ساعات قبل افتتاح مراكز الاقتراع في سباق عمدة نيويورك المحتدم يوم الاثنين، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعمه لأندرو كومو وهدد بسحب التمويل الفدرالي إذا فاز الديمقراطي زوهـران مامداني.
في مقابلة له على برنامج 60 Minutes التي بُثّت يوم الأحد، وصف ترامب مامداني بـ«الشيوعي» وقال إن فوزَه سيجعل من الصعب «منحي الكثير من المال لمدينة نيويورك».
من الأمور الأساسية: ماذا هدد ترامب، وماذا يقول الدستور بشأن سلطة الرئيس في تعليق أو حجب الأموال الفيدرالية عن ولايات أو مدن بعينها.
من يتقدم في استطلاعات الرأي في انتخابات عمدة نيويورك؟
وفق متوسط RealClearPolitics الأخير، كان مامداني يتقدم بنسبة 46.1% من الأصوات، متقدّماً بفارق 14.3 نقطة على أندرو كومو المستقل الذي حصل على 31.8%، وبفارق 29.8 نقطة على الجمهوري كورتيس سليوا الذي نال 16.3%، مع افتتاح مراكز الاقتراع صباح الثلاثاء بتوقيت المدينة.
ما الذي هدد به ترامب بالضبط؟
في منشور على منصته «Truth Social» كتب ترامب: «إذا فاز المرشح الشيوعي زوهـران مامداني بانتخابات عمدة مدينة نيويورك، فمن غير المرجح أن أساهم بأموال فيدرالية، باستثناء الحد القانوني الأدنى المطلوب، لمدينتي الأولى المحبوبة، لأن المدينة كشيوعية لن تملك فرصة للنجاح أو حتى للبقاء!». وأضاف أن فوزه سيجعل نيويورك «كارثة اقتصادية واجتماعية كاملة».
في المنشور شجّع ترامب على التصويت لكومو وحرّض الناخبين على عدم التصويت لسليوا قائلاً: «تصويت لكورتيس سليوا (يبدو أفضل كثيراً بدون البيريه!) هو تصويت لمامداني».
وتكررت نفس الرسائل في مقابلته على شبكة CBS، حين قال إنه من الصعب عليه كرئيس أن يرسل كثيراً من الأموال إلى نيويورك إذا كان يترأسها «شيوعي»، لأن ذلك سيكون «تبديداً للأموال المرسلة».
هل مامداني شيوعيًا؟
اتهم ترامب وأنصار جمهوريون آخرون مامداني مراراً بأنه شيوعي. أما مامداني فيصف نفسه بأنه اشتراكي ديمقراطي، ونفى كونه شيوعياً عندما سُئل على قناة NBC في برنامج Meet the Press قائلاً: «لا، لست كذلك».
ميمداني، مواطن أمريكي مسلم من أصول أوغندية، ركّزت حملته على جعل المدينة أكثر قدرة على التحمل للسكان عبر تجميد الإيجارات، ورعاية أطفال مجانية شاملة، وخفض تكاليف النقل العام. معظم المراقبين يسجّلونه كاشتراكي ديمقراطي لا كشيوعي.
في يونيو، فكّك موقع PolitiFact ادعاءات الشيوعية، مشيراً إلى أن الشيوعية تنطوي على اقتصاد مخطط مركزياً بلا قوى سوقية، وأن الأسعار والكميات تُحدد من سلطة حكومية مركزية، ولا وجود لمنافسة سياسية ديمقراطية بل لحزب واحد يحكم. أستاذة جامعة ستانفورد آنا غريمالا-بوس قالت لـPolitiFact إن مامداني لا يدعو لذلك.
حتى كومو نفسه قال يوم الاثنين: «مامداني ليس شيوعياً. إنه اشتراكي. لكننا أيضاً لا نحتاج إلى عمدة اشتراكي».
من هو أندرو كومو الذي يدعمه ترامب الآن؟
كومو مرشح مستقل، وكان حاكم ولاية نيويورك عن الحزب الديمقراطي بين 2011 و2021، وشغل منصب المدعي العام للولاية بين 2007 و2010. خاض أولاً الانتخابات التمهيدية الديمقراطية للمنصب وخسر أمام مامداني: حصل كومو على 43.61% من الأصوات مقابل 56.39% لمامداني.
تعرض كومو خلال فترة حكمه لادعاءات تحرش جنسيية اضطرته في النهاية إلى الاستقالة. وفي أبريل وجدت هيئة تمويل الحملات في مدينة نيويورك أن حملة كومو لم تقدم أدلة على تبرعات رقمية، وهو شرط لضمان حصول الحملة على تمويل عام، وفقد بذلك ما يقرب من 3 ملايين دولار من الأموال العامة. وفي مايو فرضت الهيئة غرامة قدرها 675,000 دولار على حملته بتهمة «التنسيق غير السليم» مع لجنة Super PAC داعمة.
