مستكشفون يبحثون عن جليد قديم في أنتاركتيكا لدراسة تغير المناخ

مستكشف وعالمة جَلِيد شرعا في مهمة تستمر ثلاثة أشهر لعبور جزء من القارة القطبية الجنوبية على زلاجات مُقوّاة بالأشرعة، بحثًا عن جِلدِ جليدي يعود تاريخه إلى نحو مئةٍ وثلاثين ألف سنة.

الهدف الذي يحملانه، وهما الفرنسيان ماثيو توردوير وهايدي سيفيستر، هو فهم أفضل لتأثير ذوبان “الكوكب الأبيض” على منسوب البحار العالمية إذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية، كما أوضحا لوكالة فرانس برس في كيب تاون قبل السفر إلى قاعدة نوفولازاريفسكايا المنشأه في القارة القطبية الجنوبية.

قالت سيفيستر، العالمة الجليدية المعروفة عالميًا، إن هذه رحلة استكشافية رائدة تجمع بين قدر كبير من المغامرة وطموح علمي جاد؛ وأوضح توردوير قبل إقلاعهما من جنوب أفريقيا في 29 أكتوبر أن المهمة تبدأ مع مطلع صيف نصف الكرة الجنوبي وتتزامن مع مؤتمر المناخ كوب 30 في البرازيل، بهدف تحفيز الجهود لكبح الاحتباس الحراري.

التحدي جسيم: في عز العزلة وحاملين كل ما يحتاجانه، يعتزمان قطع نحو أربعة آلاف كيلومتر في ظروف قد تنخفض فيها الحرارة إلى خمسين درجة تحت الصفر، بحسب ما قال توردوير. يسافران باستخدام زلاجات يجرها مربع هوائي (كايت)، يربط الراكب بحزام مع شراع يقوده عبر الريح، ما يسمح لهما أحيانًا بقطع 150 وحتى 200 كيلومتر في اليوم إذا توافرت الظروف المناسبة.

نفّذا تجربة ميدانية العام الماضي حين قطعا 1500 كيلومتر في جرينلاند خلال شهر يونيو/يوليو على زلاجات مماثلة وجمعا عينات جليد، أما هذه المرة فالمطلوب إتمام مسافة تقارب 4000 كيلومتر خلال نحو تسعين يومًا. يضيف توردوير (33 عامًا) أنهما ملزومان بالخروج من القارة قبل نهاية يناير لأن النقل واللوجستيات بعد ذلك يتعذّران، وهو فرد قضى عقدًا من الزمن في السفر بين الأقطاب.

القارة القطبية الجنوبية، كما وصفها توردوير، أبرد وأجفّ وأكثر تعرضًا للرياح على وجه الأرض، وهي أيضًا أعلى قارات العالم، إذ يبلُغ الارتفاع على معظم أجزاء الرحلة نحو 3800 متر — قارة تبلغ أقصى حدود التطرف.

يقرأ  جدل في ألمانيا بشأن حكم بالسجن على متطرف يميني متحوّل جنسياً

سيكونان على بُعد بعيد عن أي حياة بشرية أو حتى حيوانات؛ فطيور البطاريق والحيتان والطيور والفقمات تتجمع على السواحل فقط. داخل القارة لا يوجد سوى امتداد شاسع من البياض الخالي من الحياة، كما قال توردوير. كلٌّ منهما سيجرّ زلاجة تحتوي على كل ما يحتاجه من طعام ومعدات، بما في ذلك راداران لاختراق الأرض لمسح طبقات الجليد.

يشمل التخطيط الدقيق جدولًا محكَمًا لكل وجبة ووزنها: فالإفطار مثلاً يتكوّن من 70 غرامًا شوفانًا و30 غرامًا موسلي و14 غرامًا زبيبًا — تفاصيل صغيرة لكنها حاسمة حين تُحصَى كل غرامات الحِمل.

تهمّهما خصوصًا الطبقات العميقة والقديمة من الجليد بعمق يتراوح بين كيلومترين وثلاثة كيلومترات، لأن هذه العينات تعود إلى نحو 130 ألف سنة، عندما كانت حرارة الأرض أعلى بنحو ثلاث درجات مئوية عما هي عليه اليوم — وهو المستوى الذي قد تعود إليه بحلول نهاية القرن إذا لم تُمحَص جهود التخفيف.

تشرح سيفيستر أنهما سيتتبّعان هذه الطبقات القديمة بين شرق وغرب القارة: إذا لم يصادفا جليدًا أقدم من 130 ألف سنة في بعض النقاط، فقد يكون ذلك دليلًا على انهيار أجزاء من القارة القطبية عندما كانت حرارة الأرض أعلى بثلاث درجات.

الغاية العلمية هي تقييم استجابة القارة للأحوال المناخية الدافئة وإثراء نماذج تقدير ازدياد منسوب البحار. فَـ”غرب القارة القطبية الجنوبية يحتوي على ما يكفي من الجليد لرفع مستوى البحر بأربعة أو خمسة وحتى ستة أمتار”، كما نبهت سيفيستر (37 عامًا)، وهو ما يعني نزوحًا جماعيًا لمئات الملايين من البشر لو تكرر مثل ذلك الانهيار في مستقبل دافئ.

يأمل توردوير وسيفيستر أن تصل رسالة مهمتهما المدعومة من اليونسكو إلى قادة العالم المجتمعين في البرازيل حتى 21 نوفمبر. كما تؤكد سيفيستر أن الوقت لم يفت بعد لتفادي أسوأ عواقب تغيّر المناخ: علينا أن نخفض انبعاثات الكربون ونقلل من استخدام الوقود الأحفوري للحفاظ على كتل الجليد.

يقرأ  دراسة جامعة ييل: بعض دروس المهارات الاجتماعية والعاطفية تحسّن أداء الأطفال في المدرسة

أضف تعليق