استطلاع Art Basel وUBS حول جماعة جامعي الفن العالمي 2025
انعكاس زمن انتقال: التقرير الذي أعدته Art Basel وUBS في 2025 يبدو كصورة فورية لعالم الفن عند مفترق طرق — بين أجيال، قيم، والعوالم المادية والرقمية التي تشكل الثقافة اليوم. استُطلِع 3,100 جامعًا من ذوي الثروات العالية في عشرة أسواق، ويقدم التقرير دليلاً كميًا لما شعر به الوسط الفني منذ سنوات: مستقبل الجمع لم يعد حكراً على نخبة من رعاة جيل الطفرة (boomers). بل إنه يتشكل اليوم بصورة متزايدة على يد النساء والجيل الأول الذي نشأ متصلاً بالإنترنت.
جيل جديد من الجامعين
ما يقرب من ثلاثة أرباع المشاركين في الاستطلاع هم من جيل زد أو الألفية؛ تحول ديموغرافي يعيد تعريف كيف تُصاغ الذائقة والوصول والقيمة في الزمن الحقيقي. هؤلاء الجامعون الأصغر سنًا أكثر عالمية ورقمية، وأكثر ارتياحًا لطي حدود الفن إلى التصميم والموضة والتكنولوجيا. بالنسبة إليهم، الجمع ليس مجرد امتلاك، بل هو مشاركة فعّالة.
وتؤكد الأرقام ذلك: جامعو جيل زد يخصصون الآن في المتوسط 26% من ثرواتهم للفن — أعلى نسبة بين الفئات العمرية. محافظهم تتجاوز اللوحات لتشمل أعمالًا رقمية، قطع تصميم محدودة الإصدار، وحتى أحذية رياضية وأصول رياضية. كما يشير تمهيد التقرير إلى أن الفن «يقف اليوم جنبًا إلى جنب مع التصميم والسلع الفاخرة ومقتنيات نمط الحياة»، ما يطمس التسلسلات الهرمية التقليدية بين الحكم الجمالي وبناء الهوية الشخصية.
تأنيث السوق
في الوقت نفسه، بدأت قصة الثروة العميقة لهذا العقد — «الانتقال الكبير للثروة» — تتكشف. تقدّر UBS أن أكثر من 83 تريليون دولار ستنتقل بين الأجيال خلال العقود المقبلة، مع توقع سيطرة النساء على حصة كبيرة من هذه الثروة. بنهاية 2024 كانت المرأة تسيطر على أكثر من ثلث الثروة العالمية، ونسبة من المتوقع أن ترتفع بشكل حاد في المستقبل.
تتجلى هذه القوة المتزايدة في أنماط جمعهن: عبر 2024 والنصف الأول من 2025 أنفقت الجامعات الإناث 46% أكثر من الرجال، محقِّقات تقاربًا تاريخيًا في النشاط والتأثير. ومحتوى مجموعاتهن يعكس هذه المساواة المتنامية: الأعمال الفنية لنساء تشكل الآن 49% من مقتنيات الجامعات الإناث مقابل 40% لدى الرجال.
التداعيات الرمزية والمادية هائلة؛ لعقود كان التكافؤ المؤسسي هدفًا خيريًا، اليوم يقوده السوق نفسه. النساء لا يشتَرِين بأسلوب مختلف فحسب، بل يبنِينَ أيضاً منحًى كانونيًا مختلفًا.
عودة الفن الرقمي إلى التيار الرئيسي
إحدى نتائج التقرير اللافتة هي السرعة التي عاد بها الفن الرقمي إلى التيار الرئيسي. 51% من جامعي الثروات العالية اشتروا عملاً رقمياً في 2024–25، ما يجعله تقريبًا يحتل المرتبة الثالثة من حيث القيمة إلى جانب النحت. (نسب المشاركين الذين اشتروا: 67% لوحة، و56% تمثال).