إلى أي مدى تعتمد نيويورك فعلاً على الأموال الفيدرالية؟
تقرير مكتب مراقب حسابات ولاية نيويورك (Comptroller) الصادر في إبريل حلّل التمويل الفيدرالي لمدينة نيويورك وذكر أن المدينة ستحتاج إلى 7.4 مليار دولار من التمويل الفيدرالي للسنة المالية 2026. أظهر التقرير أن التمويل الفيدرالي يشكل نحو 6.4% من إجمالي الإنفاق، فيما تأتي بقية الموارد من ضرائب الولاية ورسوم وإيرادات أخرى. في السنة المالية 2025 كان ميزان التشغيل للمدينة 9.7 مليار دولار، تضمّن 1.1 مليار دولار من أموال جائحة.
أشار التقرير إلى أن التمويل الفيدرالي يذهب غالباً لوكالات الإسكان والخدمات الاجتماعية في المدينة، وأن برنامج «المساعدة المؤقتة للأسر المحتاجة» (TANF) كان أكبر مصدر غير متعلق بالجائحة من الأموال الفيدرالية للسنوات المالية 2025 و2026.
ماذا يقول القانون؟
بموجب الدستور الأمريكي، الكونغرس هو الجهة المخوّلة تقرير كيفية تخصيص الأموال الفيدرالية للولايات، لا الرئيس. نص المادة الأولى، القسم 8، يمنح الكونغرس سلطة جمع الضرائب وتحديد إنفاق الأموال على متطلبات وطنية، والمادة الأولى، القسم 9، تنص على أن «لا يُسحب أي مال من الخزانة إلا نتيجة اعتمادات أُقرت بموجب القانون».
إذا امتنع الرئيس عن تنفيذ قرارات تمويلية أقرّها الكونغرس، فيُعدّ ذلك عملاً غير دستوري يُعرف بـ«الاحتجاز» أو impoundment. بعد محاولة نيكسون سابقاً حجب أموال أُقرت من الكونغرس، أُقرّ قانون مراقبة الاحتجاز عام 1974 (Impoundment Control Act) الذي يسمح للرئيس بتعليق صرف الأموال المعتمدة لمدة تصل إلى 45 يوماً، لكن قرار الحجب يتطلب موافقة لاحقة من الكونغرس. وبذلك يمتلك الرئيس هامش تصرّف محدوداً، بينما يظل القرار النهائي للكونغرس.
الكونغرس حالياً تحت سيطرة الحزب الجمهوري: الجمهوريون لديهم 53 مقعداً في مجلس الشيوخ مقابل 47 للديمقراطيين؛ وفي مجلس النواب الجمهوريون لديهم 220 مقعداً مقابل 212 للديمقراطيين.
هل خفضت الحكومة بالفعل التمويل عن نيويورك؟
حاولت إدارة ترامب سابقاً قطع تمويل عن المدينة خلال ولاية عمدة المدينة المنتهية، الديمقراطي إريك آدامز. حظرت الإدارة مبلغ 12 مليون دولار من منح فيدرالية كان من المقرر أن تذهب إلى هيئة النقل الكبرى في نيويورك (MTA) التي كانت ستحوّل جزءاً منها إلى شرطة نيويورك (NYPD) لأغراض مكافحة الإرهاب في المترو. تم سحب هذه المنح ضمن مجموعة من الإيقاف المؤقت للتمويلات الفيدرالية أُعلن عنها في يناير.
في 8 أكتوبر أعلن آدامز أن مدينة نيويورك تقدمت بطلب دعم لقضية ولاية نيويورك القانونية ضد وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، بهدف منعها من إلغاء ذلك التمويل. ذكر تقرير مراقب حسابات الولاية أيضاً أن «مدينة نيويورك أُبلغت بالفعل بوجود مئات الملايين من الدولارات في تخفيضات أو إيقافات للتمويل الفيدرالي لهذا العام والعام المقبل، لكن التأثير الكامل لتلك الإجراءات الاتحادية على المدينة لم يتضح بعد».
توقع دي نابولي أن التخفيض المحتمل في ميزانية التشغيل اليومية للمدينة قد يصل إلى حوالي 400 مليون دولار للسنة المالية 2025 و135 مليون دولار للسنة المالية 2026 — وربما أكثر، لأن تقديراته لا تشمل أي تغييرات إضافية قد تطرأ عندما يَنتهيَ الاتحاد من وضع ميزانيته للسنة المالية 2026.