قال رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو إن الإدارة الأميركية “تفبرك” حربًا ضده، بعد أن أرسلت واشنطن أكبر سفينة حربية في العالم باتجاه البلاد اللاتينية، في مؤشر على تصعيد كبير للتواجد العسكري الأميركي في المنطقة وسط تكهنات بمحاولة الإطاحة بالحكومة الفنزويلية.
وفي بثٍ تلفزيونيٍ وطني مساء الجمعة، اتهم مادورو إدارة الرئيس ترماب بتأليف “حرب أبدية جديدة”، تزامنًا مع تحرّك حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد آر. فورد، القادرة على حمل نحو تسعين طائرة ومنصات مروحيات هجومية، باتجاه سواحل فنزويلا. وكان ترامب قد اتهم مادورو، من دون تقديم أدلة، بأنّه زعيم شبكة الجريمة المنظمة المعروفة باسم “ترين دي أراجوا”.
وصف مادورو الاتهامات بأنها “رواية مبالَغٌ فيها، حقيرة وجنائية وزائفة تمامًا”، مضيفًا أن فنزويلا “بلد لا ينتج نبات الكوكا”. تُعرف عصابة “ترين دي أراجوا” بأصولها داخل سجون فنزويلية، وهي أقل شهرة على صعيد الاتجار العالمي بالمخدرات وأكثر ارتباطًا بعمليات القتل المأجور والابتزاز وتجارة البشر.
واجْهُت مادورو اتهامات واسعة بسرقة انتخابات العام الماضي، وطالبه عدد من الدول، بينها الولايات المتحدة، بالتنحّي. وتزداد حدة التوترات الإقليمية على وقع إعلان ترامب أنه أذن بعمليات لوكالة المخابرات المركزية في فنزويلا وأنه يدرس ضربات برية محتملة ضد ما وصفها بالعصابات المتورطة في تهريب المخدرات داخل البلاد الكاريبية.
منذ الثاني من سبتمبر، شنّت قوات أميركية ضربات على عشرة زوارق، ثمانية منها في البحر الكاريبي، بدعوى ضلوعها في تهريب مخدرات إلى الولايات المتحدة؛ وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل ما لا يقل عن 43 شخصًا. وقد اعتبر مسؤولون أمميون ومعمّقون في القانون الدولي أن هذه الضربات تشكّل انتهاكًا واضحًا للقانون الأميركي والدولي وتندرج تحت خانة الإعدامات خارج نطاق القضاء.
من جهته، قال وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو لوبيز إن البلاد تجري مناورات عسكرية لحماية سواحلها من أي “عمليات سرية” محتملة. وأوضح: “ننفّذ تمرينًا بدأ قبل 72 ساعة، تمرين دفاع ساحلي… لحماية أنفسنا ليس فقط من تهديدات عسكرية واسعة النطاق، بل أيضًا من تهريب المخدرات والتهديدات الإرهابية والعمليات السرية التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار داخليًا.” وأظهرت محطة التلفزيون الحكومي صورًا لعناصر عسكرية منتشرين في تسع ولايات ساحلية ولأحد أفراد ميليشيا مادورو وهو يحمل صاروخًا أرض‑جو روسيًا من طراز إغلا-إس.
وأضاف بادرينو: “وكالة المخابرات المركزية الأميركية موجودة ليس فقط في فنزويلا بل في كل أنحاء العالم. قد تنشر وحدات تابعة لها في عمليات سرية من أي مكان، لكن أي محاولات ستبوء بالفشل.” ومنذ آب/أغسطس، نشرت واشنطن أسطولًا مكوّنًا من ثماني سفن بحرية، وعشرة مقاتلات من طراز إف‑35 وغواصة نووية لأغراض مكافحة المخدرات، بينما ترى كراكاس أن هذه المناورات تغطي خطة للإطاحة بالحكومة.
أعلن مادورو السبت أنه بدأ إجراءات قضائية لسحب الجنسية وإلغاء جواز سفر السياسي المعارض ليوبولدو لوبيس، الذي يتّهمه بتحريض على غزو البلاد. ويقيم لوبيس، أحد أبرز وجوه المعارضة الفنزويلية، في مهجر بإسبانيا منذ 2020، وقد أعرب علنًا عن تأييده لتمركز السفن الأميركية في البحر الكاريبي وللهجمات على زوارق يُشتبه في تهريبها للمخدرات. وردّ لوبيس عبر حسابه على “إكس” باستهجان، مستندًا إلى أن الدستور يمنع تجريد أي مواطن مولود في فنزويلا من جنسيته، ومجدَّدًا دعمه لنشر قوات أميركية وإجراءات عسكرية داخل البلاد.
شغل لوبيس السجن العسكري لأكثر من ثلاث سنوات بعد مشاركته في احتجاجات مناوئة للحكومة عام 2014، حيث حُكم عليه بأكثر من 13 سنة بتهم “التحريض والتآمر لارتكاب جريمة”. حُوّل لاحقًا إلى إقامة جبرية، وبعد أن حررته مجموعة من العسكريين أثناء أزمة سياسية، غادر البلاد في 2020.
في موازاة ذلك، وضعت واشنطن قيادة كلمبيا في مرمى الاستهداف. فقد فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على رئيس كلمبيا غوستافو بيترو وعائلته ووزير الداخلية أرماندو بينيدتيتي. واعتُبرت خطوة الجمعة تصعيدًا ملحوظًا في الخلاف المستمر بين بيترو اليساري ونظيره الأميركي اليميني ترماب. ووجّهت وزارة الخزانة إلى بيترو اتهامات بالفشل في كبح صناعة الكوكايين في بلاده وحماية جماعات إجرامية من المساءلة، مشيرة إلى مخاوف من سياسات علاقته بمخططات المصالحة، وتحديدًا خطة “السلام الكلي” (Total Peace) التي تهدف إلى إنهاء عقود الصراع الداخلي عبر تفاوض مع المتمردين والمنظمات الإجرامية.
وسارع بيترو، المعروف بنشاطه الكثيف على منصات التواصل الاجتماعي، إلى وصف قرار الخزانة بأنه تتويج لتهديدات جمهورية قديمة، مستشهداً بمواقف سياسيين أميركيين منتقدين له، بينهم السيناتور برني مورينو.