هروب فتى من الفاشر وسط اتهاماتٍ بالتجسُّس

بشرى محمد وأكيسا وانديرا — بي بي سي أفريقيا
صور وكالة الصحافة الفرنسية عبر غيتي إيماجز

تتوافد أعداد من النازحين إلى تويلا بعد قطعهم طريقاً مشياً على الأقدام استمر ثلاثة أيام.

يبكي عبدالوهاب، وهو اسم مستعار لطفل عمره اثنتا عشر عاماً، وهو يسرد ما أصابه أثناء فراره من مدينة الفاشر الواقعة في غرب السودان. خرج الفتى من الفاشر يوم الأحد بعد سقوطها بيد قوات الدعم السريع، المجموعة شبه العسكرية التي تخوض نزاعاً داخلياً مع الجيش امتدَّ لما يزيد على عامين ونصف.

في مقطع فيديو وصل إلى بي بي سي، تبدو على وجهه علامات حزنٍ عميق وإرهاق، وصوته خافت وهو يصف تعرضه للاعتداء «مرات كثيرة» من قبل مقاتلي قوات الدعم السريع. خوفاً من انتقامهم، انضم عبدالوهاب إلى موجة من الناس — بينهم بعض أفراد أسرته — يحاولون الخروج من المدينة.

تقدّر الأمم المتحدة أن نحو 60 ألف شخص قد نجحوا في مغادرة الفاشر، وكثيرون منهم يروون روايات مرعبة عن فظائع، بينها حالات اغتصاب. وبعد ثلاثة أيام مشياً، بلغ عبدالوهاب مأمن تويلا النسبي بعد رحلة امتدت نحو 80 كيلومتراً، لكنه وصل وحيداً.

يقول في الفيديو: «تركتُ المدينة مع أبي وإخوَتي، لكن بسبب الفوضى تفرّقنا، وصلت إلى تويلا وحدي». تعرض خلال الطريق للضرب ووجّهت له تهمة التجسّس. «سرت على الطريق، وفي الطريق أمسكوا بي [قوات الدعم السريع] مرات عديدة. ضربوني وانهالوا عليّ، وقالوا: “هذا الولد الصغير جاسووس”».

تتطابق روايته مع شهادات أخرى تفيد أن الرجال والأولاد عرضة بشكل خاص للاعتقال التعسفي والعنف والإعدام الميداني. يضيف عبدالوهاب أن مقاتلي قوات الدعم السريع قد اعتقلوا والدته وإحدى شقيقاته قبل نحو شهر، ولا يعلم إن كانتا على قيد الحياة.

يقرأ  حلف شمال الأطلسي يعلن خطة لتعزيز الجناح الشرقي لأوروبا

علي — اسم مستعار أيضاً — هو متطوع في العمل الإنساني بعد أن فرّ هو نفسه من الفاشر قبل أسبوعين، وهو من صوّر إفادة عبدالوهاب. يتمركز علي عند مدخل تويلا حيث أقيمت مخيمات مؤقتة، ويتجمع الوافدون الجدد هناك قبل نقلهم إلى مخيمات دائمة داخل المدينة.

في ملاحظة صوتية أرسلها إلى بي بي سي لشرح السياق، كاد كلام علي أن يغلبه ضجيج الفوضى في المخيم. يقول: «[عبدالوهاب] لا يكفّ عن سؤالي عن والديه. قررت أن آخذه إلى بيتنا حتى نتمكّن من العثور عليهما». لاحظ أن الصبي يرزح تحت آثار الصدمة ويخشَى أي ضوء يظهر في الليل ظناً منه أنه مركبة لقوات الدعم السريع آتية لأخذه. «رأى ضوءاً في البعد وتمسَّك بي بشدّة وهو يصرخ. تجمّد من خوفه».

وكالات الإغاثة مُنهَكة من كثرة المحتاجين للمساعدة. يروي علي أن كل وافد إلى المخيم يحمل قصة بقاء ويأس. هناك العديد من القصر غير المصحوبين بذويهم، بمن فيهم أطفال فقدوا والديهم على الطريق، يصلون يومياً. «بالأمس فقط وصل توأمان في نحو العاشرة من العمر برفقة امرأة قالت إن والديهما ماتا في الطريق»، يقول المتطوع.

ويضيف: «الوضع مرعب. الناس يصلون بحالات صحية متدهورة، بعضهم مصاب ومصاب بسوء تغذية. المقدمون لنا التماساً أن ننقذ الناس الموجودين على الطريق، لأن كثيرين يلقون حتفهم وهم يحاولون الوصول إلى تويلا». تحدث ناجون عن «مرور جثث مبعثرة على طول الطريق وسماع صرخات الجرحى تستغيث».

حتى جهود الإغاثة أصبحت خطيرة. يقول علي إن المنظمات العاملة في تويلا تخشى الخروج من المدينة بعد مقتل خمسة متطوعين من الهلال الأحمر في ولاية أخرى في وقت سابق هذا الأسبوع. «هم ينتظرون ضمانات وتأكيداً بأن الأوضاع باتت آمنة»، كما يضيف.

يقرأ  مع الهجوم الخاطف الروسي على أوكرانيايُطرح من جديد سؤال سياسة الاسترضاء

تحتاج العديد من الأمهات الوافدات إلى تويلا إلى الغذاء والماء والرعاية الطبية، وفق ما أفادت به منظمة إنقاذ الطفولة. وذكرت منظمات أن بعض النساء تعرّضن للهجوم والسرقة من قبل مسلحين على دراجات نارية أثناء فرارهن. «النساء اللواتي نجحن في النجاة مع أطفالهن خلال الاشتباكات وصلن إلى تويلا بلا طعام ولا ماء. هن الآن معتمدات كلياً على مساعدات إنسانية محدودة»، بحسب بيان المنظمة.

قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها تكافح لتأمين مأوى وغذاء كافيين للمدنيين الباحثين عن ملاذ في المدينة. لكن ليس الجميع يتمكن من الخروج من الفاشر، حيث ترد تقارير عن عمليات قتل جماعي. هذا الأسبوع اعترف قائد قوات الدعم السريع، الفريق محمد حمدان دقلو، بوقوع «انتهاكات» في المدينة وقال إنها ستخضع للتحقيق. كما أفاد مسؤول أممي رفيع أن قوات الدعم السريع أبلغت بأنها اعتقلت بعض المشتبه بهم.

تتباين التقديرات حول عدد المدنيين الذين لا يزالون محاصرين في الفاشر. تضع منظمة إنقاذ الطفولة الرقم عند أكثر من 260 ألف شخص، بينهم نحو 130 ألف طفل، يواجهون ظروفاً تشبه المجاعة وانهيار الخدمات الصحية وغياب طريق آمن للخروج. لم تُدرَج أيُّ مادةٍ للترجمة أو لإعادة الصياغة.

فضلاً، الصق النصّ الذي ترغب في ترجمته وإعادة صياغته هنا لأتمكنن من المتابعة.

أضف تعليق