اتهمت الحكومة الإثيوبية مؤخراً اريتريا بالتواطؤ مع متمردين من إقليم تيغراي على خلفية تزايد الاضطراب في القرن الأفريقي ودول الجوار. تداولت منصات التواصل مقطعاً مصوراً ادّعى مستخدموه أنه يظهر دبلوماسياً مصرياً دخل ميكلي قادماً من اريتريا، كدليل على تعاون بين خصوم دبلوماسيين لإثيوبيا. لكن الادعاء عارٍ عن الصحة: المقطع يظهر جرّاحاً هندياً جاء لتقديم تدريب طبي وعلاج في تيغراي.
في المنشور المصوّر ورد نص بالأمهرية يزعُم أن «سفيراً مصرياً دخل مكلي عبر اريتريا»، من دون أن يُسمّي المرشح أو يحدد بلد عمله المزعوم.
المقطع القصير، الذي نُشر على فيسبوك في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2025 وشارك أكثر من 600 مرة، مدته نحو ثماني ثوانٍ. يظهر فيه قادة من إقليم تيغراي، بينهم الرئيس تاديسي ويريدي وآخرون، واقفين ويتبادلون الحديث مع شخص بدا أجنبيّاً، وأُشير إليه بسهم ووُسم بـ«السفير المصري». في الخلفية يظهر رجل يلبس سترة عليها عبارة «أمن مستشفى ديجن».
الترويج للمقطع رُوِّج كدليل على تعاون سرّي بين قيادات تيغراي ومسؤولين اريتريين ودبلوماسي مصري دخل مكلي من دون موافقة الحكومة الاتحادية الإثيوبية. هذه المزاعم تكذّبها المعطيات الواقعية.
خلفية: توتر متصاعد
تظل العلاقات بين اثيوبيا ومصر مشحونة منذ افتتاح سد النهضة الكبير (GERD) رسمياً في 9 أيلول/سبتمبر 2025، الذي أثار احتجاجات من البلد المنخفض تقع مياهه أسفل مجرى النهر. كذلك ذكر تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية أن السلطات الإثيوبية اتهمت في الآونة الأخيرة جبهة تحرير شعب تيغراي بالتعاون مع اريتريا للتحضير لعدوان محتمل. سبق أن خاض الجيش الفيدرالي الإثيوبي وجبهة تيغراي حرباً دامية استمرت نحو سنتين وأسفرت، بحسب تقديرات، عن مئات آلاف القتلى قبل توقيع اتفاق سلام في نوفمبر 2022. من جانبها نَفَت اريتريا الاتهامات ونددت بما وصفته بـ«التهويل الاستفزازي».
التحقق والنتائج: جرّاح هندي
استخدم فريق التحقق أدوات التحقق المرئي (InVID‑WeVerify) لإجراء بحث عكسي لصور من المقطع، فأفضى البحث إلى نتائج عدة، منها منشورات على منصات التواصل تشير إلى أن الشخص الظاهر في الفيديو هو الجرّاح الهندي أرڤيند فيرما جانجيد.
تظهر نتائج البحث وسيرته المهنية في قواعد بيانات طبية على الإنترنت، وتذكر أنه جرّاح عظام مقيم في مدينة إندور بالهند. كما نشر جانجيد عدة صور من زيارته إلى ميكلي على صفحته في فيسبوك، وأرفق تعليقات تفيد أنه أجرى عمليّات معقّدة بنظام إيليزَاروف — وكتب: «يسعدني أن أشارك أنني أكملت بنجاح 109 عمليات إيليزاروف المعقّدة — جميعها لمرضى خضعوا سابقاً لعمليات فاشلة متعددة — هنا في إثيوبيا، أفريقيا.»
شرح مختصر: عملية إيليزاروف تقنية جراحية عظمية تستخدم جهاز تثبيت خارجي لمدّ أو إعادة تشكيل أو ترميم العظام.
صور ومقاطع منشورة من حسابات جانجيد وصور نشرتها جامعة ميكلي ومستشفى أيْدَر تطابق ملامح وملابس الشخص الظاهر في المقطع، رغم اختلاف زوايا التصوير. كذلك نشر مستشفى أيْدَر تقريراً رسمياً عن استضافة تدريب أساسي في تقنيات إيليزاروف وإعادة بناء الأطراف بهدف تعزيز الخبرات الجراحية في إثيوبيا، وذكر التقرير مشاركة جانجيد بوصفه «جرّاحاً مشهوراً في مجال إطالة وإعادة بناء الأطراف» وأنه قدّم تدريباً ورعاية جراحية متخصّصة في مستشفى ديجن بميكلي.
تواصل فريق التحقق مع جانجيد، فأكد أن الشخص في المقطع هو فعلاً هو نفسه، وأن الفيديو التقط في مستشفى ديجن أثناء حفل إطلاق حملة ترميم الأطراف. وأضاف أنه شارك في تقديم الرعاية الجراحية وتدريب الأطباء المحليين خلال زيارته.