إعلان إعادة انتخاب بول بيا لولاية ثامنة
أعلن المجلس الدستوري في كاميرون إعادة انتخاب الرئيس بول بيا، البالغ من العمر 92 عاماً، لولاية رئاسية جديدة، ما لم يفاجئ أحداً. قبيل الإعلان الرسمي يوم الإثنين تراوحت الأجواء بين توترات وشائعات بنتيجة قريبة، مع مطالبة خصمه الرئيسي، الوزير السابق عيسى تشيروما بكاري، بالانتصار.
النتيجة الرسمية أظهرت فوز بيا بنسبة 53.7% مقابل 35.2% لتشيروما بكاري؛ نتيجة رحبت بها السلطة باعتبارها حاسمة، بينما شعر كثير من الكاميرونيين أنها لم تحقق ذاك التوقع أو الإثارة التي سبقت الإعلان.
أثار قرار بيا بالترشح لولاية امتدت سبع سنوات إضافية بعد 43 عاماً في الحكم جدلاً واسعاً. لم تقتصر الانتقادات على طول مدة وجوده في السلطة فحسب، بل امتدت إلى أسلوب حكمه الغامض الذي يثير تساؤلات حول مستوى تسييره لشؤون الدولة. إقاماته الطويلة في الخارج — عادةً في فندق إنتركونتيننتال في جنيڤ أو في مواقع أكثر هدوءاً حول ضفاف المدينة السويسرية — غذت التكهنات حول ما إذا كان هو من يدير شؤون البلاد فعلاً أم أن قراراً كبيراً يصدر من رئيس الوزراء أو من أمينه العام القوي للبرئاسة، فيرديناند نجوه نجوه.
في السنة الماضية اختفى الرئيس عن الأنظار لنحو ستة أسابيع بعد إلقائه كلمة في جنوب فرنسا وحضوره قمة الصين–أفريقيا في بكين، دون أي إعلان أو تفسير رسمي، مما أثار تكهنات بشأن حالته الصحية. حتى بعدما ألمح مسؤولون رفيعو المستوى إلى عودته للعمل المفترض في جنيف، لم تظهر أنباء حقيقية سوى في لحظة إعلان عودته المرتقبة إلى العاصمة ياوندة، حيث صور وهو يستقبل من أنصاره. هذا العام أيضاً لم يفاجئ أحد عندما أدرج زيارة ما قبل الانتخابات إلى جنيف قبل أسابيع من الاقتراع.
أسلوب بيا القيادي، الذي يتسم بالتحفظ ونادراً ما يدعو إلى عقد جلسات رسمية لمجلس الوزراء بكامله أو يتناول قضايا معقدة علناً، يترك فراغاً في الرؤية السياسية وتشكيل سياسات واضحة. على المستوى التقني يدير وزراء وإداريون كفؤون مبادرات وبرامج متنوعة، لكن الشعور بغياب رؤية سياسية موحدة وقوة توجيهية واضح.
المعارضة تقول إن فوز بيا كان مصحوباً تزويراً، بينما يميل النظام أحياناً إلى قمع الاحتجاج أو توقيف الأصوات الأكثر احتجاجاً. غير أن ثباته في السلطة لا يعزى فقط إلى القمع؛ فلبيا دور موازن في بلد شديد التعقيد الاجتماعي والإقليمي واللغوي — تباين بين الجنوب الاستوائي والشمال السهبي، وبين الأقاليم الناطقة بالفرنسية والأقاليم الناطقة بالإنجليزية في الشمال الغربي والجنوب الغربي — وقد نجح عبر عقود في تشكيل حكومات تضم أطيافاً اجتماعية متعددة.
