هل جيه دي فانس محقّ في اتهام اليسار بالعنف السياسي في الولايات المتحدة؟ — أخبار دونالد ترامب

كيف استُخدمت حادثة اغتيال تشارلي كيرك لتأطير العنف السياسي

بعد اغتيال الناشط المحافظ تشارلي كيرك في سبتمبر، وظّف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائب الرئيس جيه دي فانس الحادثة لصياغة أجندتهما السياسية من خلال تحميل اليسار مسؤولية تصاعد العنف السياسي. قال فانس أثناء استضافته لبرنامج بودكاست في 15 أكتوبر: «العنف السياسي، هذه حقيقة إحصائية أنه مشكلة أكبر لدى اليسار»، وأضاف بعد دقيقة: «الآن، الدافع العنيف أكبر لدى اليسار منه لدى اليمين».

المصدر المقتبس وحده لا يكفي
المتحدثون باسم فانس والبيت الأبيض استندوا لاحقاً إلى دراسة لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) تناولت الهجمات والجرائم ذات الدوافع السياسية بين 1994 وحتى 4 يوليو 2025. أظهرت جزءاً زمنياً ضيقاً —الستة أشهر الأولى من 2025— حيث تفوّقت الهجمات الموصوفة بأنها «يسارية» على تلك المنسوبة لليمين، لكن هذا التفوق استند إلى عدد قليل من الحوادث: أربع هجمات ومخطط واحد مُحبط.

حدود التعريفات والقياسات
الدراسة عرّفت «الإرهاب» بأنه استخدام العنف أو تهديده بقصد تحقيق أهداف سياسية عبر إحداث أثر نفسي واسع، لكن الباحثين أشاروا إلى صعوبة حسم أيديولوجيا بعض الفاعلين. في حالات كثيرة تتشابك الدوافع إلى ما يشبه «سلّة أيديولوجيات» كما وصفها مسؤولون أمنيون سابقون. لذلك، تصنيف اعتداء ما على أنه «يساري» أو «يميني» ليس دائماً واضحاً أو متفقاً عليه بين المراكز البحثية.

ما تُظهره المقارنة الأطول أمداً
الدراسات الأوسع والبيانات الممتدّة على عقود عدة تميل إلى الإشارة إلى مستويات أعلى للعنف اليميني بمرور الزمن. مثلاً، تحليل معهد كاتو الذي شمل قتلى الهجمات السياسية من 1 يناير 1975 حتى 10 سبتمبر 2025 سجّل 3,597 قتيلاً، وخلص إلى أن المنحى العام لعدد الوفيات كان الأعلى بين من وُصفوا بأنهم متأثرون بما سُمّي «الأيديولوجية الإسلامية» (حوالي 87% من الوفيات)، بينما سجّل المُهاجمون اليمينيون نسبة تقارب 11%، واليساريون نحو 2%. استبعاد هجمات 11 سبتمبر 2001 يوضح تقدماً أكبر لنسبة وفيات المنفذين اليمينيين أيضاً، والقياسات منذ 2020 أظهرت أيضاً أعداداً أعلى مرتبطة باليمين.

يقرأ  إسرائيل تخوض معركة متعددة الجبهات من ميادين القتال إلى ساحات السياسة

خلاصة الباحثين والخبراء
باحثون في علم الاجتماع مثل آرثر جيبسون وبول بيكر من جامعة دايتون كتبوا أن العنف السياسي رغم ضآلته ضمن مجمل الجرائم العنيفة له تأثير غير متناسب، إذ أن حالات نادرة قد تضخم الخوف وتؤثر على السياسات وتزيد الاستقطاب المجتمعي. وبيّن بيكر في مقابلة مكتوبة أن نتائج ستة أشهر تُحيل إلى احتمال حدوث تحوّل لكنها لا تكفي لإلغاء سنوات من بيانات ومنشورات متعددة تشير إلى عكس ذلك؛ أي أن فارق حوادث قصيرة الأمد (مثلاً 5 مقابل 1) ليس مبرراً لتغيير السياسات أو للتعميم على المدى الطويل.

ما الذي يقوله تقرير CSIS تحديداً
التقرير أوضح أن العنف اليساري ارتفع من مستويات منخفضة منذ 2016 لكنه يظل أدنى بكثير من المستويات التاريخية للعنف الذي نفذه متطرفون يمينيون أو جهاديون. كما لاحظ انخفاضاً حاداً في هجمات اليمين خلال النصف الأول من 2025، وربط الباحثون ذلك جزئياً بتبني إدارة ترامب لجزء من رواسب الشكاوى الأيديولوجية اليمينية، ما قلّص دوافع الاحتجاج المسلح لدى بعض المتطرفين. كذلك بين التقرير أن هجمات اليسار كانت أقل فتكا؛ خلال العقد الأخير تسببت بهجمات يسارية في مقتل 13 شخصاً مقابل 112 على يد مهاجمين يمينيين، وأن كثيراً من هجمات اليسار استهدفت منشآت محمية أو أفراد محددين، مما حدّ من عدد القتلى.

التباين بين الدراسات
لا تتفق كل الدراسات دائماً على تصنيفات الجناة؛ فمثلاً صنّف معهد كاتو شخصاً متهماً في مقتل موظفين بسفارة إسرائيل خلال مايو 2025 بأنه «يساري»، بينما وصفه تحليل CSIS بأنه صاحب دافع «قومي إثني». الفروقات تنبع من اختلاف معايير الحساب—بعضها يحصي الوفيات فقط بينما الآخر يشمل الهجمات المحبطة وغير القاتلة.

التقييم النهائي
تصريح جيه دي فانس بأن «العنف السياسي حقيقة إحصائية أكبر على اليسار» يستند إلى شريحة زمنية قصيرة ومحدودة ويهمل السياق الأوسع للبيانات التاريخية. الحقيقة الجزئية موجودة—ارتفعت حوادث يسارية في النصف الأول من 2025—لكن الادعاء العام يُعمّم استنتاجاً لا تدعمه صورة البيانات على المدى الطويل. لذا نقيّم التصريح: في الغالب خاطئ.

يقرأ  الجيش المالي يعتقل جنرالات وعميلًا فرنسيًا مشتبهًا به في مخطط انقلابأخبار عسكرية

تقييمنا: في الغالب خاطئ.

أضف تعليق