مدير عام منظمة الصحة العالمية يحذر: أزمة الصحة في غزة ستستمر «لأجيال»

حذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، من أن غزة تعيش «كارثة» صحية ستستمر لأجيالٍ قادمة.

قال د. تيدروس لبرنامج Today على إذاعة BBC Radio 4 إنّ ثمة حاجة ماسة إلى زيادة ضخمة في المساعدات لبدء معالجة الاحتياجات المعقّدة لسكان القطاع.

سمحت إسرائيل بمرورَ مزيدٍ من الإمدادات الطبية وغيرها منذ دخول وقف إطلاق النار مع حماس حيز التنفيذ في 10 أكتوبر، لكن د. تيدروس أشار إلى أن هذه الكميات لا تزال أقل مما يلزم لإعادة بناء منظومة الرعاية الصحية في القطاع.

تأتي مداخلته بينما تحاول الولايات المتحدة تدعيم وقف إطلاق النار الذي ساعدت على التفاوض بشأنه، وذلك بعد تجدد أعمال العنف خلال عطلة نهاية الأسبوع.

ووصفت البيت الأبيض الاتفاق بأنّه المرحلة الأولى من خطة سلام تضمّ عشرين بنداً، من بينها زيادة حجم المعونات وإيصال الإمدادات «دون تدخل» من أي طرف.

أعرب د. تيدروس عن ترحيبه باتفاق وقف إطلاق النار، لكنه لفت إلى أن الزيادة في حجم المساعدات التي تلاها كانت أصغر من المتوقع.

على الأرض، قال إنّ أهل غزة عاشوا مجاعةً، وإصاباتٍ «طاغية»، وانهياراً في النظام الصحي، وتفشياً للأمراض ناجماً عن تدمير شبكات المياه والصرف الصحي.

وأضاف: «إلى جانب ذلك، هناك تقييد في الوصول إلى المساعدات الانسانية. هذا مزيج قاتل للغاية، يجعل الوضع كارثياً ولا يوصف بالكلام.»

وحول آفاق الصحة على المدى الطويل في غزة أوضح: «إذا جمعت بين المجاعة والمشكلات النفسية التي نرى أنها منتشرة للغاية، فالمشهد يتحول إلى أزمة تمتد لأجيال.»

قال توم فليتشر، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في وقت سابق هذا الأسبوع إن منظمات الإغاثة «تبدأ في قلب المدّ في أزمة الجوع» لكنه أضاف أن «المطلوب أكثر بكثير».

يقرأ  المحكمة العليا في الهند: كلاب الشوارع في دلهي لن تُنقل إلى الملاجئ

وقالت برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يوم الثلاثاء إن شاحنات تحمل أكثر من 6700 طن من المواد الغذائية دخلت منذ 10 أكتوبر، لكن ذلك لا يزال أقل بكثير من هدفها المتمثل في 2000 طن يومياً.

أوضح د. تيدروس أنّه يجب أن تدخل إلى غزة 600 شاحنة إغاثة يومياً، بينما يبلغ المتوسط الحالي بين 200 و300 شاحنة، داعياً السلطات الإسرائيلية إلى «فصل» إيصال المساعدات عن الصراع الأوسع.

شوهد مواطنون يجمعون صناديق تحمل مساعدات برنامج الأغذية العالمي في وسط غزة أول من الثلاثاء.

أوقفت إسرائيل مؤقتاً عمليات تسليم المساعدات يوم الأحد بعد أن قالت إن اثنين من الجنود الإسرائيليين قُتلا في هجوم نفذه مسلحو حماس داخل غزة؛ ونفت حماس حينها علمها بوقوع اشتباكات.

رد الجيش الإسرائيلي بشن سلسلة غارات جوية عبر القطاع أوقعت عشرات القتلى الفلسطينيين.

استؤنفت عمليات تسليم المساعدات في اليوم التالي بعد ضغوط دولية واسعة.

قال د. تيدروس إن المساعدات لا ينبغي أن تُستخدم كسلاح، ودعا إسرائيل إلى عدم فرض شروط على إيصالها، بما في ذلك الشروط المتعلقة بردّ رفات الرهائن القُتلى الذين ما زالوا في غزة، وهو ما أصبح نقطة خلاف رئيسية خلال وقف إطلاق النار.

التزمت حماس بإعادة الجثامين، لكنها نقلت حتى الآن 15 من أصل 28 فقط، قائلة إنها لم تتمكن من استعادة البقية.