رغم الاعتماد أحياناً على ضغوط صندوق النقد الدولي والدائنين الدوليين، نجحت حكوماته في تجنب كارثة مديونية وفي السنوات الأخيرة في تعزيز الاستقرار المالي الوطني تدريجياً. كما بدا بيا خلال العقد الماضي أشبه بملك دستوري رمزي: شخصية قد تقرر بعض القضايا الرئيسية لكنها تترك للسير العادي للحكومة زمام كثير من السياسات. هذا الوضع مكّنه من الاحتفاظ بالسلطة وسط تنافس داخلي شديد بين قيادات الحزب الحاكم (الحركة الديمقراطية الشعبية)، إذ طالما بقي موجوداً لم تطرح مسألة الخلافة على نحو حاسم.
مع ذلك، وبغياب وريث سياسي واضح أو مفضل، وتقدّم عدد من وجوه “الجيل القادم” في الحزب في السن، ازداد التداول حول مسألة الخلافة، وبرز اسم ابنه فرانك بين التكهنات رغم قلة اهتمامه المعلن بالسياسة أو الحكم.
التحديات التنموية والأمنية لا تنفد رغم ثراء البلاد بمصادر طبيعية متنوعة. وهل نشهد اليوم تآكلاً ملموساً في قدرة المجتمع على التحمل تجاه أسلوب بيا المتحفظ وشبه السلطوي؟ هل تعب الكاميرونيون من نظام يتيح تعددية حزبية شكلياً لكنه يمنع فعلياً تغيير الحكام؟ وهل كشفت الأزمة الدموية في الأقاليم الناطقة بالإنجليزية عن حدود نهجه البعيد والمتردد؟ عندما اندلعت احتجاجات الإصلاح في 2016 كان رد بيا بطيئاً، وبحلول الوقت الذي عرض فيه تغييرات وحواراً وطنياً كانت العنف قد تصاعد وفقدت احتمالات التسوية الحقيقية زخمها.
من ناحية اقتصادية واجتماعية، فشل بيا في تسويق رؤية تنموية طموحة أو خلق إحساس متجدد بالتقدم نحو هدف واضح. في 2018 تحدى بيا حدود قبول الجمهور عندما ترشح لولاية سابعة ونجح في مواجهة تحدٍ قوي قاده موريس كامتو، زعيم حركة نهضة الكاميرون، الذي احتُجز لنحو ثمانية أشهر بعد أن اعترض على نتائج رسمية منحت له نسبة 14% فقط. هذه المرة، غير أنه ظهر مرشح — عيسى تشيروما — قادر على تغيير المزاج العام وتحريك شعور بالإمكانية بطرق لم يتمكن منها تحدٍّ سابق منذ 1992.
ما يميّز ترشيح تشيروما هذه الدورة أنه اجتذب قاعدة واسعة من التأييد عبر مختلف مكونات المجتمع والمناطق الكاميرونية، بما في ذلك الإقليمان الناطقان بالإنجليزية. هذا السياسي الذي كان سجيناً سياسياً ثم انضم لاحقاً للحكومة وتولّى حقيبة وزارية، تميز بشجاعة ذهابه إلى باميندا، كبرى المدن الناطقة بالإنجليزية، واعتذاره عن دوره في سياسات الحكومة. وفي الأيام التي سبقت إعلان النتيجة مكث في غاروا، مسقط رأسه في الشمال، حيث احتشدت حشود شبابية لحمايته من مخاطر التوقيف.
مع بلوغ التوقعات ذروتها، ساد إحباط وغضب شديدان بين أنصار المعارضة عقب النتيجة الرسمية، حتى لو كانت متوقعة. وردّاً على ذلك، وردت تقارير عن إطلاق قوات الأمن النار على متظاهرين في دوالا، ميناء الجنوب ومركز النشاط الاقتصادي، كما ترددت أنباء عن إطلاق نار في غاروا أيضاً.
إصرار بيا على ضمان ولاية ثامنة يعيد البلاد إلى مواجهة مخاطر عالية وتكاليف اجتماعية وسياسية موجعة.
بول ميلي باحث مشارك في برنامج إفريقيا بمؤسسة تشاتام هاوس في لندن.