قاعدة “3 قبل أن تسألني”
مقدمة
قاعدة “3 قبل أن تسألني” هي استراتيجية صفية بسيطة لكنها فعّالة، تُعدّ في آن واحد أسلوباً للتدريس وللتعلّم. تنصّ على أنّ الطالب عندما يواجه عقبة أو لا يعرف كيف يتقدّم، عليه أولاً أن يطلب المساعدة من ثلاثة مصادر مختلفة قبل أن يلجأ إلى المعلم.
كيف تتطوّر الاستراتيجية؟
يمكن تكييف القاعدة بطرق عدة: مثلاً عند تعطّل الطالب عن حل مسألة معينة، يُطلب منه أن يجرب ثلاث طرق مختلفة لحلها قبل الاستعانة بالمعلم. كما يمكن أن نطلب من الطالب أن يسأل شخصاً واحداً ويستعين بمصدرين، أو أن يسأل شخصين ويستخدم مصدراً واحداً. وفي ترتيب المجموعات داخل الفصل يمكن مطالبة الطالب بالذهاب إلى ممثل عن ثلاث مجموعات مختلفة. الهدف هو منح المرونة بما يخدم سير التعلّم.
لماذا هي مهمة؟
القدرة على حل المشكلات بشكل مستقل وتعاوني تمثّل عنصراً أساسياً في أي فصل حديث وفعّال. كثيراً ما يلجأ الطلاب مباشرة إلى المعلم عند الشعور بالجمود، لكن في الواقع قد تحل المشكلة بالاعتماد على مصادر متعددة داخل الصف: زملاء أكثر دراية، كتب، محركات بحث، أو مصادر مرجعية أخرى. تعزيز قدرة الطلاب على التنقّل بين موارد المعلومات واتخاذ المبادرات يبني لدى المتعلّم الاستعداد والقدرة على مواجهة المشكلات المعقّدة.
ما الذي تتطلبه هذه القاعدة؟
تتطلّب القاعدة أن يتبنّى الطلاب عقلية نموّ Learning mindset — أي الإيمان بإمكانية التحسن وبأنّ الجهد يؤدي إلى تطوير القدرة — وأن يمرّوا بممارسات متكررة حتى تصبح الاستجابة انعكاساً تعلمياً. كما يجب أن تتوفر في الصف إجابات أو مصادر معقولة: زملاء أكفّأ، مراجع، أدوات بحث. قد لا يكون العجز دائماً معرفياً؛ فقد يكون متعلقاً بسير العمل أو بالتوجيهات، وفي تلك الحالات تكون القاعدة سريعة الفاعلية. أما إذا كان النقص في المهارة أو المعرفة، فستبقى حاجة المعلم واردة لكن بنسب أقل من الحالة التقليدية.
البعد التربوي والتمكين
مع مرور الوقت، تساعد هذه الاستراتيجية على نقل الطالب من مرحلة “التعلّم للقيام” إلى “التعلّم لأداء أفضل”. لكن لا يغني ذلك عن الحاجة إلى نهج شامل يجمع بين التعلّم، ومساندة الآخرين، والاهتمام المتبادل. إضافة إلى إتقان المحتوى والتفكير النقدي، يحتاج الطلاب إلى زمن وخبرات لبناء كفاءاتهم كقراء وكتاب ومفكّرين — أي كطلاب مستقلين. نتعلّم أكثر عندما نعمل إلى جانب أو في علاقة مع زملائنا بدل المقارنة المستمرة فقط.
التأثير المجتمعي
فقط عبر النمو والاستقلال عن المؤسسات والبالغين نستطيع بناء مجتمع قادر على إحداث تغيير حقيقي وحلّ تحديات مستمرة، لا مجرد تكرار نفسها. نماذج التدريس التقدّمي يجب أن تضع البشر أولاً وتركّز على تطوير مقدرة الفرد على تحديد المشكلات وحلّها بنفسه. قاعدة “3 قبل أن تسألني” ليست حلاً ثورياً، لكنها خطوة بسيطة نحو تعلّم ذاتي مَنظّم.
خاتمة
في كثير من المدارس يُقاس التعلّم بوحدة المراجع أو بمدى اقتراب الطالب من أهداف محدّدة، بينما نغفل أحياناً عناصر أساسية مثل القدرة على تحديد المشكلات، والبحث عن مصادر، والمثابرة خلال حالة عدم اليقين، وبناء ثقافة تعلمية مستدامة. الاستخدام المتواصل لقاعدة “3 قبل أن تسألني” يمكن أن يسهِم في تحقيق فهم أعمق ويخلق بيئة تعلمية أكثر استدامة لكل من المعلم والطلاب.
ملاحظة قصيرة
تطبيق هذه القاعدة يحتاج إلى وضوح في التوقعات، تدريب مستمر، وتوفير مصادر داخلية في الصف، حتى لا تتحوّل المطالبة إلى عائق أمام من يحتاج فعلاً لتوجيه المعلم. وفي النهاية، الهدف هو بناء استقلاليه وقدرة لدى الطلاب على القيادة المعرفية لأنفسهم.