خلاصـة الأوضاع في دارفور
استعادَت قوات الدعم السريع مدينة الفاشر، آخر معقل للجيش السوداني في إقليم دارفور الشمالي، بعد حصار استمر ثمانية عشر شهراً، ما أدّى إلى هروب أعداد كبيرة من المدنيين الذين أفادوا بتعرّضهم للجوع والانتهاكات الجسيمة، بينما لا يزال الآلاف في عداد المفقودين.
شهادات الناجين
روى لاجئون وصلوا مدينة تولة (حوالي 50 كلم) قصصاً مريرة عن اعتداءات وإعدامات واغتصاب وفصل للأسر بحسب العمر أو الجنس أو الانتماء العرقي. أحد اللاجئين، الخيـر إسماعيل، قال إنه نجا فقط لأن أحد المقاتلين تعرّف عليه من أيام الدراسة، بينما أعدم آخرون رفاقه من الشباب. وأكدت مهاجرة أخرى أن المهاجمين تفحّصوا النساء حتى وإن كنّ في وضع هش، وأن أحد المعتدين قد يكون أصغر من ابنتها.
عمليات خطف وفدية
نقل الناجون أن عناصر الدعم السريع يفصلون الناس ويحتجزون كثيرين لمطالبة الأسر بدفع فديات تراوحت حسب الشهادات بين خمسة ملايين إلى ثلاثين مليون جنيه سوداني (أكثر من 8 آلاف إلى نحو 50 ألف دولار). أما من لم يتمكن من الدفع فتعرض للقتل أو للإيذاء، وفق روايات وصلت من الميدان.
الوضع الصحي والغذائي
أفادت منظمة أطباء بلا حدود أن عدداً ضئيلاً فقط من الفارين تمكنوا من الوصول إلى تولة خلال الأيام الماضية، وأن معظم الأطفال الذين وصلوا يعانون من سوء تغذية حاد، إذ كانت نسبة المصابين بسوء التغذية الحاد الشديد مرتفعة بين الوافدين الجدد. كما وثّقت تقارير إصابات وانتشار أمراض وبائية مثل الكوليرا في مناطق النزاع، فيما تعاني عشرات الآلاف من انعدام الأمن الغذائي وحتى المجاعة في بعض المناطق.
ارتكابات في منشآت طبية
أكد صندوق الأمم المتحدة للسكان وجود مئات القتلى في مستشفى الأمومة بمدينة الفاشر في 29 أكتوبر، وشملت القتلى مرضى وزواراً وعاملين صحيين ونازحين، في حصيلة قد تكون أعلى مما تم حصره أولياً.
تصريحات وتحقيقات
دعا قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان «حميدتي» دقلو، مقاتليه إلى حماية المدنيين ووعد بمحاكمة المنتهكين، فيما أعلنت الحركة أنها قبضت على عدد من المتهمين. إلا أن مسؤولي الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة أبدوا شكوكهم في جدية التحقيقات، وطالبوا بآليات مستقلة للتحقيق والمساءلة.
أرقام النزوح والخسائر
ذكرت الأمم المتحدة أن أكثر من 62 ألف شخص فرّوا من الفاشر بين الأحد والأربعاء، بينما كان عدد سكان المدينة نحو 260 ألفاً في أواخر أغسطس. في شمال كردفان المجاورة، تُقدَّر أعداد الفارين من محلية بارا بأكثر من 36 ألف شخص بعد سيطرة قوات الدعم السريع على البلدة، وسط توقعات بأن تكون الولاية ساحة قادمة للقتال بين الطرفين.
اتهامات بجرائم حرب
اتهمت الأمم المتحدة وكل منظمات حقوق الإنسان الأطراف في النزاع بارتكاب انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب، فيما أسفرت الاشتباكات المستمرة منذ أبريل 2023 عن عشرات الآلاف من القتلى ونزوح قرابة 14 مليون شخص، وعكست أسوأ أزمة إنسانية في العالم حسب تقييمات أممية.
نداءات عاجلة
دعت منظمات إنسانية ودول وسطاء مثل الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر إلى التحرك العاجل لوقف الانتهاكات وتأمين ممرات آمنة لإدخال المساعدات وحماية المدنيين، مع الدعوة إلى فتح تحقيقات سريعة ومحايدة وملاحقة المسؤولين عن الجرائم.
حالات إنسانية مؤلمة
روى ناجون قصصاً عن مجازر في الشوارع وعن أشخاص دُهِسوا بمركبات المهاجمين، وعن أسرٍ أُنهكت بعد أيّام من المشي في ظروف قاسية عبر صحراء شديدة الحرارة نهاراً وباردة ليلاً. وقال ناج لحركة الأمم المتحدة إن مجموعة مكونة من 200 شخص مرّوا عبر نقاط تفتيش وتعرّض معظمهم للقتل، بينما نجا أربعة فقط بعد دفع فديات. كما وردت تقارير عن اغتصاب بعض النساء والفتيات أثناء محاولات الفرار.
خاتمة
حجم المعاناة يتزايد سريعاً، والاحتياجات الإنسانية عاجلة وكبيرة: طعام، مياه نظيفة، رعاية طبية وحماية للمدنيين. لا بد من تدخل سريع وفعال لوقف الانتهاكات وتقديم المساعدة للمحاصرين والنازحين، ومساءلة مرتكبي الجرائم لضمان عدم الإفلات من العقاب. اشخاص كثيرون لا يزالون في خطر والوقت يداهمهم، والجهود الدولية والمحلية يجب أن تتضافر فوراً لإنقاذ أرواح المدنيين وحماية كرامتهم.