مراهقة بريطانية حامل في جورجيا بجنوب القوقاز — بيلا كالي — تنتظر النطق بعقوبتها بعد توقيفها بتهم تتعلق بتهريب مخدرات. دفعة عائلية بقيمة 137 ألف جنيه إسترليني قلّلت من قسوة الحكم المتوقع، لكن كيف تبدو أيامها وهي محتجزة على بعد نحو 4,180 كيلومتراً من وطنها؟
بحسب والدة بيلا، فقد نُقلت الابنة، التي تبلغ الان خمسة وثلاثون أسبوعاً من الحمل، إلى وحدة خاصة للأم والطفل داخل السجن. الانتقال يمثل تحسناً ملحوظاً بعد خمسة أشهر من الاحتجاز في سجن روستافي رقم خمسة، حيث كانت تعيش في زنزانة تفتقر إلى مرافق لائقة: مرحاض حفري، ساعة واحدة فقط للخروج إلى الهواء الطلق يومياً، ودشّات مشتركة مرتين أسبوعياً.
ليان كينيدي تقول إن ابنتها كانت تغلي الباستا في إبريق كهربائي وتحمص الخبز فوق لهب شمعة، لكنها الآن قادرة على الطهي لنفسها وللسجينات والأطفال في الوحدة وتتعلم اللغة الجورجية. “الآن تخرج لساعتين للمشي، وتستطيع استخدام المطبخ المشترك، ولديها دش داخل غرفتها ومرحاض حقيقي”، هكذا وصفت الأم تحسّن الظروف بعد النقل.
وأضافت الأم أن النساء في الوحدة يتشاركن الطهي: “بيلا تعد خبزاً بالبيض وتوستات بالجبنة، وأطباق دجاج بالملح والفلفل.”
بيلا محتجزة منذ مايو/أيار، بعد ضبط 12 كيلوجراماً من الماريجوانا و2 كيلوجرام من الحشيش في أمتعتها المسجلة لدى وصولها إلى مطار تبليسي الدولي. ترافقت القضية مع تقارير داخلية تكشف عن ظروف معيشية قاسية في السجون الجورجية؛ رسالة مفتوحة نُسبت إلى أنستاسيا زينوفكينا، ناشطة روسية محكوم عليها بتهم حيازة مخدرات، وصفت فيها الأوضاع الصحية بأنها “مروعة” و”مفزعة”.
في رسالتها، قالت زينوفكينا إن شريط صابون واحد يُستخدم لغسل الشعر والجسم والجوارب والملابس الداخلية والأواني، وإنّ الصابون لا يُوزّع إلا كل ثلاثة أشهر أحياناً، وأنّ ورق التواليت يُمنح مرة واحدة شهرياً فقط لمن لا يملك مالاً في حسابه داخل السجن، والاستحمام مسموح مرتين في الأسبوع لمدة 15 دقيقة لكل مرة. وأضافت أن الفتايات اللواتي لا يملكّن شباشب يستحمّون حافيات الأقدام أو يستعملون شباشب مشتركة، فتنتشر الإصابات الفطرية بينهم.
وزارة العدل الجورجية قالت للبي بي سي في مايو إن ظروف السجون تحسّنت بشكل ملحوظ منذ تقارير مكتب المدافع العام، مشيرة إلى أن قانون السجون الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في يناير الماضي يضمن للسجناء “حق الخروج للهواء الطلق ساعة على الأقل يومياً”. وأبرزت الوزارة إصلاحات عدة مثل برامج التعليم المهني، وجامعة رقمية للتعلم عن بعد، وتحسينات طبية عبر عيادة إلكترونية، مؤكدة أن النهج المطبق يضع الإنسان في قلب إصلاح المنظومة penitentiary.
اللجنة الفرعية للأمم المتحدة المعنية بمنع التعذيب زارت السجن في أكتوبر 2023 ولم تُبدِ مخاوف علنية بشأن الظروف، وفق ما ذكرته الوزارة، لكن تقرير اللجنة يظل سرياً والرفض علّق على ضرورة نشره من قبل جورجيا.
القضية أثارت أيضاً نقاشاً حول نهج جورجيا المتشدد تجاه الجرائم المرتبطة بالمخدرات والاستخدام الواسع لآلية “التسويات” القضائية plea bargaining. حيث يقول غورام إمنادزه، محامٍ وخبير في سياسات المخدرات من تبليسي، إن نحو 90% من قضايا المخدرات في 2024 حُلّت عبر هذه الآلية: “الأحكام صارمة لدرجة أن التسوية تصب في مصلحة الطرفين. الاستراتيجية الدفاعية الأساسية هي التسوية بأسرع ما يمكن”.
القوانين الجورجية تنص على أحكام تصل في حالات الاتجار بكميات كبيرة إلى 20 سنة أو حتى السجن مدى الحياة، وقد تزامنت قضية بيلا مع تولي وزير داخلية جديد الذي جعل قضايا المخدرات أولوية؛ وهو ما جعل حمل 12 كيلوجرام مذكوراً يُنظر إليه كقضية ذات أثر إعلامي وسياسي كبير.
محاميها، ملكاز سالاكيا، قال إن بيلا اعترفت في إطار تسوية بإدخال المخدرات إلى البلاد قادمة من تايلاند عبر الشارقة بالإمارات، لكنه أضاف أنها تعرضت للضغط والتهديد والتعذيب من عصابة أجبرتها على ذلك، وذكَر أنها أُعلِمت أن التهمة قد تستوجب مدة تصل إلى 20 سنة، لكن لقاءً بمبلغ “مهم” قد يؤدي إلى تخفيف الحكم أو الإفراج عنها. الشرطة الجورجية فتحت تحقيقاً منفصلاً في مزاعم الإكراه.
عند هبوطها في تبليسي في 10 مايو، اعتُقلت أمتعتها فوراً، وبحسب المحامي فقد حاولت بيلا شرح أن شخصاً ما سينتظرها في صالة الوصول، لكن الشرطة لم تتحقق من ذلك وقد وُجهت إليها التهم.
في جلسة سابقة أمام محكمة مدينة تبليسي علمت العائلة أنها جمعت 137 ألف جنيه إسترليني، مبلغ لا يكفي لإطلاق سراحها فوراً لكنه خفف من العقوبة إلى عامين. من المنتظر أن تُنطق المحكمة بالحكم النهائي في جلسة مقبلة. الأم تقول إن العائلة تفعل كل ما بوسعها لإعادتها “إلى حيث ينبغي أن تكون”.
المحامي سالاكيا أشار أيضاً إلى أنه سيطلب من رئيس جورجيا العفو عن المراهقة حال انعقاد الاتفاق. وفيما يتعلق بالحماية القانونية للأمهات، يقول إن القانون الجورجي ينص على أنّ الأم يجب أن تكون خارج السجن حتى يصبح طفلها في عمر سنة واحدة، ما يبعث بأمل لدى الأسرة بإمكانية إطلاق سراحها قبل الوضع.
أمها المسافرة بين المملكة المتحدة وجورجيا تؤكد أن العلاقة بين ابنتها وطاقم السجن ومع السجينات الأخرى تسير بشكل جيد، وأنها استطاعت إدخال ملابس للطفل معها. وتختم الأم قائلة: “قصة ابنتي ستتكشف مع الوقت. حتى ذلك الحين، نحن عائلة تفعل كل ما بوسعها من أجل ابنتي وحفيدي.”