هو مدى الترابط والاعتماد المتبادل على بنيتنا التحتية». ورأت كوري كرايدر، من معهد مستقبل التكنولوجيا، أن الوضع أشبه بانهيار جسر؛ جزء أساسي من الاقتصاد تهاوى. مع سيطرة مزودي السحابة الرئيسيين — أمازون ومايكروسوفت وجوجل — على نحو 70% من السوق، بدا الوضع «غير مستدام» وفق كلماتها، مطالبةً بمراجعات هيكلية وتعزيز الخدمات المحلية لتقليل المخاطر على الأمن والسيادة والاقتصاد.
آراء من الصناعة
نبه ماثيو برنس، الرئيس التنفيذي لشركة Cloudflare، إلى أن السحابة تتيح مزايا هائلة في التوسعة، لكنها حين تتعطل قادرة على إيقاف خدمات كثيرة نعتمد عليها. وأشار كين بيرمان، أستاذ علوم الحاسوب بجامعة كورنيل، إلى أن مسؤولية جزء من المشكلة تقع عند مطوري التطبيقات الذين لم يكفلوا آليات احتياطية كافية لتشغيل تطبيقاتهم الحرجة في حال فشل مزود السحابة. وأضاف: «نعرف كيفية تقوية هذه الأنظمة وتصميمها بأمان، لكن يلزم استثمارٌ أكبر في بنى احتياطية».
انعكاسات قانونية وتجارية
قد تحمل مثل هذه الأعطال تداعيات قانونية وتجارية طويلة الأمد. يستدعي الحادث مقارنات بسابقة CrowdStrike التي تكبدت آثارها شركات كبرى؛ فبعد عطل سابق، طالبت دلتا إيرلاينز الشركة بتعويضات تتجاوز 500 مليون دولار، بعد أن اضطرت لإعادة تهيئة يدويّة لنحو 40 ألف خادم مما أدى إلى تأخيرات جوية كبيرة على مدى أيام.
خلاصة واستنتاجات
أبرز العطل الأخير هشاشة الاعتماد المكثف على مزودي سحابة مركزيين والحاجة الملحّة لتبني استراتيجيات مقاومة أفضل على مستوى المؤسسات والدول، تشمل تنويع المصادر، بنى احتياطية متوزعة، وسياسات تنظيمية قد تفرض فواصل هيكلية أو حوافز للخدمات المحلية. الخبراء يتفقون: يمكن تقليل المخاطر الكبيرة عبر مزيج من التصميم الهندسي الأفضل، استثمارات في التعافي عند الكوارث، وإطار تنظيمي يعيد توازن السوق بعيدًا عن تركيز الاحتكار.
ملاحظة: الحادث يذكرنا بأن أي بنية تحتية—even الرقمية—لا تقبل الإهمال في التصميم أو إدارة المخاطر، وأن تأثير أخطاء صغيرة أو بشرية قد يتسع ليطاول أجزاء واسعة من الاقتصادات الحديثة.