الجيش السوداني يعلن انسحابه من الفاشر — الأمم المتحدة تحذر من فظائع «قوات الدعم السريع» أخبار

انسحاب الجيش من الفاشر

أعلن رئيس أركان الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، انسحاب قواته من معقلها الأخير في دارفور، عقب سيطرة قوات الدعم السريع على القاعدة العسكرية الرئيسية في مدينة الفاشر. وجاء إعلان البرهان بعد ساعات من إعلان تلك القوة تحقيق «النصر» في الفاشر، في حين أصدرت الأمم المتحدة تحذيراً شديد اللهجة من تقارير تتحدث عن ارتكاب «انتهاكات» واسعة بحق المدنيين على أيدي الجماعات التي باتت تسيطر على المدينة.

خلفية وواقع المدنيين

يترك انسحاب الجيش أكثر من ربع مليون شخص — نصفهم من الأطفال — تحت سلطة قوات الدعم السريع، فيما أفادت مجموعات إغاثية بسقوط مشاهد فوضوية شملت اشتباكات بين عناصر الدعم السريع والقوات المنسحبة وحلفائها المتبقين. وبرّر البرهان القرار بالانسحاب بقول إن الضباط قرروا الانسحاب كلياً تفادياً لمزيد من معاناة المدنيين ومن أجل «تجنيب المواطنين وبقية أحياء المدينة الدمار».

وتتضارب المشاهد المنشورة على وسائل التواصل: لقطات تُظهر مقاتلي الدعم السريع يحتفلون داخل محيط القاعدة السابقة، وأخرى تُظهر إطلاق نار وضرباً لأشخاص يحاولون الفرار، وكثير منهم ظهر محتجزاً.

تحذيرات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان

وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ما يجري بأنه «تصعيد رهيب في النزاع» وأن مستوى المعاناة في السودان بات «لا يُحتمل». وقال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان إن تقارير واردة من الفاشر تشير إلى «إعدامات ميدانية» لمدنيين حاولوا الفرار، مع دلائل على دوافع عنصرية للقتل. وحذّر فولكر تورك، المفوض السامي، من أن «خطر ارتكاب مزيد من الانتهاكات والجرائم ذات الدوافع العرقية آخذ في التصاعد يوماً بعد يوم».

وسجّلت نقابات أطباء وشبكات طبية محلية وصفها الهجوم بأنه «مجزرة شنعاء»، مشيرة إلى سقوط عشرات القتلى ونهب مستشفيات وتدمير ما تبقّى من البنية التحتية الصحية والحيوية. كما أبلغت شبكة دارفور لحقوق الإنسان عن اعتقال أكثر من ألف مدني، ووصفت ذلك بأنه «استهداف منهجي للمدنيين واعتقالات تعسفية وأعمال قد ترتقي إلى جرائم حرب».

يقرأ  النص الكامل لخطة ترامب المكوّنة من 20 بندًا لإنهاء حرب إسرائيل على غزةأخبار بنيامين نتنياهو

اعتقالات واستهداف للصحفيين

وردت تقارير عن اعتقال صحفي محلي يُعد من القلائل الذين بقوا في المدينة، وحذّر اتحاد الصحفيين السودانيين من احتمال وقوع «انتهاكات جماعية» مماثلة لتلك التي شهدتها مدينة الجنينة عام 2023، عندما راح المئات ضحايا لعمليات مشابهة.

نداءات دولية وإغاثية

دعت المنظمات الطبية والنقابية المجتمع الدولي إلى تصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية، وأن تحرك الهيئات الدولية لوقف «سياسة الهمجية» التي تهدف إلى ترهيب وإبادة المدنيين. وأعرب كبير المنسقين الإنسانيين بالأمم المتحدة عن «القلق العميق» إزاء سقوط ضحايا مدنيين وعمليات نزوح قسرية، مؤكداً حاجة سكان الفاشر إلى «وصول إنساني آمن وسريع وغير معرّقل»، ومطالبة بالاستجابة الطارئة للمجتمعات المتضررة.

أرقام وخلفية الصراع

انطلق النزاع الراهن في أبريل 2023 عندما تفجّرت التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم ومناطق أخرى، وأسفر عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين. وتشير تقديرات مختلفة إلى مقتل أكثر من أربعين ألف شخص وتهجير أكثر من اثني عشر إلى أربعة عشر مليون نسمة داخل وخارج البلاد، وهو ما أنتج أحد أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، مع مناطق من البلاد، ومنها محيط الفاشر، مهددة بالمجاعة.

اتهامات بجرائم حرب

تتهم تقارير أممية ومحلية عناصر من قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم تتضمن القتل والاغتصاب والنهب والاعتقالات التعسفية، مع مؤشرات إلى دوافع عرقية في بعض الحالات. وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيقات في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية المزعومة في سياق النزاع.

انعكاسات جغرافية وسياسية

قد يُنذر سقوط الفاشر بتحولات إقليمية واسعة قد تقود إلى مزيد من الانقسام في السودان، في تكرار لأثر انفصال جنوب السودان قبل أكثر من عقد. وتبقى الأولوية الآن لوقف العنف وتأمين حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح وبُنى حيوية، مع مساءلة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة وتقديمهم إلى العدالة.

يقرأ  لماذا تصاعد العنف في صربيا — وما المتوقع لاحقًا؟برامج تلفزيونية

أضف تعليق