فرنسا توصي رعاياها بمغادرة مالي مؤقتًا بعد حصار يعطّل الحياة اليومية
أوصت الخارجية الفرنسية رعاياها بالخروج من مالي “بأقرب وقت ممكن” عبر الرحلات التجارية المتاحة، بعدما ألقى حصار تفرضه مجموعة مسلحة بظلاله على العاصمة باماكو ومناطق أخرى من هذا البلد الواقع في غرب القارة الأفريقية. السلطات الفرنسية حذّرت أيضاً من أن السفر برا غير مستحسن لأن الطرق الوطنية باتت عرضة لهجمات جماعات إرهابية.
تصاعد الاستهداف لشاحنات الوقود منذ سبتمبر
تنسب قوات الأمن ومنظمات دولية استهداف ناقلات الوقود للـجماعة الموالية لتنظيم القاعدة المعروفة باسم “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” (JNIM)، لا سيما تلك القادمة من السنغال وساحل العاج التي تمر عبرها أغلب واردات مالي.
خلفية سياسية وأمنية
منذ انقلابَي 2020 و2021 اللذان أنهيا الوجود العسكري الفرنسي، تحكم مالي حكومة عسكرية تكافح للسيطرة على جماعات مسلحة متفرقة، من بينها JNIM. وفي بيان نصح به المسافرون، قالت الخارجية إن الوضع الأمني يتدهور منذ أسابيع، بما في ذلك في باماكو، وأن التمثيل الدبلوماسي الفرنسي باقٍ مع بقاء السفارة مفتوحة، رغم المتابعة الدقيقة للوضع.
إجلاء دبلوماسيين وتعليق عمليات الشحن
أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا الأسبوع الماضي سحب موظفيهما غير الأساسيين وعائلاتهم، فيما أعلنت شركة الشحن الدولية MSC ومقرها جنيف تعليق عملياتها في مالي بسبب الحصار على الوقود وتدهور الأمن.
“اعتراف بالفشل”
فُرض الحصار على الوقود منذ أسابيع ما شلّ اقتصاد هذا البلد الساحلي الداخلي؛ إذ أُغلقت مدارس، وتعطلت مواسم الحصاد في مناطق عدة، وتضاءل الوصول إلى الكهرباء. ورغم أن JNIM اعتادت حصار بلدات في مناطق أخرى، فإن استخدام هذه التكتيك ضد العاصمة هو الأول من نوعه.
دعا الرئيس أسيمي غويتا المواطنين إلى تقليل التنقلات غير الضرورية، متوعدًا بأن السلطات ستبذل كل ما في وسعها لتأمين الوقود. ووصف عليون تين، الخبير الأممي السابق في ملف حقوق الإنسان في مالي، تصريحات الرئيس بأنها “اعتراف فظيع بالفشل”.
تحالفات ونفوذ ميداني
بدلًا من الاحتفاظ بعلاقات أمنية مع حلفاء غربيين سابقين، انحازت السلطات العسكرية إلى عناصر شبه عسكرية روسية لمواجهة الجماعات المسلحة. ويقول باكاري سامبي من معهد تيمبكتو في داكار إن الدولة المالية “لم تعد تملك السيطرة على شيء في أراضيها” وأنها “تُركز قواتها حول باماكو لتأمين النظام الحاكم”. وأضاف أن الدعم الشعبي الأولي للسلطة العسكرية بدأ يتآكل أمام عجزها عن الوفاء بوعود الأمن.
أهداف JNIM وإمكانات السيطرة على العاصمة
تهدف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين إلى السيطرة على أراضٍ وطرد النفوذ الغربي من مناطق وجودها، ويخشى بعض الخبراء أنها قد تسعى إلى السيطرة على عواصم كبرى وحتى حكم البلاد بأكملها. غير أن مراقبين يرون أن إسقاط باماكو في الوقت الراهن أمر مستبعد لافتقار الجماعة إلى القدرة العسكرية والإدارية اللازمة.
كما قال محلل لدى شركة استشارية أمنية إن قدرة JNIM على الاستيلاء على العاصمة غير مؤكدة، رغم أن التهديد الذي تمثّله المدينة الآن غير مسبوق. وتُتهم الجماعة بقتل الآلاف منذ عام 2017 وارتكاب اعتداءات تستهدف المدنيين، لا سيما من يُشتبه في تعاونهم مع قوات الدولة.