منظمة الصحة العالمية: هجوم الميليشيا على مستشفى في دارفور تكرّر على موجات

جنيف — قالت منظمة الصحة العالمية إن مجموعات مسلّحة فتحت النار على مشفى في السودان في هجمات متتالية، حيث اختطفت أطباءً وممرضين ثم أعدمت طاقم المشفى والمرضى والمختبئين داخله، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 460 شخصاً، وفق ما أفادت به المنظمة يوم الجمعة.

جاء الهجوم الثلاثاء في إقليم دارفور كجزء من ملاحم عنف نسبت إلى قوات الدعم السريع، وهي كتيبة شبه عسكرية قوية، بعد استيلائها على مدينة الفاشر الرئيسية عقب حصار دام 18 شهراً. وأفاد شهود بأن مقاتلين داهموا المنازل بيتاً بيتاً وقتلوا المدنيين وارتكبوا اعتداءات جنسية.

تفاصيل كثيرة حول هجوم المستشفى وحوادث العنف الأخرى في المدينة لم تتضح بعد، ولا يزال العدد الإجمالي للقتلى غير معروف بدقة.

سقوط الفاشر يبشر بمرحلة جديدة من الحرب البشعة التي تستمر منذ عامين بين قوات الدعم السريع والجيش في ثالث أكبر دولة في إفريقيا.

تقول أرقام الأمم المتحدة إن الحرب أودت بحياة أكثر من 40 ألف شخص، لكن المنضمات الإغاثية ترى أن هذا الرقم أقل بكثير من الواقع، وقد يكون عدد القتلى أعلى بكثير. ونزح أكثر من 14 مليون شخص، وانتشرت أوبئة يُعتقد أنها أودت بآلاف الأرواح. وقد تم إعلان المجاعة في أجزاء من دارفور، الإقليم الذي يعادل مساحته مساحة إسبانيا، وأجزاء أخرى من البلاد.

الهجوم على المستشفى وقع على مراحل

قطاع الاتصالات في الفاشر مقطوع، وهي تقع في منطقة نصف صحراوية على بعد نحو 800 كيلومتر جنوب غربي الخرطوم. وأُجبرت معظم المنظمات الإنسانية التي كانت تعمل هناك على الانسحاب.

وصل بعض الناجين مُنهَكين إلى مخيم لاجئين يبعد نحو 40 ميلاً في بلدة تويلة.

تقول المنظمة الدولية للهجرة إن أكثر من 62 ألف شخص فرّوا من الفاشر بين الأحد والأربعاء، لكن عدد الذين وصلوا إلى تويلة أقل بكثير. وأفاد المجلس النروجي للاجئين، الذي يدير المخيم، بأن عدد الوافدين يقارب خمسة آلاف شخص، مما يثير مخاوف كبيرة بشأن مصير عشرات الآلاف الآخرين.

يقرأ  هجوم ليلي على كييف يودي بحياة ثلاثة أشخاص بينهم طفل

قدّم متحدث باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندمير، تفاصيل جديدة عن جرائم القتل في مستشفى الفاشر السعودي، الذي كان المستشفى الوحيد في المدينة الذي ظل يقدم خدمات محدودة أثناء الحصار.

قال ليندمير في إحاطة صحفية للأمم المتحدة في جنيف إن المسلحين عادوا إلى المستشفى ثلاث مرات على الأقل. في المرة الأولى اختطفوا عدداً من الأطباء والممرضين، وما يزال ستة على الأقل قيد الاحتجاز، بحسب قوله. وعادوا لاحقاً و«بدأوا بالقتل»، وأضاف أنهم عادوا للمرة الثالثة «ليقضوا على ما تبقى، بمن في ذلك أشخاص آخرون كانوا يحتمون داخل المستشفى»، من دون أن يحدد هوية المهاجمين.

