جيديون بوك يدخل عالم السياسة

ذهبت إلى معرض جيديون بوك «غزة ولوحات أخرى» في مركز الإنترتشرتش وكنت ممتلئًا بالأسئلة. بوك يطبّق الطلاء بطرق مختلفة في كل مجموعة من أعماله التي شاهدتها من قبل، فتساءلت كيف تتكامل هذه المجموعات معًا، وإن كانت أصلاً تحتاج إلى أن تتكامل. ازداد فضولي عندما علمت أن المعرض يتضمن عملًا بعنوان «غزة» (2025)، إعادة تأويل لبيكاسو لعمله المناوئ للحرب «غرنيكا» (1937) كرد فعل على الهجوم الإسرائيلي المستمر على فلسطين — جانب من عمل بوك لم أعهده لدى الفنان الذي أمضى سنوات يصوّر مشاهد استوديوهاته.

إلى جانب لوحات الاستوديو التي عمل فيها بوك بين 2004 والآن، ضمَّ المعرض عملين بعنوان «غزة» (أحدهما بحجم «غرنيكا»)، نسخة عن لوحة أرتميسيا جنتيليسكّي «يوديث وخادمتها مع رأس هولوفرنس» (1624)، والعديد من لوحات أغلفة الألبومات — إحدى هواجسه المتكررة.

ما لفت انتباهي فورًا في لوحات الاستوديو كان دقته في التفاصيل وقدرته المحاكية، إلى جانب لوحات لونية تشبه الجواهر — لكن هل يصلح هذا الأسلوب عند إعادة إنتاج «غرنيكا» السوداء والبيضاء والرمادية الشامخة؟ في «غزة» تكيف بوك مع الموضوع بدل أن يجبر الموضوع على التكيف مع أسلوبه.

رؤيتي للإصدار الكبير من «غزة» جعلتني أقدّر بوك لاعترافه بتورطه في فعل الإنتاج الفني. معروضة على الحائط الرخامي الذي يستقبل روّاد مركز الإنترتشرتش، تعيد «غزة» رسم «غرنيكا» على قماش غير مشدود مصبوغ بالأزرق والأبيض، ألوان علم إسرائيل. هذه الألوان تربط القصف الجوي المنهجي والمستمر للمدنيين، غالبًا نساءً وأطفالًا، في بلدة غرنيكا الباسكية عام 1937 بالقتل الجماعي الجاري في غزة. لاختبار تكتيكات جديدة، وجّهت القوات الجوية الألمانية والإيطالية هجماتها في غرنيكا نحو بنايات تحتية، بينها مستشفيات ووحدات إطفاء.

بإدماج «غزة» مع أعماله الأخرى يدفعنا بوك لإعادة التفكير في العلاقة بين الفنان الاستوديوني والناشط السياسي: هل يَحتم عليك أن تكون أحدهما دون الآخر؟ رده المتواضع على لوحة جنتيليسكّي يبرز اهتمامه بالعنف والمقاومة.

يقرأ  لا تخف إنها مجرد «نهاية عالم خفيفة» مقابلة مع بوب

لوحات الاستوديو تنبض بتوترٍ بين ثلاثية أبعاد الفضاء المتراجع وغلبة ثنائية الأبعاد على كثير من الأشياء داخله، مثل اللوحات المعلقة على الجدار البعيد. يستثمر بوك هذا التوتر عبر ألوانٍ متخيلة زاهية ضمن إطار طبيعي، وتصوير الأشياء كما لو أنها منظورة من زوايا مختلفة — العيون لا تلبث ثابتة. في «الاختفاء التدريجي للأم» (Fading Mom، 2020) يصوّر بوك رأس والدته في أوضاع متغايرة، مسجلاً مرور الزمن. الرسم لا يوقف الزمن؛ إنما يعترف بعالم لا يتوقف عن التغير.

ثلاثية أعمال أخرى تُظهر أغلفة ألبومات، من بوب ديلان ودايفد باوي إلى سباركلهورس وبي جي هارفي. كلها مرسومة على لوحات مربعة وتبدو الأقراص مائلة قطريًا في الفراغ، كما لو كانت مرمية على طاولة أو أرضية.

معًا تكشف المجموعات الثلاث عن بوك الذي يقدّس بشغف ما يهمه في حياته. ومع أعمال «غزة» وسّع نطاق الخبرات التي يردّ عليها. وإذا كانت صور الاستوديو تبدو منعزلة عن العالم، فأنا متشوق لرؤية المسار الذي سيسلكه بوك لاحقًا.

معرض جيديون بوك: «غزة ولوحات أخرى» يستمر في مركز الإنترتشرتش (475 Riverside Drive، Morningside Heights، مانهاتن) حتى 14 نوفمبر. نسّق المعرض ستيفن هارفي بالتعاون مع جينيفر روبرتس.

أضف تعليق