الوزير صانع الرعاية من الطين

في يد القسيسة جويس مكدونالد، يتحوّل الطين إلى شهادة عاطفية. تشكّل منحوتاتها الصغيرة للأشخاص السود حضوراً هادئاً ووقاراً ينبضان بعمل محبّ متواصل. المعرض الحالي بعنوان «Ministry» في متحف برونكس يكرّم هذه العناية الحميمة: نحو ثمانين قطعة رُصّت على قواعد بيضاء متعددة المستويات تشبه المذابح الصغيرة، فتنتظم كتراتيل بصرية—كلُّ تمثال فريد وفي الوقت نفسه جزء من إيقاع جماعي من التكريم. كل عمل صغير بما يكفي ليحتضنه كفيّ اليدين لكنه يشعّ بجلال روحي ضخم.

بدأت مكدونالد صناعة هذه القطع عام 1997 عبر برنامج علاج فني ساعدها على استيعاب تشخيص إصابتها بفيروس نقص المناعة البشرية، وحوّلت التجربة الى ممارسة روحية وفنية امتدت مدى الحياة. بصفتهـا قسيسة وناشطة مرتبطة بمنظمة Visual AIDS، تجسد إيمانها ورعايتها في الطين، منقوشةً منهجاً من الصمود والمحبة.

عند دخول المتحف يقابل الزائر قطعة بعنوان «Peace» (2004): وجه ذهبي يحتضنه قماش أفريقي، محاط بنمط مماثل ومعلّق على الجدار. طيات القماش تقترح في الوقت عينه عمامةً وتاجاً هالةً، فتؤكّد القداسة المؤنَّثة للشخصية وكأنها معلّقة في هدوء طاهر.

على مذبحٍ مرتفع تبدو «Mothers Prayers» (1999) و«Glory (A Taste of Sweetness)» (2001) في حوار صامت؛ امرأة مسنّة بشعرٍ فضّي ترتدي فستاناً أحمر تجثو في صلاة وعيناها مغمضتان، وفوقها طفلةٌ بفستان بنفسجي توجه وجهها صوب السماء وعيونها مفتوحة، وشعرها الداكن يتدفق إلى الخلف. تضع الأذرع المتفاوتة للمستويات إحساساً بالحوار العابر للأجيال، رابطًة إيماناتهما عبر المكان والزمان.

يتواصل العرض بقطع مثل «Sweet Peace» (2007) التي تصور امرأةٍ ترتدي غطاءً ذهبيّاً ينساب كثيفاً عند الترقوة كما لو كان معدن مصبوباً. عبر هذه الأعمال توظف مكدونالد الدهانات الأكريليكية، الأقمشة، وحتى مناشف الورق لتكسو وتزيّن شخصياتها، محوّلةً المواد المألوفة والموجودة إلى تماثيل مقدسة. بالمثل، تعيد «Covered with Love» (2003) سرد موضوع «مادونا والطفل» بصيغة الطين والقماش — أم سوداء ورضيعها محتضنان بحنو. ويتشعب موضوع الألفة الأسرية في «The McDonalds» (1998)، بورتريه منحوت لعائلة الفنانة حيث يجلس أربعة أطفال ملتصقين مع والديهم فوق بيانو.

يقرأ  أعمال فنية مستوحاة من الفولكلور: الجنيات والسحر المنسيبقلم س. م. دافي — تصميم تثق به · تصميم يومي منذ ٢٠٠٧

لحظة ضعف وحميمية مذهلة تجسّدها «The Draping of Compassion» (1999): ثلاث نساء بأثواب بيضاء، اثنتان تنحنيان في قوس حاضنتين الثالثة المستلقية عبر أحضانهما؛ تكوّن الهيئة تركيباً معمارياً للرعاية، أجسادهنّ تعمل كدعم وسقف في آن واحد.

الكثير من التماثيل يصور شخصيات بلا أسماء تؤدي حركات عالمية للرعاية والتفاني والراحة. بعضها يردّ مباشرة على إلحاحات زمننا: «Prayer Changes Things» (2020) يظهر مصلّياً مرتدياً قناعاً طبياً مستحضراً وباء كوفيد-19، بينما «Colin Kaepernick» (2020) يعد من أكثر الأعمال صراحةً سياسياً، إذ ينحني اللاعب الناشط على ركبة واحدة مرتدياً زيه—إشارة إلى فعلته الشهيرة في 2016 احتجاجاً على عنف الشرطة والعنصرية، الحركة التي أثارت ردود فعل مهنيّة لكنها غذّت حركة من أجل حياة السود في الرياضة والمجتمع الأوسع.

تتراكم الطبقات كجماعةٍ من الطين حيث تصبح الحركات المتكررة—الركوع، تشبيك اليدين، الأغطية—جوقة إيمانية. تصف مكدونالد نفسها كفنانة شاهدة؛ من تحمل الشهادة وتمثل المقدّس كما تختبره هي ومجتمعها. عبر وسيلتها الأساسية تلتقط لحظات الرعاية والأواصر العائلية التي تنقل الروابط العميقة بين السود والروح الإلهية وبعضهم بعضاً.

يستمر معرض «Ministry: Reverend Joyce McDonald» في متحف برونكس للفنون (1040 Grand Concourse, Concourse Village, The Bronx) حتى 11 يناير 2026. نسّق المعرض كايل كروفت، المدير التنفيذي لـ Visual AIDS.

أضف تعليق