بريتني سبيرز: «لقد استُخدمت» كيفن فيدرلاين: «إنها بحاجة إلى مساعدة»

ناردين سَعْدين — لوس أنجلوس

ذات ليلة في صالون بجنوب كاليفورنيا عام 2007، وقفت بريتني سبيرز أمام المرآة تبتسم وهي تمسك بالمقص الكهربائي. تساقطت خصلات شعرها الطويلة أيقونيّة الطابع على أرضية الصالون، وكاميرات الباباراتزي التي رصدت الحادث من الخارج وثَّقت كل لحظة من تلك الليلة التي صارت لاحقًا رمزًا لأزماتها العلنية. قالت إن فعلتها كانت ردّ فعل استباقي معبّر عن إحساسها بالخنق والإذلال بعدما طاردها المصوّرون خارج منزل زوجها السابق، كيفن فيدرلاين.

في خضم معركة حضانة محتدمة وعلنية على طفليهما، وصفت نجمة البوب نفسها بأن ما فعلته كان تحدّياً للرأي العام و”تزويد الإعلام ببعض المواد”، وأن القرار كان اندفاعيًا لكنه بالنسبة لها امتداد لرفض قواعد مجحفة فرضها عليها العالم. هي رأته “حركة يائسة لشخص يائس”، بينما رأى زوجها السابق فيها إشارة تحذير تُظهر مدى اختلال الأمور.

بعد عقود، أعاد السرد الإعلامي لتلك اللحظات وغيرها التي شكّلت انهيارها العام إلى دائرة الضوء، لكن تفاصيل ما جرى وكيفية تفسيره تختلف بحسب من يروي القصة. بعد أن شاركت سبيرز وجهة نظرها في مذكراتها لعام 2023 بعنوان “المرأة في داخلي”، خرج فيدرلاين هذا الأسبوع بكتابه “ظننت أنك تعرف” ليقدّم قراءته الخاصة لسنوات زواجهما.

كلا الكتابين يقدّمان حكاية حميمة وفوضوية عن علاقة مضطربة، عن المعاناة النفسية التي مرّ بها كل منهما، وعن تفاصيل وصراعات وصاية أثّرت على مسيرة سبيرز المهنية والشخصية. القصة هنا تبدو أحيانًا كرواية من وجهتي نظر: قال فلان وقالت فلانة.

هل الحراسة ساعدت ام أضرت؟

في مذكراتها، نددت سبيرز بالوصاية القضائية التي خضعت لها بين 2008 و2021، التي وضع بموجبها والدها جيمي سبيرز يده على أموالها ومسار عملها وجوانب كثيرة من حياتها الخاصة. قالت إنه لو تُركت لتعيش حياتها وحدها لكانت ستتجاوز أزمتها، وكتبت عن سنوات شعرت فيها بأنها “ظل لنفسها” وأن التفكير بعمرٍ كاملٍ يخضع فيه والدها وشركاؤه للسيطرة على جسدها وأموالها يجعلها تشعر بالغثيان. لكنها اعترفت كذلك بأنها استمرت في ذلك الترتيب “من أجل أولادي”، رغم صعوبة البقاء فيه.

يقرأ  وصول أول دفعة من المرحَّلين بموجب اتفاق رواندا والولايات المتحدة، بحسب المتحدث

من جانبه، يقدّم فيدرلاين قطاعًا آخر من الحقيقة. هو الذي دعم في وقتٍ ما ترتيبات الوصاية، بحجّة أنها أمنت نوعًا من الاستقرار لأولادهما، ويصف كيف أن انهيار الحالة النفسية لسبيرز أثّر عليه هو أيضًا. بعد احتجازها الصحي، يقول إنه طالب فورًا بحضانةٍ كاملة، لكن ذلك أطلق سلسلة من الأحداث التي زادت التوتر بين أمّ وطفليها. في كتابه يستنتج أن سبيرز كانت ترى نفسها كضحية في كل مشهد، أما هو فكان يرى امرأة بحاجة إلى مساعدة — سواء علاجية أو رقابية — لأنه، بحسبه، لم تكن في حالة تمكنها من إدارة شؤونها بمفردها. يعترف أيضًا بأنه اكتشف لاحقًا أمورًا كثيرة عن الوصاية لم يكن على علم بها، وأن جزءًا منه “لا يريد أن يعرف” تفاصيل أكثر.

حركة “أنقذوا بريتني” — هل أخطأت التقدير؟

سبيرز نفسها تمنّ بالفضل لحركة “فري بريتني” لكونها منحتها الشجاعة للتّحدّي والهروب من الوصاية. شكرت أصدقَاءها وجمهورها لكونهم شعروا بما يحدث وناضلوا لها، واصفةً ذلك بديْنٍ لا يمكنها سداده. لكن فيدرلاين يذهب إلى القول إن الحركة لم تفسّر الأمور بدقّة وأن مناصريها أخطأوا، وأن عليهم الآن أن يكرّسوا الجهود لحركة “أنقذوا بريتني” من وجهة نظره، محذِّراً من أنها “تتجه نحو شيء لا رجعة فيه” و”تقترب من اللحظة الحاسمة”. ويتهم ضغط الحركة بعض الجهات القضائية بالاستسلام للرأي العام على حساب التقارير المهنية.

