رفعت شرطة تنزانيا حظر التجول الليلي المفروض منذ الأربعاء الماضي في مدينة دار السلام، فيما بدأت الحياة تعود تدريجياً إلى طبيعتها في أنحاء البلاد بعد احتجاجات انتخابية دموية.
أُقفل الإنترنت على مستوى الوطن، وأغلقت معظم المتاجر في دار السلام وسط نقص حاد في المواد الأساسية وارتفاع جنوني في الأسعار؛ أُغلقت المدارس وتوقّفت وسائل النقل العام. يوم الثلاثاء فتحت بعض المحلات أبوابها وعادت حركة المرور، لكن طوابير طويلة ما تزال تتكدّس أمام محطات الوقود في بعض الأحياء.
تستمر العائلات في البحث عن مفقودين أو دفن أقارب قُتلوا في اشتباكات بين قوات الأمن وأنصار المعارضة الذين وصفوا الانتخابات بأنها مسرحية. في حين اعلنَت سـامية صولحو حسن أداء اليمين يوم الاثنين بعدما اعلنت فوزها بنسبة 98% من الأصوات في الانتخابات التي جرت الأربعاء الماضي.
رصدت بعثة مراقبي مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (SADC)، في تقرير أولي، أن الانتخابات لم ترتقِ إلى معايير الديمقراطية. أما القياديان الرئيسيان في المعارضة فلم يتمكنا من التنافس: توندولو ليسّو محتجز بتهم الخيانة التي ينفيها، ورفضت ترشيح لوهاغا مبينا لأسباب تقنية.
أفادت حزب تشاديما التابع لليسّو لوكالة الأنباء أنه سجّل “لا يقل عن 800” حالة وفاة حتى يوم السبت، فيما قال مصدر دبلوماسي لهيئة الإذاعة البريطانية إن هناك دلائل معقولة على مقتل ما لا يقل عن 500 شخص. من جهتها أفادت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بوجود تقارير موثوقة عن سقوط عشرة قتلى على الأقل في ثلاث مدن. ولم تصدر الحكومة إحصاءات رسمية للضحايا.
في مستشفى موهيمبيلي بدار السلام قال طبيب للبي بي سي إن مركبات معنونة بـ”خدمات الدفن البلدية” كانت تجمع الجثث ليلاً وتأخذها إلى وجهات مجهولة. وأضاف أن الأهل لا يُسلَّمون الجثامين وأن ناجين يُنقلون من غرفة الطوارئ بأوامر الشرطة إلى وجهات غير معلنة… أحياناً قبل أن يتعافوا تماماً.
امرأة تنزانية عرّفت نفسها باسم “ماما قاسم” قالت إنها لم ترَ ولديْها منذ يوم الاقتراع ولا تستطيع الوصول إلى أحدهما: “لا أعرف أين هو، لا أعلم إن تم توقيفه، لا أدري إن كان مصاباً أو في المستشفى أو ميتاً. يا رب احفظ ابني، عمره 21 عاماً.”
عائلة كينية طالبت السلطات بالمساعدة في إعادة جثمان قريبهم، المدرّس جون أوكوت أوجوتو (33 عاماً) المقيم في دار السلام، الذي قُتل بالرصاص على ما يُزعم بينما كان متوجهاً لشراء طعام في مركز غابا.
منظمات حقوقية دولية انتقدت رد فعل السلطات: هيومن رايتس ووتش قالت إن القوة المميتة وانتهاكات أخرى استُخدمت لقمع المظاهرات، ودعت إلى احترام الحقوق وضمان محاسبة من تورطوا في العنف. وعبّرت منظمة العفو الدولية عن قلقها الشديد إزاء استخدام القوة المفرطة الذي أدّى إلى مقتل وإصابة متظاهرين.
في المقابل حاولت الحكومة التقليل من حجم العنف ولَمت أجانب على تأجيج الفوضى. وخلال مراسم التنصيب أقرّت ساميا بوقوع “خسائر في الأرواح وتدمير للممتلكات العامة” لكنها قالت إن توقيف بعض الأجانب ليس بالأمر المستغرب.
تولت ساميا الرئاسة في 2021 كأولى رئيسات تنزانيا بعد وفاة الرئيس جون ماغوفولي، ولقيت في البداية إشادة لتخفيفها قيود القمع السياسي التي سادت في عهده، غير أن الحيز السياسي بدا منذ ذلك الحين أكثر ضيقاً.