«أعيدوه إلى الوطن» — زوجة سامي حمدي تناشد واشنطن إطلاق سراح صحفي بريطاني | أخبار الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني

كانت سمية حمدي تخطط لعطلة عائلية ستقضيها قريبًا مع زوجها عندما وصلتها رسالة نصية غيّرت مجرى الأمور تمامًا. سألتها صديقة: «هل صحيح أن سامي يُختطف؟»

اتصلت سمية بزوجها، المعلق والصحفي البريطاني-التونسي سامي حمدي، في وقت سابق من ذلك اليوم للاطمئنان عليه؛ إذ كان يجوب الولايات المتحدة في جولة محاضرات يتناول فيها حرب إسرائيل على غزة. وعندما لم يرد على مكالمتها افترضت أنه منشغل في فعالية عامة.

لكن الخبر الحقيقي كان مفاجئًا: فقد احتجزته سلطات هجرة الولايات المتحدة، وهو ما وصفته سمية لـ«الجزيرة» بأنه «صدمة تامة».

جاء ذلك يوم الأحد 26 أكتوبر، إذ أُوقف سامي في مطار سان فرانسيسكو الدولي. وبدون أن يدرِ، كانت تأشيرته قد رُفعت قبل يومين بعدما شنت حملة ضغط ضدّية للمسلمين ومؤيِّدة لإسرائيل عبر مؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي.

توقيف مدوٍ ودعوى قانونية

أثار احتجاز الناقد البالغ من العمر 35 عامًا لسياسات إسرائيل في غزة معركة قانونية، حيث قدم محاموه التماسات عاجلة ضدّ احتجازه، فيما طالبت زوجته برفقة نواب بريطانيين ومنظمات مجتمع مدني في المملكة المتحدة حكومتهم بالتدخل.

تصف مجموعات الدفاع عن المسلمين القضية بأنها جزء من حملة تهدف إلى إسكات الأصوات المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة عبر تطبيق قوانين الهجرة.

«حشروه في فان أسود»

كانت جولة سامي الأخيرة ضمن جولات عديدة داخل الولايات المتحدة، فقد ازدادت شهرته بين المسلمين الأمريكيين والمؤيدين للقضية الفلسطينية منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023 بسبب تعليقاته المؤيدة للفلسطينيين.

تناول سامي مساء السبت كلمة في حفل سنوي نظمه مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) في سكرامنتو، وكان من المقرر أن يتحدث في فعالية أخرى للمجلس في فلوريدا في اليوم التالي. لكن أثناء تحركه صباح الأحد عبر صالة الرحلات الداخلية بمطار سان فرانسيسكو اقترب منه عناصر من دائرة الهجرة والجمارك (ICE).

تروي سمية ما قصه زوجها عليها لاحقًا: «أخذوه إلى فان أسود كبير. سألهم — ويبدو أنها كانت المحاولة الثانية أو الثالثة — قائلًا: ‹أحتاج أن أخبر أحدًا أن ICE أخذتني›. فسمحوا له برسالة نصية واحدة».

أرسل سامي رسالة قصيرة إلى CAIR قبل أن يصادروا هاتفه. وعندما اتصلت سمية لاحقًا أجابها أحد عناصر ICE ثم قطع المكالمة وأغلق الهاتف.

يقرأ  انضمام أكثر من عشرين دولة إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في رفض خطة إسرائيل غير القانونية للاستيطان في منطقة إي-١أخبار القدس الشرقية المحتلة

اتصل بها سامي في منتصف الليل من مركز احتجاز ‘غولدن ستيت آنِكس’ في كاليفورنيا لمدة ثلاثين ثانية؛ كانت المكالمة تبدو قصتًا ومتوترة. بعد أيام نُقل إلى منشأة أخرى في منتصف الليل من أجل إجراءات المعالجة ثم أعيد واستجوب دون حضور محاميه، بحسب ما قالت سمية. تحدثت إليه مرتين منذ احتجازه.

لدى الزوجين ثلاثة أطفال، بينهم رضيع عمره عشرة أشهر. قالت سمية: «الأولاد لا يفهمون لماذا لا يمكنهم الوصول إليه. سامي رجل أسرة.»

التصعيد القانوني

قدّم فرع كاليفورنيا في CAIR التماسًا فدراليًا بموجب حقِّ habeas corpus لمطالبة الحكومة بتبرير احتجاز سامي، إضافة إلى أمر تقييدي مؤقت عاجل لمنع السلطات من نقله. تهدف الأوراق القانونية إلى منع نقله إلى منشأة بعيدة قد تعزله عن محاميه وأصدقائه.