تفاصيل مروعة تُنشر عبر الإنترنت وتشهد بها عيون الشهود

تداولت مقاطع مروعة على الإنترنت تُظهر جثثاً وعلى الأقل مسلحاً يطلق النار على رجل. ولم تتمكن وكالة الأسوشيتد برس من التحقق المستقل من تفاصيل الهجوم.

نفى جهاز الدعم السريع ارتكاب عمليات قتل داخل المستشفى. ونشر يوم الخميس على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يزعم أنه يصوّر مرضى داخل المستشفى، وقال متحدث في الفيديو إن مقاتلي الدعم السريع يعتنون بالمرضى ويقدمون لهم معالجة للجروح وطعاماً. ولم يتضح على الفور متى تم تصوير الفيديو، رغم أن الطابع الزمني أشار إلى أنه يوم الخميس.

قالت الدكتورة تيريزا زكريا، رئيسة وحدة العمليات الإنسانية بمنظمة الصحة العالمية، في الإحاطة إن المستشفى يقدم «خدمات محدودة» الآن، لكنها أضافت أنه منذ استيلاء الفاشر يوم الأحد «لم يعد هناك أي وجود صحي إنساني في المدينة، ولا تزال طرق الوصول مغلقة».

فاطمة عبد الرحيم، البالغة 70 عاماً، فرّت من الفاشر مع أحفادها قبل أيام من سقوطها للهرب من الحصار. وصفت رحلتها الشاقة خارج المدينة: كانت تختبئ في خنادق، تتفادى الرصاص والمسلحين وراء الجدران والمباني الفارغة، ومشت خمسة أيام لتصل إلى تويلة. على الطريق شهدت مقاتلين يلصقون الرصاص بشباب كانوا يحاولون إدخال طعام إلى المدينة. كان الطريق مرصوداً بالجثث والجرحى الذين لم يستطيعوا التحرك.

يقرأ  عودة الرئيس السابق لمالاوي إلى الحكم بعد فوزه في الانتخابات عن عمر ناهز الخامسة والثمانين

«القتلى في الشوارع كانوا لا يحصون»، قالت فاطمة لمراسل الوكالة من تويلة. «كنت أغطي عيون الصغار حتى لا يروا. بعضهم كان مجروحاً ومضروباً ولا يستطيع الحركة. سحبنا بعضهم إلى الطريق الممهد على أمل أن تمر سيارة وتقلهم».

اتهامات لميليشيات بارتكاب مجازر متكررة

كانت الفاشر آخر معقل للجيش السوداني في دارفور، وسقوطها يؤمن سيطرة قوات الدعم السريع على معظم الإقليم الكبير في الغرب، مما يثير مخاوف من انقسام جديد في السودان، حيث يبقى الجيش في الخرطوم وشمال وشرق البلاد.

اتُهمت قوات الدعم السريع وميليشياتها الحليفة بارتكاب مجازر واغتصابات متكررة عندما سيطرت على العاصمة الخرطوم، وبخاصة خلال استيلائها على مدن في دارفور ومناطق جنوبية أخرى خلال العامين الماضيين، مستهدفة في الغالب مدنيين من أعراق وسط وشرق إفريقيا.

تتألف قوات الدعم السريع في الغالب من مقاتلين من ميليشيا الجنجويد العربية، التي اتُهمت بتنفيذ حملة إبادة جماعية مدعومة من الحكومة في دارفور خلال مطلع الألفية الجديدة، راح ضحيتها نحو 300 ألف شخص.

جُندت الجنجويد في البداية من قبل الجيش لمقاتلة المتمردين في دارفور، الذين ثاروا ضد تركّز السلطة في الشمال. ثم أعيد تنظيمها لاحقاً لتصبح قوة رسمية باسم قوات الدعم السريع.

تحالفت الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع لفترة وجيزة بعد الاحتجاجات التي أطاحت بالحكم المطول لعمر البشير، لكن الخلاف اندلع بين الطرفين في 2023 في صراع على السلطة.

أفاد الديب من القاهرة.

أضف تعليق