قبل ساعة من افتتاح متحف برينستون الجديد للفنون، شعَر مديره المخضرم، جيمس ستيوارد، بعاطفة جياشة. قال لمجلة هايبرأليجريك: «كم مرة يتسنّى للمرء أن يفتتح متحفاً من الصفر في مسيرته؟ مرة كل مئة عام؟» وأضاف: «كنت أتوق لإعادة الجمهور إلى الداخل».
يقع المتحف في قلب حرم من أجمل الحُرُم الجامعية في البلاد، واستقبل في ليلة الهالووين مجموعات من الطلبة وسكان المدينة يرتدون أزياء مرعبة، ضمن احتفالٍ امتدَّ على مدار 24 ساعة بمناسبة اكتمال إعادة بنائه التي استغرقت خمس سنوات. منذ تأسيسه عام 1882 ظل المتحف منبراً للإلهام لطلابٍ طموحين ولكافة المجتمع المحيط، لكنه مع امتلاك أكثر من 117 ألف قطعة فنية وموروثية بات ضيّقاً بالنسبة لمجموعته.
انطلقت خطة التوسعة في 2012 بهدف مضاعفة المساحة الحالية ورباعـة فضاءات العرض. نجح ستيوارد وفريقه في جمع ثلثي التكلفة، فيما تكفَّلّت الجامعة بما تبقّى؛ لكنه امتنع عن الإفصاح عن الميزانية الإجمالية مقراً بأنهم «محظوظون بالحصول على التمويل عندما حصلوا عليه» في ظل التحديات التي تواجه التعليم العالي.
خُطط المبنى الجديد حين أُغلق المبنى القديم أمام الجمهور خلال الجائحة، وتم هدمه عام 2021، واستُعين بالمعماري البريطاني-الغاني ديفيد أجايا لتصميم المبنى. وأنهت شركة كوبر روبرتسون إدارة أعمال إعادة البناء اليومية بعد أن وُجهت اتهامات سلوكية ضد أجايا في 2023 من قبل ثلاث موظفات سابقات.
الناتج معمارياً مركب ذو هيئة مكعبة بمساحة تقارب 146 ألف قدم مربعة، يتبنّى أسلوباً بروتاليّاً في المظهر، مصنوعاً من حجرٍ مُرمّى بالرمل، وبرونز، وخشب رقائقي مُعاد تدويره، ومع ذلك ينسجم بسلاسة مع الطابع القوطي الجامعي للحرم. تم استدعاء أعمال نحت جديدة، من بينها فسيفساء كبيرة لنِك كيف على جدارٍ قرب المدخل لتستقبل الزوّار.
داخل المتحف يدعوك السلم الرئيسي الدرامي للصعود إلى الطابق الثاني حيث تُعرض أكثر من 90% من الأعمال المعروضة. لكن المسار التالي ليس واضحاً دوماً؛ فالمتحف مقسّم إلى تسعة أجنحة متداخلة تهيئ «تدفُّقاً دائرياً» بين قاعاته، ما يؤدي أحياناً إلى مفاجآت سارّة: قد ترى صلة ما بين زيّ صوتي لنِك كيف، وبدلة ساموراي، ودرعٍ غرب أفريقي—«جميعها أشكال للحماية الذاتية»، كما اقترح ستيوارد.
يبدي المتحف براعة في الحفاظ على تجربة مشاهدة حميمية رغم اتساعه الظاهري. من قمة السلم الرئيسي تنتقل إلى جناحٍ أوروبي متكامل حيث تُعرض نسخة من لوحات مونيه “زنابق الماء” يمكن ملاحظتها عن قرب بعيداً عن زحام الزوّار في متحف أورانجري أو المتحف المتروبوليتان. قال ستيوارد مبتسماً إنه «لا يُسمح له بذكر عمل مفضّل، لكن هذا العمل في أعلى قائمته».
تضم أقسام الفن الحديث والمعاصر مجموعة واسعة من اللوحات والتركيبات، بينها عمل لأندي وارهول (1962) بعنوان «مارلين الزرقاء» الذي يمثل مبكراً هوس الفنان بالمشاهير وتقنية الطباعة بالشاشة. أما الجناح الأمريكي فيفتـرض مواجهة جادة تلعب على التباين بين صور بورتريه من القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ومتّسِقات معاصرة تُجري قراءات نقدية لإرث العبودية والاستعمار في الولايات المتحدة.
إلى جانب ذلك، خصص المتحف فضاءين إضافيين لعرض انتقائي من أكثر من ألفَي عمل تبرّع بها خريجو برينستون منذ 2021، من بينها إحدى أكبر لوحات شون سكولي، ومكعب خزفي لآي ويي وي، ولوحة منزلية لبيكي سَس بعنوان «أغسطس 2016». ولعلّ السيراميك يتصدّر بين الفنون؛ ففي الطابق الثاني يلفت الإنتباه تقليد روبرتو لوغو الذكي لزجاجة يونانية قديمة بعنوان «الرجل الذي حمل صندوق الثلج على ظهره صعوداً إلى الجبل: ألبرتو أيالا» (2023)، حيث يصور جانباً من طفولته في بورتوريكو والجانب الآخر من حياته كجامع نفايات في فيلادلفيا.
تُعرض تماثيل حجرية لفنانة السيراميك والمحاضِرة السابقة في برينستون توشيكو تاكايزو (توفيت 2011) في قاعة الطابق الأرضي لمدة تسعة أشهر، وسينضم بعض طلابها وزملائها السابقين لإدارة حلقات نقاش عن فنها طوال فصل الخريف.
ختم ستيوارد بالقول: «لا طريقة صحيحة ولا خاطئة للتجوّل هنا. لا يمكنك أن تضلّ الطريق. هدف المتحف أن تتيه إنتاجياً وأن تخوض رحلات لم تكن تنويها». هذا الاحتمال بالضياع الواعي، كما يظهر، هو جزء من دعوتِه إلى تأملٍ مفتوح واكتشافاتٍ غير متوقعة.