سيدة أولى سابقة وقطب أعمال و«مرشح موثوق» يتنافسون على السلطة

الاحتفالات والرقص يسيطران على مهرجانات الحملة الانتخابية في ساحل العاج، لكن نبض الحشود وحماستهم لا يخفيان المخاوف المتزايدة بشأن المشهد السياسي في أكبر دولة منتجة للكاكاو في العالم.

يُجرى في السبت تصويت رئاسي يشد الأنظار ليس فقط لما يحمله من مرشحين، بل أيضاً للأسماء التي مُنعت من الترشح؛ فالرئيس الحالي ألان درامان واتارا، الذي يعتبره بعض مؤيديه بطلًا لاستعادة النمو بعد الحرب الأهلية، يسعى لفترة رابعة، وهو في الثالثة والثمانين من عمره، ما أثار رفضاً شديداً لدى من يعتبرون ترشحه ضربة للديمقراطية رغم أن الدستور يسمح به. مؤيدوه ينادونه بالأحرف الأولى من اسمه «أدو».

أبرز المعارضين الذين أُلغي ترشحهم هما تيديان تيام، الذي حُكم في أبريل بأن جنسيته الإيفوارية فقدت عندما حصل على الجنسية الفرنسية عام 1987 — وهو حكم ينفيه تيام —، والمرشح السابق لوران غباغبو الذي مُنع بسبب إدانة جنائية عام 2018. رفض غباغبو الاعتراف بهزيمته في جولة الإعادة عام 2010 أمام واتارا أشعل صراعاً ما بعد الانتخابات أودى بحياة أكثر من 3000 شخص وترك أثرًا نفسيًا عميقًا في بلد حيوي لسلسلة إمداد الشوكولاتة العالمية.

رغم ذلك، يواجه واتارا منافسة قوية لا سيما من عناصر تُعتبر ذات حضور شعبي في المدن والوسط، مع معارضة منقسمة. المرشّحّون الرئيسيون الأربعة المنافسون للرئيس العجوز هم:
– سيمون غباغبو (76 عاماً)، السيدة الأولى السابقة وزعيمة حركة «أجيال قادرة» اليسارية، وصفتها الصحف سابقاً بـ«السيدة الحديدية».
– جان-لويس بيلون (60 عاماً)، رجل أعمال ووزير سابق من أثرى رجال البلاد، يستقطب ناخبي المناطق الحضرية ومرتكز قوته في الوسط.
– هنرييت لاغو أجوّا (66 عاماً)، وزيرة أسبق ومدافعة بارزة عن حقوق المرأة.
– أهوا دون ميلّو (67 عاماً)، وزير سابق وحليف سابق للوران غباغبو.

يقرأ  خارطة طريق قائمة على البيانات لنمو المؤسساتإطلاق الكتاب الإلكتروني

بيلون، أصغر المرشحين وأكثرهم ثراءً، يحاول وصْف النمو بأنه لم يصل إلى الفقراء: «الاقتصااد ينمو، لكن ليس من أجلنا»؛ ويُعدّ بالحيوية يوماً بعد يوم، يرقص على المسرح ويؤدي حركات جودو للدلالة على جهوزيته للطاقة والعمل، ويعد الشباب بالوظائف وبإنعاش الاقتصاد وتغيير الأجيال. بدا أنه يأمل في الحصول على تأييد قاعدة حزب الوسط-اليمين التاريخي (PDCI)، لا سيما بعد أن اختار هذا الحزب في نهاية المطاف مرشحاً أُلغيت أهلّيته.

من جانبه تسعى سيمون غباغبو إلى تعبئة من يشعرون بالغبن، مستفيدة من صلاتها بمنطقة الغرب والجنوب الغربي، ومؤخراً تركز حملتها على إصلاح التعليم وإتاحة فرص أفضل للشباب. لديها دعم سياسي من تشارلز بليه غوديه، حليف سابق للزوج السابق، الذي اختار عدم الترشح لكنه يدعمها بقوة.

مخاوف اليسار واليمين من تبعات استمرار السلطة نفسها تتقاطع مع قلق أوسع من استخدام الدولة للقوة. فقد اعتُقل أكثر من 700 متظاهر في احتجاجات معارضة هذا الشهر، وحُكم على 50 منهم بالسجن ثلاث سنوات، في رد فعل حكومي وسط تحذيرات من أن هذه الإجراءات قد تمهد لاضطرابات لاحقة بعد التصويت. الذكرى المؤلمة لأعمال العنف السياسية السابقة ما تزال حاضرة، ولذا انتشرت القوات الأمنية في المدن الكبرى، وكثير من السكان اتخذوا احتياطات شخصية.

المعايير الإقليمية والقبلية تلعب دوراً كبيراً؛ فواتارا يحظى بدعم قوي في الشمال وبين الناطقين بلهجة «ديولا»، وفضّل إطلاق حملته في الغرب حيث له أصوات سابقة، في حين تجذب سيمون غباغبو قاعدتها من الغرب والجنوب الغربي، ويستهدف بيلون المدن والمناطق الوسطى وشريحة الناخبين الشباب. صغار السن الذين يصوتون لأول مرة يذكرون أن حاجتهم للتغيير قوية، ويرون في بيلون من يمثل طموحهم.

لا يزال دعم المرشحين المستبعدين قد يغير المعادلة لو أعلنّ تأييدهم أحدٌ؛ حتى الآن لم يُعلن تيديان تيام ولا لوران غباغبو تأييداً صريحاً، فيما يبدي تشارلز بليه غوديه دعماً لسيمون ويحث أنصاره على إنجاز «قدوم سيمون إلى القصر».

يقرأ  ليكورنو، رئيس وزراء فرنسا الجديد، يواجه تهديد حجب الثقة في أول يوم عمل وسط احتجاجاتٍ على مستوى البلاد

على مستوى السياسة الخارجية، دخلت علاقات ساحل العاج مع دول المنطقة والعالم ساحة اشتباك انتخابي. لم تخفِ الدولة موقفها الحازم من الانقلابات العسكرية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهي الدول التي كوّنت «تحالف دول الساحل»، والتي اتجهت في بعض الأحيان نحو تقارب مع روسيا. هذه الحكومات تتهم واتارا بالتحالف مع فرنسا، ما ينكره حكومته مؤكدة التزامها بالديمقراطية الإقليمية، لكن الخطاب أدى إلى توتر مع الجيران الشماليين. بعض المرشحين، بمن فيهم أهوا دون ميلّو، اقترحوا فتح شراكات جديدة مع روسيا والصين لتنوّع التحالفات، وهو خطاب وجد صدى في أجزاء من الغرب حيث تعمّ موجات معاداة فرنسية.

مع اقتراب نهاية الحملات، يصرّ مؤيدو واتارا على أن الاستمرارية هي الضامن للاستقرار والتنمية، بينما يحذّر خصومه من أن حكم ولاية رابعة قد يزيد من الغضب العام ويقوّض ثقة الناس بالمؤسسات الديمقراطية، في ترديد لصدى مخاوف الماضي.

أضف تعليق