ستة استنتاجات رئيسية من ميزانية كندا الفدرالية

جيسيكا مورفي، اوتاوا | نادين يوسف، اوتاوا — رويترز

قدّم وزير المالية الكندي فرانسوا-فيليب شامبان يوم الثلاثاء موازنة فيدرالية طموحة وضعها رئيس الوزراء مارك كارني كخارطة طريق لتحقيق وعده بجعل اقتصاد كندا الأقوى بين دول مجموعة السبع. المجلس المالي، الذي يُنظر إليه كاختبار بارز لهذا الزعيم الجديد والحاكم المصرفي السابق، يمزج بين أبعاد سياسية واستراتيجية للإنفاق.

فيما يلي أبرز ست نقاط مستخلصة من خطة الإنفاق:

تضحيات أم استثمارات لأجيال؟
الموازنة تطرح مليارات الدولارات في مصروفات قد توسّع العجز إلى نحو C$78.3 مليار — ثاني أكبر عجز في سجل البلاد — مع برنامج إنفاق إجمالي يقارب C$280 مليار. مدَّ كارني وشامبان إن هذه النفقات استثمارية لتعزيز تنافسية كندا العالمية، وأن ضخاً استراتيجياً للأموال سيجذب نحو C$1 تريليون من الاستثمارات إلى الداخل خلال السنوات الخمس المقبلة. التخصيص يغطي بنى تحتية طريقية وموانئ وشبكات كهرباء وممرات رقمية ودفاع وإسكان ومبادرات لرفع الإنتاجية. وفي المقابل يحذر كارني من «تضحيات» ضرورية لإعادة تشكيل الاقتصاد، إذ تتوقع الموازنة تقليص إنفاق بقيمة C$60 مليار خلال خمس سنوات، جزئياً عبر خفض 40 ألف وظيفة في القطاع العام بحلول نهاية 2029 — أي نحو 10٪ من القوى العاملة عبر التقاعد الطبيعي، وتسريحات، والاعتماد الواسع على الذكاء الاصطناعي. كما قد تشهد الوزارات الفيدرالية تخفيضات تصل إلى 15٪ تُسهم بما يزيد على C$44 مليار في الوفورات. وللمرة الأولى تميّز الخطة بين الإنفاق التشغيلي اليومي والاستثمار الرأسمالي كتمويل يمكّن النمو الاقتصادي.

من التجارة إلى يوروفيجن: تحوّل عالمي
لطالما كانت الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر لكندا بنحو 70٪ من حجم التبادل، لكن رسوخ الرسوم الجمركية تحت إدارة ترامب وعدم اليقين المصاحب لها دفع كندا لتوجيه الأنظار صوب أوروبا وآسيا مع هدف مضاعفة الصادرات غير المتجهة إلى الولايات المتحدة خلال عقد. تقترح الموازنة دعماً بملايين الدولارات للشركات الراغبة في فتح أسواق تصديرية جديدة، بما في ذلك دعم نفقات قانونية وبحوث سوقية، بل وتلمّح إلى تعزيز الروابط الثقافية الأوروبية من خلال دراسة مشاركة كندا في مسابقة يوروفيجن للأغنية. لمواجهة انتقال بعض الشركات إلى الجنوب لتخفيض تكاليف التجارة، تعرض الحكومة حزمة تدابير لجعل كندا أكثر جاذبية، منها خفض معدل الضريبة الحدّية الفعّالة إلى 13.2٪ من 15.6٪، ما اعتبره شامبان «رسالة قوية للمستثمرين» لكونه أدنى من مثيله في الولايات المتحدة. كما يتضمن البرنامج C$1.3 مليار لجذب الباحثين الدوليين إلى جامعات كندية ودعم أبحاثهم.

يقرأ  خطة إسرائيل لنقل سكان مدينة غزة اتهامات من حماس وقلق دولي متنامٍ

جعل كندا «قوة عظمى للطاقة النظيفة»
تواجه كندا، كدولة غنية بالموارد، معضلة الموازنة بين زيادة إنتاج سلع مثل النفط والغاز والوفاء بالتزامات المناخ. تقترح الموازنة تحويل البلاد إلى «قوة للطاقة النظيفة» عبر دعم مشاريع طاقة منخفضة الانبعاث مثل المفاعلات النووية والغاز الطبيعي المسال منخفض الكربون، إلى جانب تشجيع تقنيات احتجاز وتخزين الكربون وتشديد تنظيمات الميثان. تؤكد الخطة التزامها بضريبة صناعية على الكربون، معتبرة إياها سياسة «تُحدث خفضاً أكبر للانبعاثات مقارنة بأي سياسة أخرى». ولإضفاء مزيد من اليقين على المستثمرين، ستعمل الحكومة مع المقاطعات لوضع إطار طويل الأمد لتسعير الكربون. هذه المبادرات ستحلّ محل سقف انبعاثات النفط والغاز الذي أطلقه سلف كارني، رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو، وتأتي كعمود أساسي في استراتيجية «التنافسية المناخية» التي تعتبرها الحكومة ركيزة مركزية لتحقيق الهدف الاقتصادي للمجموعة.