قالت وزارة الأمن الداخلي إن حمدي «هتف لتأييد» هجمات 7 أكتوبر التي قادتها حماس، وقالت المتحدثة باسم الوزارة تريشيا ماكلولين: «لن يُسمح لمن يدعمون الإرهاب ويقوضون الأمن القومي الأمريكي بالعمل أو زيارة هذا البلد». وشاركت الوزارة مقتطفًا محرّرًا من مؤسسة MEMRI، التي تُعرّف نفسها كمراقب للتطرف وتُصنف مؤيدًا لإسرائيل، يظهر فيه مقطع يعود لسامي قال فيه: «لا ترثفوا بهم [الفلسطينيين]، هم لا يريدون شفقتم، اهتفوا بانتصارهم».

لكن بعد أسبوع وفي مرات لاحقة أوضح سامي تصريحاته، قائلاً في برنامج بودكاست «ذا ثينكينغ مسلم» بعد أسبوع من 7 أكتوبر: «ما يفرحه المسلمون ليس الحرب، إنما إحياء لقضية — قضية عادلة». وتشير عائلته إلى قوله: «العنصرية، الإسلاموفوبيا، معاداة السامية، الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب لا تحتاج إلى شروحات أو تعريفات ليعترف بها الإنسان ويقف ضدها».

وصفت سمية الاتهامات الموجّهة إلى زوجها بأنها «ادعاءات فاضحة» و«حملة تشويه تستهدف دفاعه عن حقوق الفلسطينيين». وأضافت: «سبب هذه الاتهامات أن سامي أصبح متحدثًا فعالًا جدًا. هو واضح في قوله إن المليارات لا يجب أن تُنفقها الحكومة الأمريكية لإنقاذ دولة إسرائيل بينما المواطنون الأمريكيون يحتاجون إلى سكن ورعاية صحية… إذًا لا ينتقد الولايات المتحدة، بل ينتقد حكومة أجنبية، ويُستهدف لذلك».

يقرأ  تصاعد عنف المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلةأسباب التصعيد وآثاره في إطار الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني

في رسالة مفتوحة إلى نائب الرئيس جيه.دي. فانْس، كتب والد سامي، محمد الحشمي حمدي، أن انتقاد إسرائيل «ليس جريمة بل واجب أخلاقي»، داعيًا إلى أن يُشجع ابنه لا أن يُعاقَب ويُمنع من دخول أمريكا.

حماية الحقوق الدستورية والمقارنات

قالت زهراء بيلّو، المدير التنفيذي لمكتب CAIR في منطقة خليج سان فرانسيسكو، والتي شكّلت الدفاع القانوني عن سامي، إن الدعوى تهدف إلى حماية حقوقه الدستورية. وأضافت: «رغم تغريدات لورا لومر وآمي ميكلبيرغ وحسابات حكومية مختلفة تزعم عكس ذلك، لم تُوجّه أي تهم لطالما سامي محتجزًا»، في إشارة إلى ناشطات يمين متطرف ادّعن أن لهن الفضل في توقيفه.

شَبّهت بيلّو قضية سامي بحالات سابقة لمؤيدين أجانب للفلسطينيين احتجزتهم ICE، من أمثال محمود خليل، روميساء أوزتورك، وبدر خان سوري.

استندت إدارة ترامب إلى قانون أعداء الأجانب لسنة 1798، وهو قانون وقت الحرب فسّرت تطبيقاته بشكل واسع لتمكين الحكومة من استهداف أجانب تُعتبر أفعالهم الكلامية مضرّة بالسياسة الخارجية الأمريكية.

قال محامٍ هجرة، حسن أحمد، الذي يمثل سامي وتولى ملفات مشابهة كقضية سوري، إن هذا يعكس «حملة قمع واسعة للدعوة الفلسطينية عبر قوانين الهجرة». وأضاف أن الإسلاموفوبيا ومعاداة الفلسطينيين «مختلفتان لكنهما غالبًا ما تتقاطعان، وقد زادت تلك الظاهرة منذ أكتوبر». «هذه جزء من مشكلة أوسع تتعلق بالإسلاموفوبيا المؤسَّسية في منظومة العدالة الأمريكية»، كما قال بعض المسؤولين.

