«إجازة مرضية أم كذبة مريضة؟» عندما لا يستطيع المعلمون حتى الإبلاغ عن غيابهم لو كانوا أمواتاً

نظرة عامة:

المعلمات والمعلمون يتعرّضون لضغوط تفرض عليهم أن يكونوا «مريضين لكن متاحين»، ما يكشف عن ثقافة سامة للحضور الظاهري في ميدان التعليم تُعاقب الراحة، وتغذي الإنهاك، وتقوض رفاهية المدرّس وفعالية التدريس على حدّ سواء.

ثقافة «مريض لكن متاح»

إذا سبق وعملت في المجال التعليمي لثوانٍ معدودة فحسب، فربما عرفْت هذا السيناريو: أنت غائب بداعي المرض لكن الرسائل لا تتوقف — هل أرسلت خطط البديل؟ هل يمكنك إيميل جدولك؟ هل تقدر تجيب لمكالمة سريعة؟ هذه ثقافة الحضور الظاهري: الظهور جزئياً رغم أن الجسد يصرخ بالتوقف. أصبحنا نشعر بالذنب حتى أمام إجازة طبية موقّعة من طبيب.

لقد رأيت زملاء يكتبون خطط الغائبين في منتصف الليل وهم يقهرهم الحمى. ورأيت آخرين يجيبون على رسائل أولياء الأمور بين نوبات السعال. وكنتُ أنا أيضاً أفعل حتى أجبرني جسدي على التوقف.

تكاليف الحضور الظاهري

المفارقة أن الحضور الظاهري يكلف المؤسسات أكثر من التغيب الفعلي. الأبحاث تشير إلى أن الموظف الذي يعمل مريضاً يقل أداؤه، يتعافى ببطء، ويُعرض نفسه لانتكاسة صحية — وهو ما يكبد المدارس ثمناً أكبر عبر تراجع جودة التعليم، إرهاقٍ متزايد، ومعدلات دوران وظيفي أعلى. باختصار: مدرس يعود إلى الصف منهكاً لن يخدم مصلحة الطلبة.

العلم وراء وضع الحدود

بيولوجياً، العمل أثناء المرض يرفع هرمون التوتر (الكورتيزول)، والكورتيزول المرتفع يثبط خلايا المناعة، يبطئ ترميم الأنسجة، ويزيد احتمال الانتكاسة. لذلك آنذاك البريد الإلكتروني الذي وصلني من سرير المستشفى لم يكن مجرّد قلة حسّ، بل ساهم في إعاقة شفائي. كل دقيقة أمضيتها في القلق على جداول الحصص كانت دقيقة أقل لشفاء جسدي.

عامل الذنب

لماذا نستمر في ذلك؟ لأننا نحمل الذنب كجزء من معدّاتنا. نعتقد أن عدم الرد يعني خذلان الآخرين، وأن الصفوف ستنهار بدوننا. الواقع مختلف: الفصل لا ينهار إذا أجلتِ الأمور إلى اليوم التالي؛ ما ينهار هو صحتك إن لم ترسمي حدوداً واضحة.

يقرأ  السعودية تُعرب عن قلق بالغ إزاء غزة بعد تقرير الأمم المتحدة عن المجاعة

ما نعلّمه للطلاب

الأمر لا يتعلق بسلامة الكبار فقط، بل بما نقدمه كنموذج للطلاب. نعلّمهم أن «يستمعوا لأجسادهم» و«يأخذوا فترات راحة»، لكن عندما يرون معلمهم يعمل مريضاً يتعلّمون ضمنياً أن التفاني يعني التدهور الذاتي — ليست هذه رسالة نريد إيصالها.

التحوّل الذي تحتاجه المدارس

كيف ستبدو الأمور لو اعتبرت المدارس أيام المرض دواءً لا تفاوض عليه؟
– لن يرسل الإداريون رسائل «فحص سريعة» أو إيميلات في اللحظات الأخيرة للغائبين.
– لن يكتب المعلمون خطط بديلة مرهقة أثناء المرض في الفراش.
– زملاء العمل سيتدخلون دون إصدار أحكام، مدركين أن كل واحد يحتاج هذا النوع من المرونة يوماً ما.
– تُحترم الحدود بدل أن تُختبر.

النتيجة: مدرس متعافٍ يعود إلى الصف أكثر تركيزاً وهدوءاً وكفاءة — وهذا يصبّ في مصلحة الجميع.

نقطة الصحوة

البريد الإلكتروني الذي طالَبَني بجدولي خلال ساعة واحدة، رغم أنني قدمت إجازة طبية وخطط تغطية، كان جرس إنذار. لا يمكنني التحكم في متى سيختبر الآخرون حدودي، لكن أستطيع التحكم في استجابتي. وأحياناً أفضل استجابة هي الصمت.

الجرس النهائي

أيام المرض ليست خياراً ولا ضعفاً ولا «عمل من المنزل مع زيادة المرض». هي دواء. وليس على المدرّس أن يشعر بالذنب لحمايتها. إذن اقبل إذناً رسمياً: أحياناً أجاب أو لا أجيب — لأن الراحة ليست ضعفاً، بل بيولوجيا. وقول «لا» لمكالمة أو بريد خلال نوبة مرض ليس تمرداً، بل حماية صحية.

ملاحظة عن الكاتبة

كارمن كوبر فنيّة نفسية معتمدة وطنياً ومتخصّصة بسلوكيات التدريس، تكتب عن تقاطع علوم الدماغ والرفاهية وثقافة الصف عبر منصتها. هي تُجري حالياً دراستها الجامعية في علم النفس والعدل الجنائي وتَسْجِل تجربهتها في التعليم الابتدائي.

صحةة المعلّمات والمعلّمين مسألة مركزيّة لا رفاهية.

يقرأ  ١١ استراتيجية فعّالة لتدوين الملاحظات تعزّز تعلمَ الطلاب

أضف تعليق