أعادت إدارة دونالد ترامب ترشيح الملياردير جاريد إيزاكمان لتولي منصب مدير ناسا بعد أن سحب ترشيحه الأول قبل خمسة أشهر، في خطوة أثارت تساؤلات حول دوافع التراجع ثم الإعادة.
إيزاكمان، البالغ من العمر 42 عاماً والمقّدر صافي ثروته بحوالي 1.9 مليار دولار، مرتبط بعلاقات عمل وثيقة مع مؤسس سبيس إكس ايلون ماسك، وقد أنفق عشرات أو ربما مئات الملايين على مهام الشركة. العام الماضي شارك في مهمة مدعومة مالياً منه مع سبيس إكس، حيث أصبح أول فرد غير محترف ينفذ سيراً فضائياً حرّاً في الفضاء.
سحب الترشيح في مايو جاء بعد ما وصفه البيت الأبيض بأنه «مراجعة معمّقة للروابط السابقة»، وقد تزامن ذلك مع خلاف بارز بين ترامب وماسك، بينما لم يحدد البيت الأبيض طبيعة تلك الروابط. الأسباب وراء تغيير موقف الرئيس وإعادة الترشيح لم تُوضح، إذ اقتصر إعلان ترامب على منشور في منصته تروث سوشل أعرب فيه عن سروره بترشيح إيزاكمان.
كتب الرئيس: «شغف جاريد بالفضاء، وخبرته كمسافر فضائي، والتزامه بدفع حدود الاستكشاف وكشف أسرار الكون وتطوير اقتصاد الفضاء الجديد، تجعل منه المرشح الأمثل لقيادة ناسا في عصر جرئٍ جديد».
سيكون منصب مدير ناسا أول تجربة رسمية لإيزاكمان في العمل السياسي، وهو منصب يتطلّب موافقة مجلس الشيوخ، حيث يملك الجمهوريون أغلبية 53-47. وعلى الرغم من تعطّل جزء من عمل الحكومة الأميركية منذ أوائل أكتوبر، فإن مجلس الشيوخ ما زال قادراً على التصديق على ترشيحات رئاسية.
عبر إيزاكمان عن امتنانه للرئيس على منصة X، واصفاً شرف الترشيح، ومعبِّراً عن اندهاشه من الدعم الواسع الذي تلقاه من مجتمع عشاق الفضاء، كما أشاد بعلماء ومبتكري ناسا، وقال: «لا أعلم كيف كسبت ثقة هذا الكم من الناس، لكنني سأبذل كل ما في وسعي لأرتقي إلى مستوى هذه التوقعات».
منذ يوليو يتولى شون دافي، وزير النقل، رئاسة ناسا بالوكالة. كان سحب الترشيح الأول لإيزاكمان قد تلا بأسابيع مغادرة ايلون ماسك لمناصب داخل إدارة ترامب، وخلال حملة تقليص أحجام بعض الإدارات الحكومية التي صاحبتها موجات من تسريحات العاملين.
أبدى بعض المشرّعين قلقهم من علاقات إيزاكمان بشركة سبيس إكس وإمكان تداخل مصالحه الشخصية مع مهام الوكالة، خصوصاً أن تقارير تشير إلى أنه أنفق مبالغ طائلة مع تلك الشركة، كما أن له تبرعات سياسية سابقة للناخبين الديمقراطيين. خلال جلسة الاستماع الأولى لتأكيد الترشيح في أبريل، طرح أعضاء من الحزبين أسئلة عن تضارب المصالح المحتمل، والتخفيضات المحتملة في الميزانية، وطموحه في إرسال رواد فضاء إلى المريخ.
أعرب بعضهم عن خشيتهم من أن يُضحَّى بمهمة العودة المخططة إلى القمر لصالح التركيز على المريخ، لكن إيزاكمان ردّ بأن المسألة ليست قراراً ثنائياً بين القمر والمريخ وأن بإمكان ناسا متابعة كلا الهدفين بالتوازي.
نشأ إيزاكمان من خلفية متواضعة إذ ترك المدرسة الثانوية مبكراً، وبدأ مشواره في عالم الأعمال بتأسيس شركة معالجة الدفعات Shift4 Payments عام 1999 في قبو منزل والديه عندما كان في السادسة عشرة من عمره، وهي الشركة التي أسهمت في تكوين ثروته. ولديه شغف طويل بالطيران؛ فقد بدأ دروس الطيران عام 2004 وسجل لاحقاً رقماً قياسياً عالمياً لأسرع طيران حول العالم بطائرة خفيفة.
إذا ما تمت المصادقة عليه من قبل مجلس الشيوخ، فسيكون إيزاكمان أمام اختبار لإثبات أنه قادر على إدارة وكالة وطنية علمية تقنية استراتيجية، دون أن تسمح سوابق علاقاته الخاصة بطمس الأولويات الوطنية أو تضاربها مع مصالح القطاع العام.