إسرائيل تدرس فصل صلاحيات النائب العام — تحذيرات من تأثير سياسي محتمل

الكنيست مقبل على التصويت على مشروع قانون مثير للجدل يقترح فصل مهام النائب العام، ما أثار نقاشات واسعة حول أثره المحتمل على النظام القانوني في إسرائيل.

المشروع المقرر عرضه للقراءة الأولى يوم الأربعاء يتناول تفكيك دور النائب العام؛ خطوة درامية في مسماها، عميقة في تداعياتها، ومعقّدة لجهات عدة داخل المنظومة القضائية الإسرائيلية.

ثلاثة محاور تشكل صلب هذا الجهد التشريعي. الأول مبادرة خاصة تقدّم بها عضو الكنيست ميشيل بوسكيلا (حزب الأمل الجديد–اليمين الموحد)، ويتضمن نقل سلطة النائب العام في القضايا الجنائية التي تخص المسؤولين العموميين إلى مكتب مدعي الدولة، مع إخضاع هذا النقل لموافقة لجنة جديدة يتم انتخابها. المحور الثاني مشروع حكومي أقرّه لجنة الوزراء للتشريع وقدّمه عضو الكنيست سيمشا روثمان (حزب الصهيونية الدينية)، وهو الأكثر تطرفًا من بين المقترحين.

النص الحكومي المقترح يقضي بتقسيم منصب النائب العام إلى ثلاث وظائف مستقلة: المستشار القانوني للحكومة، ورئيس النيابة العامة للدولة، وممثل الدولة أمام المحاكم.

قبل عام 2000 كانت التعيينات بالنيابة العامة تُقصَد بها عادة تسميات سياسية لا بد أن تتوافق مع شروط أهلية للترشح أمام المحكمة العليا. لكن عقب فضيحة بار-أون/الخليل عام 1997، أوصت لجنة شامغار في عام 2000 بإنشاء آلية تعيين رسمية عبر لجنة مهنية عامة. تتولى هذه اللجنة، التي يترأسها قاضٍ متقاعد من المحكمة الاعلى وتضم وزير عدل أو نائب عام سابقاً، وعضو كنيست، ومحامياً، وعميد كلية الحقوق، فحص المرشحين وتقديم توصيات للحكومة. يخدم كل نقيب عام مدة ست سنوات، لا يجوز تقصيرها إلا في ظروف صارمة ومحددة.

حذّر أكاديميون قانونيون من أن المقترحات الجديدة قد تمنح الحكومة سلطة غير مسبوقة على أقواها القانونيين. بموجب مشروع روثمان، يُعيّن النائب العام مباشرةً بقرار من رئيس الوزراء ووزير العدل، وبعد موافقة الحكومة، لمدة ست سنوات. يشترط في المرشح امتلاك عشر سنوات خبرة في القانون الجنائي، منها خمس سنوات على الأقل كقاضٍ في محكمة المقاطعة، لكن آرائه القانونية لن تظل ملزمة كما هي الحال الآن.

يقرأ  إسرائيل وحماس يعيدان مزيدًا من جثث الأسرى في إطار اتفاق وقف إطلاق النار بغزة

يُعيّن رئيس النيابة العامة بقرار من وزير العدل لمدة ست سنوات بعد مصادقة لجنة كنيستية، مع اشتراط عشر سنوات خبرة في القانون الجنائي. كما يُعيّن ممثل الدولة في المحاكم بقرار وزير العدل وبمتطلبات خبرة مماثلة.

ومن الجدير بالذكر أن عدداً من المسؤولين، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهوو، يواجهون في الوقت الحالي تهمًا جنائية.

يحتل منصب النائب العام مركزًا محوريًا في الإطار القانوني والديمقراطي لإسرائيل. فكمستشار قانوني أول للحكومة، يقدم النائب العام استشارات ملزمة للسلطات، ضامناً امتثالها للقانون، كما يقود جهاز الادعاء العام، ويمثل دولة إسرائيل في المحاكم، ويحمي المصلحة العامة فيما يتعلق بالحقوق الدستورية.

الفوائد والمخاطر
«حتى لو وُجدت مكاسب لتفكيك المنصب… فإن ثمة مخاطر، لا سيما خطر سياسـية هذه المؤسسات» قال الدكتور غاي لوري، زميل بحث في معهد الديمقراطية الإسرائيلي. أضاف أن الفصل ينبغي أن يسبقَه «تفكير عميق» ومراجعة مهنية، مشيراً إلى أن لجنة شامغار أوصت بالإجماع بعدم السير في هذا الاتجاه.

«الحكومة في إسرائيل قوية نسبياً بالفعل؛ وأهم الضوابط عليها هي المحاكم والنائب العام» قال لوري. «هذا المقترح سيُزيل الضابط الداخلي ويترك المحاكم وحدها. كثير من القضايا قد لا تُطعن، ما يضعف حكم القانون وقد يضر بحقوق الإنسان».

ورأى لوري أن المقترح «ليس مجرد فصل وظيفي فحسب، بل إعادة هيكلة كبرى تُقلّص قدرة شاغلي المناصب على حماية حكم القانون. أهمية الأمر تكمن في الحفاظ على ضابط دستوري لسلطة الحكومة».

المعارضون يجادلون بأن استقلالية منصب النائب العام جوهرية لحكم القانون. تفكيك مؤسسة موحدة يعد إصلاحًا تنظيمياً بارزًا يتطلب دراية وترصُّدًا، خصوصاً في ضوء التطورات منذ توصية لجنة شامغار. «إذا مضى الفصل قُدماً، فهناك حاجة إلى ضمانات إضافية لمنع التسييس»، قال لوري.

يقرأ  كوهلي وروهيت يتعثّران.. الهند تخسر أمام أستراليا في افتتاح سلسلة الأو دي آي في بيرث

وحذرت النائبة العامة الحالية غالي بهاراف-ميارا أيضاً من أن طرق التعيين المقترحة ستؤدي إلى تسييس المنصب وتُقوّض دوره كحامٍ للديمقراطية.

محاولات فصل مهام النائب العام ترددت على مدى ثلاثة عقود لكنها لم تُنجز، غالباً بسبب معارضة قضائية قوية.

ثمة بُعد سياسي لا يَغفل؛ إذ أعاد تطور المشهد السياسي منذ توجيه لائحة اتهام لرئيس الوزراء عام 2019 تشكيل الخريطة السياسية، وبلغ ذروته بتشكيل ائتلاف عام 2022 الذي دفع لإصلاحات قضائية ركزت على تقوية استقلالية السلطة وتقليص الرقابة.

في ضوء ذلك، يتطلب تفكيك دور النائب العام أكثر من تشريعٍ جديد؛ بل يحتاج إلى مراجعة شاملة لمئات القوانين التي تمنح النائب العام صلاحيات واسعة.

فرص إقرار مشروع كهذا بصيغته الحالية تبدو ضئيلة، لكن الأسئلة الجوهرية تبقى: لماذا يحاولون الآن، وبماذا تفسَّر السرعة أو الطريقة التي سارت بها المبادرة؟

أضف تعليق