وأضاف بيلو: «هنا استخدام الهجرة كسلاح لتطبيق عنصرية بنيوية ضد الفلسطينيين».

وأوضحت بيلو أن منظمة CAIR أعربت عن قلقها من تصاعد موجة الإسلاموفوبيا منذ اندلاع ما تصفه بالإبادة في غزة، مشيرة إلى أن تلك الظاهرة «ارتفعت إلى مستويات لم نعهدها من قبل». ووفق أحدث تقرير للحقوق المدنية أصدرته المنظمة، تلقت 8,658 شكوى خلال عام 2024 — وهو أعلى عدد تسجله منذ بدء جمع البيانات عام 1996. وعزت المنظمة هذا الارتفاع إلى ما سمَّته «الإبادة المدعومة من الولايات المتحدة في غزة»، والتي أثارت موجة من الإسلاموفوبيا في أنحاء الولايات المتحدة، امتدت شكاواها إلى مجالات التمييز في العمل والتعليم واحتكاكات مع أجهزة إنفاذ القانون وجرائم الكراهية.

يقرأ  خطة ترامب لغزة، ماذا تتضمن وهل ستنجح؟

أما تقرير مجموعة Common Dreams لحقوق الإنسان بعنوان «التضامن جريمة»، الذي نُشر هذا الشهر، فيرسم صورة قاتمة لحملة وطنية تُحاول قمع التضامن مع الفلسطينيين داخل الولايات المتحدة، مستعرضاً سياسات رقابية واعتقالات وتشديدات على الجامعات وترحيلات تستهدف دعاة القضية الفلسطينية.

رد فعل المملكة المتحدة — «غير كافٍ تماماً»

قالت وزارة الخارجية والتنمية والكومنولث البريطانية لـ«الجزيرة» إنها «تقدّم مساعدة قنصلية» وإنها «على تواصل مع السلطات المحلية وأسرة المعني». لكن سمية وصفت هذا الرد بأنه «غير كافٍ على الإطلاق»، مؤكدة أن السلطات الأمريكية تمنع مسؤولي وزارة الخارجية البريطانية من الحصول على معلومات تشرح سبب إلغاء تأشيرة حمدي.

«نتحدث عن مواطن بريطاني يحمل تأشيرة أمريكية سارية وقد سُمِح له بالفعل بدخول الولايات المتحدة»، قالت سمية. «كان على وزارة الخارجية أن تعترف بأن ما حدث أمر يثير القلق الشديد».

وأصدر خمسة أعضاء في البرلمان البريطاني، من بينهم زعيم حزب العمال السابق جيريمي كوربين، بياناً الأسبوع الماضي طالبوا فيه الحكومة بتأمين وصول قنصلي والمطالبة بعودة آمنة لحمدي. كما طالبت نقابة الصحفيين الوطنية والاتحاد الدولي للصحفيين بالإفراج الفوري عنه؛ وقال سيماس دولي، الأمين العام المساعد للنقابة البريطانية للصحفيين، إنه «لا توجد أدلة على أنه، بصفته صحفياً، مذنب بارتكاب جريمة إرهابية، ويجب إطلاق سراحه».

ودعا مجلس مسلمي بريطانيا الحكومة إلى اتخاذ «إجراءات دبلوماسية عاجلة»، مؤكدين أن «حرية الصحافة لا يمكن أن تكون انتقائية، ونحث الحكومه البريطانية على الدفاع عن مواطنيها المحتجزين بهذه الطريقة».

أهمية القضية تتجاوز فرداً واحداً

شددت بيلو على أن المسألة تتعدى حالة فردية واحدة. «إذا استطاعت الحكومة الأمريكية أن تعامل محللاً سياسياً مرموقاً عالمياً وصحفياً ومواطناً بريطانيّاً بهذه الطريقة، فكلنا مضطرون للتساؤل: هل نحن بأمان؟ ماذا يمكننا أن نقول؟»

أثرت هذه الإقامة الجبرية على العائلة بشكل مدمر، كما قالت زوجته: «سامي يفتقد الأطفال حين يسافر. يفتقد كل عائلته». وأضافت: «والداه قلقان للغاية ومتوتران بشأن صحته ورفاهه».

«إن أردتم إخراجه من البلاد فابعثوه إلى الوطن»، قالت، «له أسرة تفتقده بشدّة وتنتظر عودته بفارغ صبر؛ هم مشتاقه له. فما السبب في حرمانه من حريته واحتجازه بهذه الطريقة؟»

أضف تعليق