مولي كرابابل تتذوق طعم انتصار زهران

«ما زلت أعيش نشوة هذا النصر»، قالت الفنانة مولي كرابابل عبر الهاتف اليوم، في الخامس من نوفمبر. ملايين منا يشاطرونها الشعور — ففوز زهران ممداني في انتخابات عمدة نيويورك أمس أثار احتفالات على امتداد المدينة والعالم، حتى في حانة في ويليامزبرغ حيث رقصت واحتفلت مع أصدقائها ومنظمين آخرين.

تروي أنّ طاقم تلفزيوني إيطالي أجرى معها مقابلة وهي في حالة سُكر وسألها إن كانت تخشى أن يرسل ترامب مصلحة الهجرة (ICE) إلى نيويورك. أجابت: «سيُرسِلهم مهما حصل، لكن على الأقل الآن لدينا عمدة سيقاتل من أجلنا».

كرابابل ليست غريبة على المدينة. ولدت ونشأت في نيويورك، وأصبحت فنانة وكاتبة معروفة؛ أتمت ثمان عشرة عاماً مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر، عاشت مقابل الموقع الذي انطلق منه احتلال وول ستريت، وانضمت إلى خمسة مئآت ناشط يهودي في إغلاق بورصة نيويورك احتجاجاً على ما يجري في غزة تشرين الأول الماضي. منذ انضمامها إلى منظمة DSA في 2017، العام نفسه الذي بدأ زهران فيه نشاطه في الحركة، شهدت على مساره منظمًا مجتمعياً قبل أن يصبح سياسياً. صممت ملصقات لحملته الأولى لنيابة الولاية قبل أكثر من خمس سنوات، وقبل الانتخابات التمهيدية في يونيو رسمت مشاهد مباشرة من تجمعه في تيرمينال 5 في مانهاتن. نشرت على إنستغرام عملاً يحمل رمز الخبز والورود يصور العمدة المنتخب محاطاً بسكان المدينة الذين جعلوا حملته ممكنة.

أجريت معها مقابلة بالهاتف حول ما يعنيه هذا الفوز للفنانين العاملين، ودورها في حملة ممداني، ونصيحتها للفنانين الذين يريدون أن يبنوا مستقبلاً أفضل. أُجريت المقابلة وتحررت لتكون أوضح وأقصر.

س: كيف تشعرين حيال مستقبل نيويورك، خصوصاً للفنانين، بعد هذا الانتصار التاريخي؟
ج: هذا أحد أجمل الأيام التي رأيتها منذ زمن طويل. أنا من مواليد نيويورك وعشتها طوال حياتي. شاهدت فنانين يُدفعون خارج المدينة بارتفاع الإيجارات وبضغوط رأس المال المالي. ورغم الطريقة التي تُقدَّم بها المسألة أحياناً، للفنانين نفسها احتياجات الطبقة العاملة: مسكن، طعام، رعاية أطفال. نفس القوى التي تطرد العاملين تطرد الفنانين أيضاً. التهجير كان حقيقة يومية مأساوية لأطول فترة أتذكرها. أشعر بأمل حقيقي بأننا أخيراً قد نحصل على مدينة تُصمَّم لتسهيل الحياة على العمال بدل أن تكون صناعة لمسح وجودنا. الحقيقه إن هذا تغيير جوهري.

يقرأ  طفلي الأصغر لا يَعْرِفُ طَعْمَ الفَاكِهَةِ

س: كيف أمضيتِ يوم الانتخاب؟
ج: جاءت صديقتي نعومي كلاين خصيصاً إلى المدينة لتتحدث في جولات حشد DSA وصوت يهودي من أجل السلام، فبدأت يومي معها عند مركز اقتراع قرب جراند آرمي بلازا نوزع منشورات عن زهران. أتذكر سيدة كاريبية في السادسة والثمانين كانت تقول إن اتهامات مثل قلة الخبرة سخيفة، لأن الخبرة لا تُنال إلا بممارسة العمل نفسه؛ كانت تلوح بقبضتها بحماس. كثيرون لم يستطيعوا التصويت لأنهم مهاجرون، لكنهم دعموا حملته بكل حب. بعدها قضيت الليلة في حفل متابعة لـ DSA مع أصدقائي في 9 Bob Note، والطوابير امتدت نصف الشارع — كان مشهداً جنونياً.

أنا عضوة في DSA منذ ثماني سنوات. لم أكن لأتخيل أن اجتماعاتنا الصغيرة الغريبة آنذاك ستنتهي بواحد منا عمدة لأعظم مدينة في أمريكا.

