مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة يحذّر من «فظائع لا تُتَصَوَّر» في الفاشر — أخبار حرب السودان

تصاعد الاعتداءات الوحشية في الفاشر بعد سيطرة قوات الدعم السريع

أفاد مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في السودان بأن “اعتداءات وحشية” تتصاعد في مدينة الفاشر، عقب سيطرة ميليشيات قوات الدعم السريع على المدينة في إقليم دارفور الغربي الشهر الماضي.
وقالت لي فنغ، ممثلة الأمم المتحدة لشؤون الحقوق الإنسانية في السودان، في شريط فيديو نشرته على منصة إكس يوم السبت: «خلال الأيام العشرة الماضية شهدت الفاشر تصعيداً في الاعتداءات الوحشية. لقد تحولت إلى مدينة حزن».

«المدنيون الذين صمدوا 18 شهراً تحت الحصار والاشتباكات يواجهون الآن فظائع تفوق الوصف»، أضافت، مشيرة إلى أن «المئات قُتلوا، بينهم نساء وأطفال وجرحى كانوا يلتمسون الأمان في المستشفيات والمدارس. عائلات بأكملها ذبحت أثناء محاولتها الفرار، وآخرون اختفوا».

ووفق تحذيرات منظمات الإغاثة، فقد توجه آلاف النازحين الفارين من عاصمة ولاية شمال دارفور إلى بلدة طويلة وواجهوا أوضاعاً إنسانية بالغة السوء. وقال آدم روجال، المتحدث باسم مجموعة معنية بالنازحين ومخيمات اللاجئين في السودان، لوكالة الأنباء الأسوشيتد برس إن أكثر من 16 ألف شخص وصلوا إلى طويلة، ويعانون نقصاً حاداً في الغذاء والدواء ومواد المأوى والدعم النفسي.

أظهرت لقطات مصوّرة من فريق الإغاثة نزوحاً جماعياً إلى منطقة قاحلة، مع عدد قليل من الخيام التي هي في غالبها مؤقتة ومصنوعة من أغطية مشققة وأغطية سرير. وبعض العائلات تتعاش على وجبة واحدة يومياً. منظمة أطباء بلا حدود (MSF) رصدت «معدلات سوء تغذية مرتفعة للغاية بين الأطفال والبالغين».

وقالت ماثيلد فو، مديرة المناصرة في مجلس اللاجئين النرويجي بالسودان، لوكالة فرانس برس إن عدداً كبيراً من الأسر التي وصلت طويلة ترافقها «أطفال ليسوا من صلبهم»، أي أنهم قدموا مع أطفال فقدوا والديهم في الطريق—إما لأنهم اختفوا في الفوضى، أو احتُجزوا، أو قُتلوا.

يقرأ  المساعدات العسكرية الأوروبية لأوكرانيا تسجل رقماً قياسياً في 2025 — كايّا كالس

تويلا ليست الوجهة الوحيدة؛ فقد فرّ الناس إلى عدة بلدان بعد استيلاء قوات الدعم السريع على الفاشر في 26 أكتوبر، وهي آخر معقل للجيش السوداني في إقليم دارفور الغربي. وأظهر تقرير مختبر البحث الإنساني بجامعة ييل في 28 أكتوبر أدلة على “مجازر جماعية”، من بينها بقع دم ظاهرة في صور الأقمار الصناعية.

تقدّر المنظمة الدولية للهجرة أن نحو 82 ألف شخص فرّوا من المدينة والمناطق المحيطة بها حتى 4 نوفمبر، متجهين إلى طويلة، وكبكابية، ومليط، وكتم. وكان عدد سكان الفاشر نحو 260 ألف نسمة قبل سيطرة الدعم السريع. وقال فولكر تورك، مفوض حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، يوم الجمعة إن المدنيين المحاصرين هناك يُمنعون من الخروج، معبراً عن الخشية من استمرار فظائع تتضمن عمليات إعدام موجزة واغتصابًا وعنفاً ذا دوافع عرقية.

الأبيض تستعد لهجوم قوات الدعم السريع

بينما يشتدّ النزاع الإنساني في دارفور يمتد الصراع إلى إقليم كردفان المجاور. في وقت مبكر من هذا الأسبوع، أسفر هجوم بطائرة مُسيّرة على مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، عن مقتل ما لا يقل عن 40 شخصاً وإصابة العشرات. وقال مسؤول عسكري لوكالة الأنباء إن الجيش اعترض صباح السبت طائرتين مسيرتين صينيتين الصنع استهدفتا الأبيض.

وتزايدت مخاوف السكان من هجوم لقوات الدعم السريع بعد استحواذها مؤخراً على بلدة bara الواقعة نحو 60 كيلومتراً شمالاً، ما دفع أكثر من 36 ألف شخص للفرار، بحسب الأمم المتحدة. وتقع الأبيض على طريق إمداد حيوي يربط دارفور بخرطوم على مسافة تقارب 400 كيلومتر، وسيشكل سقوطها مكسباً استراتيجياً لقوات الدعم السريع التي تحارب الجيش السوداني منذ أبريل 2023.

مقترح وقف إطلاق النار

تقدّر منظمة الصحة العالمية أن النزاع أودى بحياة ما لا يقل عن 40 ألف شخص، بينما تقول منظمات إغاثية إن الحصيلة الحقيقية قد تكون أعلى بكثير. وبعد عامين من الحرب لا تبدو مؤشرات التهدئة واضحة، رغم اقتراح لوقف النار طرحه «الرباعي» الذي يضم وسطاء دوليين هم: مصر، والسعودية، والإمارات، والولايات المتحدة.

يقرأ  الضحايا الخفيّون لسياسة الطفل الواحد في الصينتقارير جرائم حقيقية — الاتجار بالبشر

أعلنت قوات الدعم السريع يوم الخميس استجابتها الإيجابية للفكرة، لكن في اليوم التالي سُجلت انفجارات في محيط الخرطوم ومدينة أتبرة شمال العاصمة—اللتان تسيطر عليهما قوات الجيش. ينص مخطط وقف النار على توقف إنساني مؤقت لمدة ثلاثة أشهر يتبعه وقف دائم للنار قد يمهّد الطريق لعملية انتقال سياسي نحو حكم مدني. ومع ذلك لم تُدلِ الحكومة المدعومة من الجيش—التي تسيطر على معظم شمال وشرق ووسط السودان بما في ذلك الخرطوم—برد علني على المقترح.

ونوه محافظ دارفور مني أركو مناوي على منصة إكس بأن أي هدنة لا تشمل انسحاب قوات الدعم السريع ستعني تقسيم السودان. وسقوط الفاشر منح قوات الدعم السريع السيطرة على عواصم الولايات الخمس في إقليم دارفور، ما أحدث انقساماً فعلياً في البلاد.

أضف تعليق