رغم ذلك يعترف بأن شعور سبيرز إذا كانت مقتنعة بأنها مُحتجزة ضد إرادتها — وبأي شيء آخر أدلت به لاحقًا — فذلك الصدمة حقيقية بالنسبة لها ولا يمكن تجاهلها. وفي الوقت نفسه يتحدث عن مشاركاتها المثيرة للقلق أحيانًا على إنستغرام وعلاقتها المتقطعة مع أولادهما الذين باتوا بالغين الآن ويزورون أمّهم قليلاً، وحتى يبدو أن رغبتهم في التواصل محدودة. فيدرلاين، الذي لديه أربعة أبناء إضافيين إلى جانب الطفلين من زواجه بسبيرز، يقول إنه فقد الأمل في أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه بالكامل، لكنه يعبّر عن أمله في أن تجد السلام وأن تستعيد التحكم في حياتها وفق شروطها الخاصة. وخلاصة كلامه: الرواية عشرينية التي بنيت على الإنكار أحرمت بريتني من الخطوة الأولى في الشفاء: الاعتراف بوجود مشكلة — لم تعترف ابدا بوجود مشكلة.

يقرأ  طلاء الجدار الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك باللون الأسود بهدف ردع المهاجرين

شبح في زواجهما

اتهمت سبيرز في مذكراتها أشخاصًا كانوا قريبين منها سابقًا، من بينهم زوجها السابق كيفن فيدرلاين والنجم جاستن تيمبرليك، وقالت إن كلاهما أضر بقدرتها على الثقة بالناس مجدداً. وفي روايته الشخصية يقول فيدرلاين إنه كان راقصًا محترفًا عمل مع نجوم كبار والتقى بسبيرز عندما كان يؤدي في جولات كفريق افتتاح لعروضها، وأن هناك تصورًا لدى الجمهور بأنه الرجل الذي “قَفز من مقطورة إلى قصر بريتني”. ويضيف أن العلاقة كانت تحت ظلال علاقات سابقة، وأن سبيرز لم تكن قد تخلّت تمامًا عن علاقة سابقة مع تيمبرليك؛ مسألةٌ وصفها فيدرلاين بأنها “كان لها أثر، مثل شبح في خلفية علاقتنا”.

من جهتها تطرقت سبيرز إلى محطات مؤلمة في علاقتها بتيمبرليك، بما في ذلك مطالبتها بالإجهاض واتهامات الخيانة التي أحرجتها علانية، وغيرها من الاضطرابات التي رافقت تلك الحقبة.

إشعال نزاع قديم وردّ فعل المعجبين

إصدار فيدرلاين لكتابه أثار غضب سبيرز وجيش داعميها الإلكترونيين. يرى ناشطون من حركات الدفاع عنها أن نشر كتاب في هذا التوقيت يستغِل وضعها النفسي وأنه ليس الوقت المناسب لتوظيف معاناتها في سوق الكتب. محللون مثل أستاذ الإعلام مارك يونغ يعتقدون أن الكتاب لن يغيّر موقف غالبية مشجعي سبيرز، وأن أثره سينقُض سريعًا. ويتساءل كثيرون عن توقيت الكلام الآن، خاصة بعد أن أصبح ولداهما راشدين وانتهت التزامات مالية كان يدفعها طرف ما لدعمهما.

فيدرلاين ينفي أن تكون دوافِعَه ماديّة أو انتقامية؛ يقول إنه تعب من أن تُروى قصته من قِبل الآخرين فقط: الإعلام والمدونات والمزاعم والنكات والعناوين، فاختار أن يكسر الصمت ليُروِي نسخته الخاصة. يؤكد أنه لم يعيش مجرد متلقٍ لأموالها، وأنه عمل واجتهد واستثمر لبناء أساسٍ لنفسه ولأولاده. ويعتبر أن الصمت لم يمنحه الراحة، بل تركه “خانقًا بالكلمات التي لم يُدْعَ أن يقولها”.

يقرأ  المحاكمة تسفر عن حكم بالسجن أربعين عاماً على مهرب أسلحة إثر تهريب صواريخ باليستية من إيران

هذه رواية جديدة في ملحمة طويلة من العناوين والهوامش، ورغم التباين في الوقائع والتفسيرات، تبقى النتيجة نفسها: قصة امرأة طُبعت حياتها بالصورة العامة إلى الحدّ الذي صعّب عليهما أن يلتقيا على معنى واحد لما حدث.

أضف تعليق