رشا أبو سبيكة نجت بصعوبة من عامين من الحرب الإسرائيلية المدمّرة على غزة، مرت عبر أربع غارات جوية وسُحِبت مرتين من الانقاض بعد هجمات دفعتها لتعايش رعبًا يوميًّا. ومع أن وقف النار دخل حيز التنفيذ، فإن آثار الحرب وما خلفته من دمار لا تزال تهدّد حياتها.
أصيبت رشا خلال الصراع بسرطان الثدي من المرحله الثالثة، وتعرّضت منظومة الرعاية الصحية في قطاع غزة لتدمير واسع. إغلاق المعابر ومنع خروج المرضى للعلاج في الخارج حرمها من الوصول إلى الرعاية المتخصصة التي تحتاجها على وجه السرعة، فباتت العلاجات الأساسية غير متوفرة وخيارات النجاة محدودة للغاية.
«أشعر أنني سأموت»، هكذا عبّرت رشا عن إحساسها الدائم بالهلاك؛ كانت تقبل أطفالها وتضمّهم كل يوم ظنًّا منها أنها على سرير الموت. إلى جانب التأثير الجسدي، خلّفت الحرب تآكلًا عميقًا في صحتها النفسية؛ فقد كانت قبل النزاع إنسانة محبّة للحياة، والآن تعيش حالة قنوط وخوف مستمرين.
قصة رشا روتها إلى الجزيرة إلى جانب مرفت سرحان، وهي فلسطينية أخرى طرحت تجربتها بعد أن أُفرج عنها بعد أشهر في سجون إسرائيلية حيث تعرّضت حسب قولها للضرب والصعق الكهربائي. كلتاهما جسّدتا مأساة الفلسطينيين في محاولتهم التعافي من تداعيات الحرب حتى بعد إعلان وقف إطلاق النار.
كل شيء في غزة متوقّف: البنية الصحية منهارة، المستشفيات متضرّرة، والإمدادات الطبية غير كافية. القليل من الحالات الحرجة نجحت في الخروج للعلاج بتنسيق مع منظّمة الصحة العالمية، لكن الأعداد التي تُنفّذ عمليات الإخلاء لا تذكر مقارنة بالحاجة—المنظمة قدّرت أن نحو 15 ألف مريض بحاجة لإخلاء، بينهم آلاف من الأطفال، بينما تُجرى عمليات إخلاء بالآحاد تُستكمل ببطء. رغم نصوص وقف النار، تواصل إسرائيل إبقاء معبر رفح مغلقًا، ما يعطّل كل آمال المرضى في السفر لتلقّي علاجات حياتية. المنظّمات الدولية تطالب بفتح جميع المعابر فورًا لتمكين إدخال المساعدات وتنفيذ عمليات إخلاء طبية عاجلة.
تصرّ رشا وزميلاتها المصابات بالسرطان على أن يتعافين، شرط بوح واضح: فتح المعابر بسرعة ليتسنّى لهنّ السفر وتلقي العلاج الملائم خارج القطاع والعودة إلى الحياة بسرعة أكبر.
في خان يونس، تحاول مرفت سرحان إعادة جمع شظايا حياتها بعد قرابة خمسة أشهر في الاعتقال الإسرائيلي. تحكي عن اقتحام لقوات خاصة متنكرة، عن تفتيش المنزل بعنف، وعن أسئلة موجهة تبحث عن «المختفين» و«الأسرى». خلال الاقتحام قتل الجنود زوجها أمام أطفالهم، ثم اقتادوا مرفت وابنها البالغ 13 عامًا بينما تُرك الأطفال الأصغر مع جثة الأب على الأرض.
داخل مراكز التوقيف خضعت سرحان لما وصفته باعتداءات وتعذيب جسدي ونفسي، وشملت جلسات استجواب متواصلة وضربًا وصعقًا كهربائيًا وتهديدات بقتل أطفالها أو سجنها مدى الحياة. أمضت فترة في زنزانة انفرادية مظلمة في سجن عسكلون، كانت «غير صالحة لبقاء إنسان»، ثم تعرضت لتحقيقات يومية قاسية.
بعد الإفراج عنها ضمن صفقة تبادل، تركّز سرحان الآن على إعادة بناء حياتها وتوفير الحماية والدعم لأطفالها، بينما يعرض كثير من الذين أفرج عنهم آثار تعذيب واضطرابات جسدية ونفسية. بعض الجثث التي أعيدت إلى عائلاتها بدت معصوبة الأعين، وتثير تقارير حقوقية قديمة وحديثة عن ممارسات تعذيب في السجون الإسرائيلية قلق المجتمع الدولي ويدعو للتحقيق.