أُفرج عن عشرين رهينة إسرائيلياً على قيد الحياة الأسبوع الماضي مقابل إطلاق سراح ما يقرب من 2000 سجين وموقوف فلسطيني في السجون الإسرائيلية، ومن بين هؤلاء الاسرى طبعاً معتقلون سياسيون ومدنيون.

قال د. تيدروس لبرنامج Today: «يجب أن يكون هناك وصول كامل، لا ينبغي أن تكون هناك أية شروط، خصوصاً بعد إطلاق سراح الرهائن الأحياء ونقل جزء كبير من الجثث. لم أتوقع أن تُفرض قيود إضافية.»

يقرأ  هل تحاول الولايات المتحدة الإطاحة برئيس فنزويلا نيكولاس مادورو؟برامج تلفزيونية

وعن الدور الذي يجب أن تلعبه الولايات المتحدة، قال د. تيدروس إنه «بما أن الولايات المتحدة هي من توسطت في صفقة السلام، فهي تتحمل مسؤولية التأكد من احترام جميع الأطراف لها.»

تشغّل إسرائيل حالياً معبَريْن — كرم شالوم في الجنوب الشرقي وكيسوفيم في وسط غزة — لكنها ما تزال تتعرض لمطالب من منظمات الإغاثة بفتح كل طرق الوصول التي تتحكم بها.

أوضح د. تيدروس أن «جميع المعابر المتاحة» مطلوبة لضمان دخول كمية كافية من المساعدات إلى غزة، ودعا إلى السماح لمنظماتٍ كانت محرومة من التسجيل بالعودة للعمل داخل القطاع، قائلاً: «لا يمكن أن يكون هناك استجابة موسّعة دون من لديهم القدرة على التنفيذ على الأرض.»

كما أشار إلى أن أجهزة ومعدات كانت مخصصة لإعادة بناء النظام الصحي في غزة صودرت على الحدود لأن السلطات الإسرائيلية تقول إنها قد تكون ذات استخدام مزدوج لأغراض عسكرية.

وقال موضحاً: «إذا أردت بناء مستشفى ميداني فستحتاج للسطوح والركائز [الخيام]. فإذا أزيلت الركائز بحجة أنها قد تستخدم لأغراض مزدوجة، فلن تستطيع نصب خيمة.»

أفاد د. تيدروس أيضاً بأن آلاف الفلسطينيين ينتظرون رحلات إجلاء طبي أسبوعية، مع العلم أنه لم تقلع أية رحلة منذ أسبوعين بسبب عطلات دينية في إسرائيل. قال إن ٧٠٠ شخصًا لقوا حتفهم سابقًا أثناء انتظارهم لاخلاءٍ طبي، ودعا إلى زيادة عدد الرحلات.

شنّت إسرائيل حملة عسكرية على غزة ردًا على هجوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، الذي قُتل فيه نحو ١٢٠٠ شخص على يد مسلحين بقيادة حماس، وأُسرَ ٢٥١ آخرون.

وقالت وزارة الصحة في القطاع، التي تُدار من قبل حماس، إن ما لا يقل عن ٦٨٬٢٢٩ قُتلوا في هجمات إسرائيلية منذ ذلك الحين.

في يوليو خلصت جهة مدعومة من الأمم المتحدة إلى أن المجاعة قد وقعت في غزة، رغم أن إسرائيل اعترضت على النتائج وصرّحت بأنه «لا يوجد تجويع».

يقرأ  تقارير غير مؤكدة: سيلينا غوميز تتزوج من المنتج الموسيقي بيني بلانكو في كاليفورنيا

قدّرت الأمم المتحدة سابقًا أن إعادة إعمار غزة ستكلّف نحو ٧٠ مليار دولار (٥٢ مليار جنيه إسترليني). وقال الدكتور تيدروس إن نحو عشرة بالمئة من هذا المبلغ يجب أن يُنفق على نظامها الصحي المتضرر بشدّة.

وأضاف: “نكرّر منذ زمن طويل أن السلام هو أفضل دواء.”

وتابع: “وقف اطلاق النار الذي لدينا هش للغاية، وقد تُكرّرت خروقات عدّة فمات بعض الأشخاص حتى بعد التهدئة.”

“ما يثير الحزن حقًا أن كثيرين كانوا يهللون في الشوارع فرحًا باتفاق السلام، وتخيّل أن بعض هؤلاء أنفسهم لقوا حتفهم بعدما أُبلغوا أن الحرب قد انتهت.”

أضف تعليق