س: متى تعرّفتِ إلى زهران وكيف انخرطتِ في حملاته؟
ج: زهران رفيق في DSA ومنظّم ميداني منذ زمن. شارك في أول حملة انتخابية أتذكرها لنائب كان يُدعى خضر اليتيم في باي ريدج. بما أنني ناشطة في المنظمة تطوعتُ لتصميم ملصقات لحملاته، ثم دعمتُ مبادرات لاحقة. في 2021 كان هناك احتجاج ضخم لسائقي التاكسي ضد عبء الديون الذي دفع بعضهم إلى اليأس. زهران كان مدهشاً: نقل مكتبه إلى الرصيف حيث اعتصم السائقون حتى من يريد إجراء لقاء تشريعي كان عليه أن يسمع ويشاهد الناس هناك. خاض إضراباً عن الطعام لمدة 15 يوماً. تابعت الأمر وكتبت عنه تغطية. كان فيه كاريزما وغضبٍ عادل وحب حقيقي للقضية. وفي الليلة التي حصلوا فيها على إعفاءات من الديون، عزفوا بهانغرا ورقصوا جميعاً على الرصيف — لحظة انتصار نادرة وحلوة.

س: ترسمين صورة قوية للحملة؛ ماذا تمثل لكِ الرسمة التي نشرتِها أمس؟
ج: رسمت هذه القطعة كتحضير لمقال في مجلة Nation حول جذوره في DSA، واستلهاماً من جدارية رسمتها في مكتب المنظمة تُظهر عمّال نيويورك. طلب مني مدير الفن أن أصنع شيئاً عن حملة زهران بأسلوب مشابه، فاتصلت بأصدقائي ليضعوا أكسسوارات الحملة أمامهم، ثم رسمت زهران في الوسط. الفكرة أن حملته ليست احتفاءً بضيفٍ واحد، بل نتاج حركة جماعية.

يقرأ  غابرييل بيجانيتواجه حزن مشاهدة قصف إسرائيل عن بُعد

س: حدثينا عن بداياتك في النشاط والتعبئة؟
ج: أبي اقتصادي ماركسي وأمي فنانة، وكلاهما من نيويورك القديمة؛ عائلة أمي صارت في المدينة منذ 1904. ترعرعت في بيئة يسارية بطبيعتها. أول انخراطي السياسي الفعلي كان ضد حرب العراق وحرب مكافحة الإرهاب، خصوصاً بعد أن بلغت ثمانية عشر عاماً بعد يومين من 11 سبتمبر وكنت في تشيلسي. رؤية هذا الاستغلال للكارثة لتبرير الحروب والإبادات كانت صادمة. شاركت في احتجاجات مناهضة للحروب وللسجون مثل غوانتانامو. ثم جاء احتلال وول ستريت أمام باب منزلي؛ كنت هناك منذ الساعات الأولى، وثقت الحراك برسوماتي وصنعت ملصقات وكتبت عنه واعتُقلت لأجله. عندما فاز ترامب أدركت أن الاحتجاجات اللاقيادية لوحدها غير كافية لمواجهة الفاشية، فضممت إلى منظمة.

س: ماذا عن ثمن النشاط؟ هل أثر نقدك لعالم الفن على علاقاتك مع جامعي الأعمال أو المؤسسات؟
ج: بصراحة، عندما تكون يسارياً لفترة طويلة تكون “مسبقاً مُلغَياً” في عالم الفن التنافسي — فرص لا تُتاح أساساً. لكن ما حدث لي كان مرتبطاً بمعارضتي للجرائم في فلسطين؛ عدد من الفنانين الذين وقفوا ضد ما حدث عانوا انعكاسات مهنية أكبر منّي. معرضي الفردي الأول بعد سبع سنوات افتتح في نوفمبر 2023 ولم يكن سياسياً؛ ومع ذلك انسحب بعض المقتنين الذين كانوا قد وعدوا قبل 7 أكتوبر. كان لذلك أثر كبير على مبيعاتي. لكن إن كان هدفي المال فقط، لما بقيت فنانة؛ لكنت كهربائية أو محاسبة.

س: ماذا تقولين للفنانين والعاملين في الفن الذين يريدون استثمار هذه اللحظة لبناء مستقبل معيش مستدام في نيويورك؟
ج: أولاً: انضموا إلى منظمة. بالنسبة لي كانت DSA؛ قد تكون لكم منظمة أخرى، لكن العمل الجماعي هو المفتاح. لا يمكن للفرد المعزول أن يصنع قوة كبيرة. ثانياً: استعملوا مهاراتكم — رسم، فيديو، شعر، تنظيم — في خدمة الحركات التي تؤمنون بها إذا كان هذا يروق لكم. لستُ من المؤمنين بأن كل فنان يجب أن يصنع فن التحريض دائماً، لكن إن رغبت في دعم حركة فلتقدّم أعمالك مجاناً أو تطوعها لمن يحتاجها؛ هذا ما فعلته.

يقرأ  مخلوقات ورق المعجون الغريبة الأطوار لروبرتو بينافيديز تتآلف في «وحوش بوش» — كولوسال

ج: وأضيف أن المجتمع يداوي كثيراً من العزلة التي قد يفرضها الردع على الفنانين. أصدقاء مثل القائمين على مهرجان فلسطين للأدب كانوا سنداً عظيماً. أي إنسان عاقل يعارض إبادة أطفال؛ إن غضب الأثرياء منا لأجل ذلك فليكن. نحن نواصل العمل من أجل مدينة أكثر عدلاً وأمناً للفنانين والعاملين على حد سواء.

(المقابلة اختُصرت وحُررت لظاهر الوضوح)

أضف تعليق