لم تعد الشراءات الرقمية مجرد طيف من فقاعة التشفير عام 2021؛ بل أصبحت مؤشرًا على تزايد الارتياح بكيفية صنع الفن وشرائه وتداوله وعرضه. يصف التقرير هذا التحول بأنه «راحة متنامية مع أنماط تبادل سائلة وهجينة»، امتدت من غرف العرض الافتراضية إلى الرسائل المباشرة بين الفنانين والمشترين.
صعود العلاقة المباشرة
تتبلور هذه السيولة في طريقة انتقال الأعمال بين الأيدي. في 2024–25، اشترى 63% من الجامعين مباشرة من الفنانين، ارتفاعًا من 27% قبل عامين ومن 43% في 2022. ما يقرب من نصف جميع المشترين استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي: 43% اشتروا من استوديوهات، 37% كلفوا أعمالًا بنظام العمولة، و35% اشترو عبر روابط إنستغرام.
الهرمية القديمة — التاجر أولًا، الفنان ثانيًا — بدأت تنزلق. لا تزال المعارض القنوات الأكثر ثقة عمومًا، لكن التقرير يظهر أن الطريق الثاني المفضّل لدى الجامعين صار الشراء المباشر، فئة تضاعفت أكثر من مرة في سنة واحدة.
إعادة التفكير في المخاطرة
الحكمة التقليدية تفترض أن النساء أكثر تحفظًا في الاستثمار. في عالم الفن هذه الفكرة تبدو غير دقيقة للغاية. يظهر الاستطلاع أن 55% من النساء يقتنين غالبًا أعمالًا لفنانين غير معروفين، مقابل 44% من الرجال، رغم أن كلا المجموعتين يعتبران مثل هذه الشراءات عالية المخاطر. بعبارة أخرى، يعترفون بالمخاطرة ويقدمون عليها مع ذلك.
تشير البيانات إلى ثقة ثقافية — حيث يعتبر الاكتشاف رأسمالًا اجتماعيًا وواجبًا فنيًا. ربما هبطت شهية السوق لما يسمى بـ«الناشئ»، لكن بالنسبة للجامعات النساء المخاطرة لها بعدٌ تأليفي.
من الهوس إلى الاستقرار
بعد سنوات من الفورة، يبدو عام 2025 هادئًا بشكل مفاجئ. نوايا البيع تراجعت بأكثر من النصف مقارنة بـ2024، من 55% من الجامعين إلى 25%، بينما 84% ما يزالون متفائلين بشأن اتجاه السوق وفقط 4% متشائمين.
ينبع هذا التفاؤل من تحول من المضاربة إلى الرعاية: عدد أكبر من الجامعين يخططون للتبرع بأعمال للمتاحف أو توريثها للعائلة بدلًا من بيعها.
الجمع كهوية
يتخلل التقرير تحول دقيق لكنه زلزالي في الدوافع: صار الجمع أقل ارتباطًا بالامتلاك وأكثر ارتباطًا بالإسقاط — لقيم، انتماءات وسير ذاتية. كما تقول مقدمة Art Basel، يسعى جامعو اليوم إلى «تعريف أوسع للتميُّز، حيث يقف الفن جنبًا إلى جنب مع التصميم والسلع الفاخرة ومقتنيات نمط الحياة»، معبِّرًا عن «هوية تُشكَّل بقدر متساوٍ من اللذة الشخصية والروابط الاجتماعية كمِا من الدافع المالي».
قد تكون هذه العبارة أصدق مقياس لموقع عالم الفن في 2025: الثروات تنتقل، الأذواق تتنوع، والجمع — الذي كان يومًا مجالًا للتراث — أصبح فعل تعريف للذات، أو إن أردت أن تكون أكثر تشككًا، فعل بناء للعلامة التجارية. الان يتشكل مشهد جديد تتقاطع فيه السلطة، الذوق، والتقنية معًا.