الفرق بين الأطفال والطلاب

في عام 2013 كتبتُ مقالةً لموقع إديوتوپيا تتناول الفارق بين «الطلاب» و«المتعلمين».

مع تحول ما يُسمّى بـ«اتجاهات التعلم» إلى أسس تُبنى عليها مؤسّسات تعليمية كاملة—كما في أمثلةٍ مثل Avenues: World School وNorth Star: Self‑Directed Learning for Teens—تنتقل هذه الأفكار من خانة الأمنيات والخطابات التحفيزية إلى الاختبار الميداني والتطبيق الواقعي.

التعليم دائماً في بحثٍ عن دليل نجاح محسوس: بيانات X التي تثبت أنَّ أسلوب Y مجدٍ، بحيث نعتقد أننا إن استثمرنا Y في كل المدارس والمناطق فسنحقق النجاح نفسه مرارًا وتكرارًا. لكن الواقع أكثر تعقيدًا؛ التعلم فعل شخصي بامتياز، يتقاطع مع تفاصيل دقيقة وظروف فردية لا يمكن تكرارها حرفياً—كما لا يعزف فرقة موسيقية مباشرة نفس الأداء بنفس الوقع مرتين.

لذا ما نريده ليس مزيداً من التدريس بالمعنى التقليدي فحسب، بل مزيداً من عملية التعلم نفسها. وعددًا أقل من الطلاب، وعددًا أكبر من المتعلمونن.

كتبت آنذاك أن «مع تغيّر المعايير الأكاديمية، وتطوّر التكنولوجيا، وتبدّل عادات الطلبة، تُجبر المدارس على إعادة تشكيل المناهج وطرق إشراك المتعلِّمين داخل الفصول. يُعدّ التعلم القائم على المشاريع من أنجح هذه البدائل وأكثرها تأثيراً. فهو أداة للتخطيط وللتعلّم في آن واحد؛ يتطلب من المعلمين اتخاذ قرارات جديدة حول كيفية تصميم تجارب تعلم الطلاب، وفي الوقت نفسه يمكّن الطلاب من لعب دور أكثر فاعلية في عمليّة التعلم.»

حين ندرُس إطارَ تأطير المنهج الذي يوفّره التعلم القائم على المشاريع، يكون من الملائم أيضاً التعرّض إلى نماذج تعلّمية أوسع وأُسس تصميم المدرسة.

في سياق محاولتي استيضاح معنى «التعلّم التقدّمي»، رسمتُ في 2009 مخطّطًا بيانيًا يصوّر تسع خصائص لتعلّم القرن الحادي والعشرين، ولاحقًا طوّرتُ إطارًا تابعًا أطلقتُ عليه «نموذج التعلّم من الداخل إلى الخارج».

الأهداف الأساسية الأربعة لهذا النموذج هي:
– معرفة ذاتية أصيلة
– ترابط متنوّع محليًا وعالميًا
– تفكير نقدي قابل للتكيّف
– كفاءات وسائطية رقمية جديدة

يقرأ  إسرائيل تقصف مدينة غزة، فيما بريطانيا وحلفاؤها يدعون إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لاحتواء «المجاعة المتفاقمة»

أما الأهداف الثانوية فتهدف إلى: استثمار تنوّع الوسائط الرقمية بقصدية، إعادة تطور تعريف التعلم القائم على المشاريع، إبراز دور اللعب في التعلّم، تغذية الفضول، وتصميم مسارات تعلم فردية تُنَقّح رقميًا وتكون شفافة لجميع الأطراف المباشرة وغير المباشرة.

في نموذج «من الداخل إلى الخارج» تكمن الفكرة في تعلّمٍ مُخصّص تعمل عليه آليات جديدة، وإلغاء السلبية، والاندماج الكامل مع مجتمعات متجاوبة وصادقة—وليس من قبيل المصادفة أن هذه العناصر مشتركة أيضاً مع ممارسات التعلم القائم على المشاريع.

غاية المدرسة من الداخل إلى الخارج

فكرة «المدرسة المنقلبة» تشبه قلب الجورب إلى الخارج: المدرسة تُعرّي نفسها أمام المجتمع المحيط وشبكات الدعم الفطرية. إذا كان ذلك المجتمع يقظًا وكانت هناك نظم لرصد ودعم عمليّة التعلم باستمرار، فإن المدرسة تتخلى عن ثقل محاولة صناعة المعجزات يوميًا.

وإذا لم تستجب المدرسة بشكل جوهري؟ فلدينا مسارات بديلة نعرف إلى أين نتجه بعدها.

في نهاية المطاف، الطلاب هم مشاركون امتثاليون في لعبة أصبحت متوارثة. لقد فرّقت المدارس العالم منذ زمنٍ بعيد إلى فئات، وحوّلته إلى لعبة تُقاس بنقاطٍ ودرجاتٍ وحسابات لتقدّم وتعاون. هذا النظام قد يُنجز المطلوب، لكن فقط طالما أردنا طلابًا «ناجحين» في مدارس «تعمل».

المتعلمون مختلفون إلى حدّ ما: هم من يطرح الأسئلة، ويتعاملون مباشرة مع المحتوى، ويقودون تعلمهم بأنفسهم، ويبحثون عن إشباع الفضول واحتياجات معرفية حقيقية. الطلاب يمكنهم أن يفعلوا ذلك أيضاً، لكن غالبًا وهم يوازِنون قواعد اللعبة التي طوّرتها مدارس تعتمد نماذج تعلّم متمركزة حول الأستاذ.

يتلخّص الفرق بين الطفل والطالب إذًا في وضوح الهدف ونقاء التفاعل بين الطفل والمحتوى: أحدهما ينشد المعرفة، والآخر يسعى إلى «النجاح».