تجاهلت جنوب أفريقيا الانتقادات الأخيرة الصادرة عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي عبّر عن اعتقاده بأن البلاد لم تعد تستحق أن تكون عضواً في مجموعة العشرين.
وقال المتحدّث الرئاسي فينسنت ماجوينيا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن بلاده واثقة من قدرتها على استضافة قمة ناجحة للغاية عندما يجتمع زعماء أكبر اقتصاديات العالم في جوهانسبرغ في وقت لاحق من هذا الشهر. ولن يحضر ترامب شخصياً، بل سيرسل نائب الرئيس جي. دي. فانس ممثلاً عنه.
تتولّى كل دولة عضو سنوياً رئاسة مجموعة العشرين وتضع أجندة قمة القادة؛ وكان من المقرّر أن تتولّى الولايات المتحدة الرئاسة بعد جنوب أفريقيا. وفي مؤتمر بميامي يوم الأربعاء قال ترامب: «جنوب أفريقيا لا ينبغي أن تكون ضمن مجموعة الدول الكبرى بعد الآن، ما يجري هناك سيء. لن أمثل بلادنا هناك».
امتنعت حكومة جنوب أفريقيا عن إصدار ردّ رسمي كامل على تصريحات ترامب، لكنها ردّت الأسبوع الماضي على قرار واشنطن منح أولوية لطلبات لجوء قُدِّمت من أفريكانرز بيض، أغلبهم من أحفاد مستوطنين هولنديين وفرنسيين. وأكدت الحكومة أن مزاعم «إبادة بيضاء» قد فقدت مصداقيتها على نطاق واسع وتفتقر إلى أدلة موثوقة.
كما أن أحدث الإحصاءات الجنائية في البلاد لا تشير إلى أن عدد البيض الذين تعرّضوا لجرائم عنيفة يفوق أعداد ضحايا المجموعات العرقية الأخرى.
تأسست مجموعة العشرين في عام 1999 بعد الأزمة المالية الآسيوية. وتضم الدول المشاركة أكثر من 85% من ثروات العالم، وكانت تهدف آنذاك إلى استعادة الاستقرار الاقتصادي. وعُقدت أول قمة لقادة الدول في 2008 استجابةً لاضطرابات النظام المالي العالمي ذلك العام، لتعزيز التعاون الدولي. والآن يجتمع القادة سنوياً، إلى جانب ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقياي، لمناقشة الاقتصادات العالمية والقضايا المشتركة.
ولم تُسنّ للمجموعة إجراءات رسمية لطرد دولة، إذ إنها ليست منظمة قائمة على معاهدة مثل الأمم المتحدة ولا تملك ميثاقاً قانونياً أو دستوراً؛ هي منتدى غير رسمي يقوم على الإجماع. وقال الدكتور أندرو جاوثروب من مركز السياسة الخارجية البريطاني للبي بي سي: «لو كان من المقرر طرد بلد، فسيعني ذلك أساساً استبعاده عن الاجتماعات — أي عدم دعوته من قبل الدولة المضيفة لتلك السنة. لكن من غير المرجّح أن تتخذ الدولة المضيفة قراراً بعدم دعوة دولة أخرى إلا إذا توفّق باقي الأعضاء على ذلك».
أشهر سابقة تاريخية لذلك كانت طرد روسيا من مجموعة الثماني بعد ضمّها لشبه جزيرة القرم في 2014. ومع ذلك بقيت روسيا عضواً في مجموعة العشرين التي تضم دولاً من مختلف أنحاء العالم. وطُرحت دعوات لطرد روسيا بعد الغزو الكامل لأوكرانيا في 2022، لكنّ التوافق المطلوب داخل مجموعة أوسع من الدول المتمتعة بتحالفات متباينة لم يتحقّق.
هذا العام اعتمدت جنوب أفريقيا شعار التضامن والمساواة والاستدامة — وهو ما شدّد عليه المتحدث باسم وزارة الخارجية كريس بين فيري رداً على انتقادات ترامب. وقال فيري إن «الاستفادة من تجربتنا الخاصة من الانقسام العرقي والإثني نحو الديمقراطية تضع جنوب أفريقيا في موقع فريد للدفع داخل مجموعة العشرين نحو مستقبل يتسم بتضامن حقيقي، حيث تجسر الرخاء المشترك فروقاً عميقة». وأضاف أن العمل الجماعي من أجل الاستدامة يجب أن يركّز على التنمية لمعالجة آثار الاستعمار على القارة الافريقيا.
عرض ترامب في وقت سابق من هذا العام منح وضع لاجئ للأفريكانرز بعد أن وقع الرئيس سيريل رامافوسا قانوناً يسمح في حالات نادرة للحكومة بمصادرة الأراضي دون تعويض. وتمتلك غالبية الأراضي الزراعية الخاصة في البلاد مزارع يملكها جنوب أفارقة بيض، الذين يشكلون قليلاً أكثر من 7% من السكان.
سعى رامافوسا لتهدئة الأجواء بزيارة البيت الأبيض في مايو برفقة وفد كبير شمل أعضاء بيض من ائتلاف حكومته ولاعبي غولف جنوب أفارقة مشهورين. لكن ترامب فاجأ اجتماع المكتب البيضاوي بادعاءات عن استهداف وقتل ومضايقة المزارعين البيض — مقدمًا «أدلة» لم تُثبت مصداقيتها وتعرّضت لتكثيف الرفض. وأفشلت محاولات لاحقة لإصلاح العلاقة، إذ فرضت الولايات المتحدة في أغسطس رسوماً جمركية نسبتها 30% على سلع مصدّرة من جنوب أفريقيا — وهي أعلى نسبة في منطقة جنوب الصحراء الافريقية.