السيادة عبر الدفاع وإطلاق الفضاء
تعهد كارني بزيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي للوصول إلى هدف الناتو بنسبة 2٪ من الناتج المحلي هذا العام و5٪ بحلول 2035، في ظل تصاعد التوترات مع روسيا ونفوذ متصاعد للصين واهتمام متزايد بالأمن القطبي. تُخصص الموازنة نحو C$81.8 مليار للدفاع خلال خمس سنوات — أكبر ميزانية منذ عقود لكندا التي عانت تاريخياً من تقاعس في تمويل الجيش وتعقيدات في المشتريات. تشمل النفقات زيادات في رواتب القوات، تمويل البنى التحتية الرقمية، وخطط لتطوير سلاسل توريد وطنية. كما تُخصص C$182.6 مليون على مدى ثلاث سنوات لوزارة الدفاع لتأسيس قدرات إطلاق فضائي، وترصد الحكومة C$1 مليار على أربع سنوات لتطوير بنى تحتية شمالية متعددة الاستخدامات تخدم أغراضاً اقتصادية وأمنية.

تفكيك عهد ترودو
كان أول إجراء لرئيس الوزراء كارني إلغاء أحد سياسات سلفه البارزة، ضريبة الكربون على المستهلك، التي فقدت شعبيتها سياسياً. استمر كارني في الابتعاد عن نهج ترودو الذي حكم قرابة عقد، فأجل فرضيات إلزامية بيع المركبات الكهربائية وألغى زيادة مقترحة في ضريبة الأرباح الرأسمالية. وتظهر الموازنة انفصالاً كبيراً في سياسة الهجرة: بعد تعديل ترودو الكبير لأعداد القادمين، تقلصت أهداف المقيمين المؤقتين الجدد من 673,650 إلى 385,000 في العام المقبل، ثم إلى 370,000 في 2027 و2028، مع إجراء مؤقت لتسريع انتقال حتى 33,000 من حاملي تصاريح العمل إلى الإقامة الدائمة. كما أُلغيت برامج عهد ترودو مثل مبادرة «٢ مليار شجرة» التي زرعت نحو 160 مليون شجرة فقط حتى أواخر 2024، وأُلغيت ضريبة رفاهية 2022 على السيارات والطائرات التي تزيد قيمتها على C$100,000 واليخوت فوق C$250,000 — قرار برّر شامبان بأنه «كان يكلف أكثر في الإدارة مما يجنيه من عائدات».

يقرأ  صور مذهلة لمازيراتي «بومرانغ» — السيارة الاختبارية الإسفينية ذات الطابع المستقبلي من سبعينيات القرن الماضي تصميم تثق به · التصميم اليومي منذ ٢٠٠٧

درع ضد صدمات التجارة
أثّرت حرب ترامب التجارية بشكل واسع على شركات كندية، مع فرضه رسوماً قدرها 35٪ على سلع كندية غير المشمولة باتفاقيات تجارية، إضافةً إلى رسوم قطاعية على الحديد والألمنيوم والأخشاب والسيارات. تستجيب حكومة كارني بخطط لإنفاق C$5 مليار على مدى خمس سنوات لدعم هذه القطاعات، منها C$1 مليار لتمويل انتقال قطاع الصلب إلى خطوط أعمال جديدة. كما تُطلق تسهيلاً قرضياً بقيمة C$10 مليار لدعم «شركات كندية ناجحة في ظروف صعبة»، وكان المستفيد الأول شركة Algoma Steel في أونتاريو التي واجهت تسريحات بعد فرض الرسوم الأميركية. تقترح الحكومة أيضاً سياسة «اشترِ كندياً» لإعطاء الأولوية للموردين المحليين في المشاريع المموَّلة حكومياً. يُموَّل جزء من رد كندا على الرسوم عبر عائدات الإجراءات المضادة التي اتخذتها؛ إذ جمعت كندا حتى أكتوبر 2025 نحو 6.5 مليار دولار كندي كإيرادات إجمالية من تلك التدابير، وفق الموازنة.

أضف تعليق