حين تلتقي المناصرة بالإرهاق: رحلة معلم نحو دعم طالب صامت

في ظل المشهد الحالي للتعيلم، تواجه المدارس ضغوطًا متزايدة نتيجة تزايد أعداد التلاميذ الذين يحتاجون إلى خدمات متخصصة بسبب صعوبات تعلم، صدمات عاطفية، ومشكلات سلوكية. وفق تقرير للمركز الوطني لإحصاءات التعليم، يتلقى نحو 14% من طلاب المدارس العامة خدمات التعليم الخاص بمقتضى قانون تعليم الأفراد ذوي الإعاقة (IDEA). تعكس هذه النسبة حاجتنا الملحّة إلى دعم نظامي، في حين تعجز كثير من المدارس عن توفير الموارد والخدمات الكافية لكل طالب يحتاجها.

يتفاقم هذا الخلل البنيوي بفعل قيود الميزانية ونقص الكوادر المؤهلة. أظهرت دراسات، بما في ذلك أبحاث نُشرت في مجلات متخصّصة، أن عدداً لا يستهان به من المدارس غير قادر على تنفيذ متطلبات برامج التعليم الفردية (IEPs) وطلبات الخطط 504 بسبب تمويل غير كافٍ ونقص في الطاقم. النتيجة أن تلاميذًا يحتاجون دعماً إضافياً كثيرًا ما يُتجاهَلون، ويُترَكون لمواجهة صعوباتهم من دون الموارد الضرورية. كما أن تشريعات الميزانية الأخيرة التي أعادت تخصيص الأموال قد تُعمّق من هذه الضغوط إذا لم تُعطَ الأولوية للتعليم الخاص.

العواقب وخيمة: تشير بحوث المجلس الوطني للإعاقة إلى أن التلاميذ الذين تبقى احتياجاتهم دون تلبيَة هم أكثر عرضة للفشل الأكاديمي، والمشكلات السلوكية، والضيق العاطفي. على مستوى المدارس، يتحمّل المعلمون عبءًا عاطفيًا هائلًا عندما يفشل النظام في حماية تلاميذهم، مما يؤدي إلى استنزاف مهني وانتشار شعور بالعجز بين المربين.

كمربية لصف ثالث في مدرسة نموذجية مبتكرة، شهدت هذا القصور بنفسي حين وصلت إلى فصلي طالبة جديدة اسمها موناي؛ كانت تعاني اضطراب ضغط ما بعد الصدمة الحاد وتاريخًا من الإهمال. دخلت موناي إلى الصف في ظل فوضى مئة طالب وثلاثة معلمين. كانت ثمة قلق ظاهر في سلوكها: بالكاد تكلمت، وغالبًا ما كانت تتواصل عبر نباح أو أصوات بديلة، ما دلّ على صراعها للتأقلم في بيئة مربكة ومزدحمة.

يقرأ  مطار هامبورغ يشهد تأخيرات إثر اختناق في إمدادات الوقود

بالرغم من محاولاتي المتواصلة للدفاع عن حقوق موناي، كانت المدرسة تفتقر إلى القدرات اللازمة لتوفير الدعم الإضافي الذي تحتاجه. كان لدينا عدد كبير من برامج IEP وخطط 504 بالفعل، وفي كثير من الأحيان تم إزاحة احتياجات موناي جانبًا. هذا السيناريو ليس استثناءً؛ فقد أظهر استطلاع للاتحاد الأمريكي للمعلمين أن نسبة كبيرة من المعلمين يشعرون بعدم الجاهزية لمقابلة احتياجات التلاميذ ذوي الإعاقة.

خلال محاولاتي لتأمين الخدمات اللائقة لموناي، أدركتُ بعمق الأثر العاطفي الذي يعانيه المعلمون المتحمّسون لنجاح تلاميذهم: شعور بالإحباط، وإرهاق مهني متنامٍ، وانحدار في الصحة النفسية للعاملين في المجال التربوي. أبحاث علمية تربط بين استحالة تلبية الحاجات المتنوِّعة للتلاميذ وارتفاع معدلات الاحتراق الوظيفي لدى المعلمين.

ومع ذلك، نما رابط التكافل بيني وبين موناي بمرور الوقت، إذ كرّست جهدي للبحث عن أساليب إبداعية لدعمها. بدأت تتفتح تدريجيًا من لغة الخوف إلى التعبير اللفظي، وكانت تذكيرًا حيًا بمدى تأثير بالغٍ يمكن أن يحدثه بالغ واحد رعاية في حياة طفل، حتى داخل نظام منهك.

عندما دنت السنة الدراسية التالية، قررتُ تغيير الصفوف لأبقى معها، ليس لمصلحة تطوري المهني فحسب، بل كالتزام بالدفاع عنها حين أخفق النظام في ذلك. قصة موناي ليست سوى واحدة من حكايات كثيرة توضح الحاجة الملحّة لتغيير بنيوي في قطاع التعليم.

أقترح سياسات واضحة ومُمَوّلة خصيصًا لخدمات التعليم الخاص، وتوظيف عدد أكبر من الكوادر المؤهلة، وتنفيذ برامج تدريب شاملة للمعلمين لتمكينهم من تلبية الاحتياجات المتنوِّعة لتلاميذهم. مع تزايد أعداد التلاميذ الذين يحتاجون إلى خدمات متخصصة، من الضروري معالجة جذور المشكلة: التمويل، والتوظيف، وتوفير الموارد والادوات الداعمة. لا بد من نشر الوعي والمناصرة لأُطر دعم أفضل وسياسات تضع مصلحة كل طفل في الصدارة.

يقرأ  التوجيه لتخصيص التعلم:تكييف المحتوى التعليمي باستخدام الذكاء الاصطناعي

قد تبدو رحلة التنقُّل في نظام تربوي مُنهَك معزولة، لكن بمشاركة القصص يمكننا إلقاء الضوء على الحاجة الماسة للإصلاح. على المربّين الاستمرار في مناصرة تلاميذهم، وعلى صانعي السياسات أن يضعوا تمويل ودعم هذه الفئات على رأس أولوياتهم. عندها فقط سنستطيع بناء بيئة تعليمية تتيح لكل طفل فرصة الازدهار.

أنا مُدرِّسة سابقة متحمّسة تحولت إلى طالبة دراسات عليا في مجال الإرشاد الصحي النفسي السريري. كأم فخورة لطفلين، أعي أهمية رعاية العقول والقلوب الناشئة، ومن هنا أسّست “أكاديمية كيد ثرايف”؛ برنامج إثرائي للأطفال. أحرص على تعزيز الصحة الجسدية والنفسية لدى الصغار وأسعى لنشر الرفاهية بين الجميع.

إلى جانب عملي مع الأطفال، أهوى الكتابة وأستكشف أفكارًا جديدة وأشارك قصصًا ملهمة. أؤمن بشدة أن المناصرة من أجل الصحة النفسية تبدأ مبكرًا، وأن التجارب الثرية هي مفتاح بناء المرونة والإبداع. سواء كنت أوازِن بين واجباتي الدراسية، وأنشطة الأطفال، والأعمال المنزلية، فإن هدفي الدائم تمكين الجيل القادم ليزدهر عاطفيًا ونفسيًا.

أضف تعليق