التقطت مجموعات بيئية صورًا لانجراف الرواسب يحول المياه الخضراء الزمردية حول جزر راجا امبات إلى لون بني عكر، محذّرة من أنَّ التعدين عن النيكل يهدد أحد أهم مواطن التنوع البيولوجي البحري ومرتكزات الشعاب المرجانية في العالم. ومع ذلك، فإن مقطع فيديو متداولًا على مواقع التواصل الاجتماعي وادَّعت منشورات أنه يُظهر تلوُّن الأراضي المحيطة بالجزر باللون الأحمر، هو في الواقع مصور في إيران وليس في اندونيسيا.
تظهر اللاصقة النصية على فيديو نُشر على تيك توك بتاريخ 6 أكتوبر 2025 عبارة مفادها: «مياه الأمطار تتدفّق إلى البحر. راجا أمبات يتحول إلى الأحمر بسبب التعدين. دُمِّرت بواسطة أوليغاركيين أجانب ومحليين، مدعومين من مسؤولين جشعين وفاسدين». يعرض الفيديو أشخاصًا واقفين على حواف منحدرات بينما ينساب طين أحمر اللون إلى البحر، ثم ينتقل إلى لقطات لأرض تَخلو من الغطاء النباتي.
وتواصل اللاصقة الاتهام قائلة إن «بابوا تُباع على يد باهلل. باهلل بابوي وخائن لشعب بابوا»، في إشارة إلى وزير الطاقة والثروات المعدنية الإندونيسي باهلل لاحاداليا.
تُعدّ جزر راجا أمبات جزءًا من مثلث الشعاب المرجانية الشهير، ومحطّة مفضلة للغواصين لما تحتويه من ثروات بحرية استثنائية. وبعد احتجاج ناشطين وسكان محليين، سحبت الحكومة في يونيو تصاريح أربعة من أصل خمسة شركات تعدين نيكل تعمل في هذا التجمع من الجزر والشعاب في مقاطعة بابوا الجنوبية الغربية. وفي سبتمبر سمحت لشركة واحدة — PT Gag Nikel — باستئناف العمل بحجة أن الأثر «يمكن التخفيف منه بشكل مناسب».
إلا أنَّ منظمات غير حكومية تؤكد أن الضرر الجسيم قد وقع بالفعل، وأن دلائل على عمليات تنظيف ملموسة قليلة. وتُظهِر صور ملتقطة من قبل هذه المجموعات رواسب تتدفق من قمم التلال المقشّرة محوّلة المياه الزمردية إلى بُنية معكّرة.
المقاطع التي زُعِم أنها تُظهر المنحدرات الحمراء وتُعزى إلى التعدين في راجا امبات انتشرت كذلك على تيك توك ومواقع أخرى، وترك مستخدمون تعليقات تفيد أنهم يعتقدون أن المشاهد تجري في الجزر الواقعة في جنوب شرق آسيا. كتب أحدهم: «هذا نتيجة مسؤولين جشعين»، وقال آخر: «دعوني أقولها مرة أخرى: هذا البلد مُدمَّر بالفعل».
لكن اللقطات التَي صُنِعَت خارج السياق ولم تأتِ من راجا امبات.
مقاطع غير ذات صلة
أدّت عملية بحث عكسي عن الصور في غوغل باستخدام لقطات مفتاحية من الفيديو إلى منشورٍ فارسي على إنستغرام نُشر في 9 فبراير 2025، أشار إلى أن المشاهد تُظهر هطول أمطار غزيرة على الشاطئ الأحمر في جزيرة هرمز بإيران. يعود لون التربة الأحمر الزاهي إلى تركيز عالٍ من أكسيد الحديد في التربة. وأكد صاحب حساب الإنستغرام الذي صوّر المقطع الموقع وأرسل إلى وكالة الأنباء بيانات وصفية (metadata) تُبيّن أن التسجيل تمّ في 8 فبراير.
تطابقت المعالم الصخرية الظاهرة في فيديو الإنستغرام مع صورة جغرافية موسومة على خرائط غوغل للشاطئ نفسه، ما يدعم توثيق الموقع. وأفادت عملية بحث عكسية منفصلة أن مقطع الغابة المقشّرة يتطابق مع فيديو منشور على تيك توك في 16 أكتوبر 2023، أضاف ناشره وسمًا للموقع يشير إلى مقاطعة كاليمانتان الشرقية في إندونيسيا، على بُعد أكثر من 1,500 كيلومتر من راجا امبات.
قامت وكالة الأنباء بتحديد الموقع جغرافيًا إلى قسم من الطريق المؤدّي إلى ناحية كوتابانغون في كاليمانتان الشرقية. تظهر مبانٍ ذات أسقف زرقاء في لقطات غوغل إيرث لشارع المنطقة، كما تُظهِر صور الأقمار الصناعية نفس القسم من التل المقشّر في الخلفية، والذي جرى فيما بعد زراعته بأشجار نخيل الزيت.
سبق لوكالة فرانس برس أن فكّكت (debunked) معلومات مضلّلة أخرى تتعلّق بالتعدين في راجا امبات.
خلاصة الأمر أن مقاطع الفيديو المتداولة التي تُظهر تربة حمراء ومشاهد لتلّات مقشّرة ليست دليلاً موثوقًا على أن هذه المواقع جزء من أضرار تعدين النيكل في راجا امبات؛ فبعضها مأخوذ من شواطئ إيرانية، والبعض الآخر من مناطق أخرى في إندونيسيا، بحسب التحقق الجغرافي والبيانات الوصفية المدقّقة.