توفيت أليسون نولز، شخصية محورية في الفن التجريبي ما بعد الحرب وشريكة مؤسسة لحركة فلوكسوس، في منزلها بمدينة نويورك في 29 أكتوبر عن عمر يناهز اثنان وتسعين عاماً. أكدت وفاة الفنانة صالة العرض التي كانت تمثلها، جيمس فونتس.
على مدى ستة عقود من الممارسة الفنية، تنقّلت نولز بين التخصصات وامتدت إلى وسائط متعددة، مسهمةً في تفجير حدود الأشكال التي اقتحمتها. تميّزت كمبتكرة في فن العمليات، والجماليات العلائقية، والفن الحاسوبي، كما أدخلت عناصر الصدفة والصوت في عملها، مستخلصةً في الوقت نفسه دلالات سياسية من الأشياء اليومية. رفضت ليس فقط حدود مؤسسة الفن بل كذلك الحاجز بين العمل الفني والعالم الخارجي؛ وفي مقابلة شفهية عام 2010 مع ارشيف الفنون الأمريكية قالت ببساطة: «الناس لا يلمسون الفن. هذه إحدى المشكلات.» ونُقِد لها أنها «تطالبنا بتجربة الحاضر جسدياً».
ولِدَت نولز في عام 1933 بضاحية سكارزديل في مقاطعة ويستشستر. درست أولاً في كلية ميدلبري بفيرمونت ثم انتقلت إلى معهد برات في بروكلين حيث تولّت دراسة الفن على يد رسامين ومُنظِّرين مثل ريتشارد ليندنر وأدولف جوتليب، كما حضرت دورة صيفية مع رائد حقل اللون جوزيف ألبيرس في جامعة سيراكيوز.
في نيويورك خلال خمسينيات القرن العشرين انخرطت في كل ساحات الفن المعاصر والتجريبي؛ شاركت وحضرَت «الحوادث» (Happenings) التي نظمها ألان كابرو، وانضمت إلى جمعية علم الفطريات في نيويورك حيث تلاقت مع شخصيات بارزة مثل الملحن جون كيج والفنان والمنظّم جورج ماشيوناس. إلى جانب هذين، كانت من الأعضاء المؤسسين لحركة فلوكسوس وشاركت في أدائها الأول عام 1962، وكانت المرأة الوحيدة في صف الفنانين بينهم نام جون بايك.
تزوجت من زميلها في فلوكسوس ديك هيغينز عام 1960 ولديهما توأمان، هانا وجيسيكا، اللواتان وصفتهما في مقابلة عام 2002 بأنه «أخواتي بقدر ما هن أولادي». في عام 1963 أسسا معاً «سمثينغ إلز بريس»، دار نشر متعدِّدة الوسائط تهدف إلى جعل كتاب الفن بين وسائط مختلفة متاحاً على نطاق واسع؛ هناك صممت وشاركت في تحرير كتاب جون كيج Notations (1969)، قبل أن ينفصلا عام 1970.
واصلت نولز امتحان الشكل الفني داخل أعمال منفردة ومركبات كبيرة النطاق مثل «كتاب القارب» (1979) حيث كان «القراء» يمشون داخل صفحات، وأعمال مثل «لفائف الفاصولياء» (1963) التي حولت مواد بسيطة ومعممة ومنخفضة التكلفة إلى كتب — فقد كانت الفاصولياء مادة مفضلة لرسوخها في الحياة اليومية. حولت الصفحات إلى أدوات موسيقية ثم تعاونت مع الحرفية المتخصِّصة في صناعة الورق كوكو جوردون لتصميم كتاب أقسامه تقابل أجزاء من الجسد (Loose Pages، 1983).
تبنّت نولز صيغة «درجات الحدث» (Event Scores)، الشكل الأدائي التشاركي الذي وضعه جورج برِشت، وأنتجت أكثر من مائة من هذه الدرجات. من أشهرها «اصنع سلطة» (1962)، و«الغداء المتماثل» (1960)، و«موسيقى الصحف» (1962). الأولى، التي وُلدت في معهد الفنون المعاصرة في لندن، تكتفي بعنوانها كتعليمات تُعهد إلى المؤدين لتفسيرها وتنفيذها.
كما تُنسب إليها مشاركة في ولادة شعرٍ مولَّد حاسوبياً بالتعاون مع الملحن جيمس تيني؛ «بيت الغبار» (1967) جرى تأليفه بلغة برمجة مبكرة على حاسوب آي بي إم، وسيُعاد عرضه ضمن افتتاحية متحف نيو (New Museum) بعد إعادة فتحه.
تُعرض أعمال نولز في مجموعات مهمة حول العالم، من بينها متحف الفن الحديث، متحف المتروبوليتان، متحف ويتني للفن الأمريكي، معهد فنون شيكاغو، المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي والآثار (المعروف باسم سميثسونيان) ومتاحف لوس أنجلوس وتايت مودرن وسانتربومبيدو في باريس.
ستُذكر أليسون نولز بتدخّلاتها الجريئة في الشكل، وبإصرارها على الشعر الموجود في العالم المادي، وبإيمانها بأن الفن شكل يُعاش. كما قالت في مقابلة عام 2011: الفن، بالنسبة لي، «كان ذريعة لأصل وأتحدث إلى الناس، لألاحِظ كل ما يحدث، ولأنتبه.»