اغلاق الحكومة الأميركية: ماذا نعرف وما هي التداعيات؟
منذ فشل المشرعين الأميركيين في التوصل إلى اتفاق لإنهاء إغلاق الحكومة، تُرك نحو 750,000 موظف اتحادي دون عمل مؤقت، وتوقف ملايين الأميركيين عن الحصول على مساعدات غذائية، وتعرضت حركة الطيران لاضطرابات واسعة في أنحاء البلاد.
بداية الأزمة
بدأ الإغلاق في الأول من أكتوبر بعد تعثر مفاوضات في مجلس الشيوخ حول أولويات الإنفاق، حيث رفض الجمهوريون مقترح الديموقراطيين الخاص بحماية الرعاية الصحية وبرامج اجتماعية أخرى. ومنذ ذلك الحين أخفقتُ الأطراف في إقرار 14 مشروع تمويل منفصل، مما أدى إلى تأخير رواتب مئات الآلاف من العاملين الاتحاديين.
الرحلات الجوية واضطراب النقل
أثر الإغلاق بشدة على قطاع الطيران بسبب نقص الموظفين بين مراقبي الحركة الجوية الذين يعملون من دون أجر. فقد أُلغيت أكثر من 1,530 رحلة داخل الولايات المتحدة يوم السبت، بينما سجّلت مواقع تتبع الرحلات ارتفاعاً من 1,025 إلغاء في اليوم السابق، مع توقع استمرار هذا الاتجاه لوقوع نحو ألف إلغاء يوم الأحد على الأقل. قالت إدارة الطيران الاتحادية إن النقص أثر على 42 برج مراقبة ومنشأة أخرى، مسبّباً تأخيرات في مدن كبرى منها أتلانتا ونيوآرك وسان فرانسيسكو ونيويورك وشيكاغو. ويهدد هذا الفوضى بتكاليف سياسية على المشرعين إذا استمرّ خلال موسم العطلات، كما سيؤثر سلباً على سلاسل الإمداد لأن كثيراً من الرحلات التجارية تنقل بضائع إلى جانب الركاب.
تداعيات اقتصادية أوسع
حذر غريغ رايف، الرئيس التنفيذي لشركة Elevate Aviation Group، من أن الأثر الاقتصادي سيشمل السفر التجاري والسياحة وإيرادات الضرائب المحلية وميزانيات المدن، قائلاً إن هناك أثرًا متسلسلًا سيطال قطاعات عدة.
تهديد للمساعدات الغذائية
أعلن الرئيس دونالد ترامب أنه سيعيد صرف مساعدات الغذاء فقط بعد انتهاء الإغلاق، منتقداً زيادات برنامج المساعدة الغذائية SNAP خلال حكم جو بايدن. يوفر برنامج SNAP نحو 8 مليارات دولار شهرياً للفئات منخفضة الدخل، بمتوسط مساعدة فردية يقارب 190 دولاراً شهرياً وحوالي 356 دولاراً للأسرة. أي تعطّل طويل للخدمات سيضاعف معاناة المحتاجين.
الخلاف حول تأمين الصحة
يلقي الديموقراطيون باللوم على الجمهوريين لرفضهم تجديد إعانات الرعاية الصحية المنتهية ضمن قانون الرعاية الميسّرة (ACA). دفعت قيادة الديموقراطيين بمقترح تمديد سنوي للإعانات التي تساعد من لا يغطيهم تأمين العمل أو حكومي، لكن أغلبية الجمهوريين في مجلس الشيوخ (53–47) تمكنهم من تعطيل هذا الاقتراح. تدخل ترامب عبر منصة Truth Social داعياً إلى تحويل الأموال المخصصة لشركات التأمين إلى دفعات مباشرة للأفراد لشراء تغطية بأنفسهم. يستفيد نحو 24 مليون أميركي من هذه الإعانات، وينبه المحللون إلى احتمال تضاعف الأقساط بحلول 2026 إذا ترك الكونغرس هذه الإعانات تنتهي.
سياق تاريخي
لم تكن هذه الأزمة الأولى في تاريخ واشنطن، إذ مرّت الحكومة بعدة فترات انقطاع تمويلية منذ اعتماد العملية الحالية في 1976. قبل الثمانينيات نادراً ما كانت هذه الفجوات تتحول إلى إغلاقات فعلية، لكن آراء قانونية صدرت في 1980 حدّدت أن الوكالات لا يمكنها صرف الأموال بدون تفويض من الكونغرس، ما جعل الإغلاقات أكثر تكراراً منذ 1982.
ماذا يحدث بعد؟
بعد جلسة نادرة لمجلس الشيوخ يوم سبت، لم يعلن عن اختراق، ومن المتوقع أن يستأنف المجلس اجتماعاته يوم الأحد. قال زعيم الأغلبية في الشيوخ إن الطريق الوحيد للخروج هو تمديد تمويل «نظيف» بلا شروط. في المقابل، يضغط الضغوط المالية — خصوصاً خطر عدم دفع رواتب نحو 1.3 مليون من عسكريي الخدمة — على الطرفين لإيجاد حل. تقترح بعض الديموقراطيات، وعلى رأسهن السيناتورة جين شاهين، تمويلاً مؤقتاً لبعض دوائر مثل شؤون المحاربين القدامى والمساعدات الغذائية بانتظار تصويت لاحق على إعانات الرعاية الصحية، لكن من غير المؤكد إن كان ثمة دعم كافٍ لهذا الحلّ التوفيقي. وفيما يدرس بعض الجمهوريين نسخة ثنائية الطرفين من المقترح، تبقى مصائر الإعانات الصحية الضبابية هي المحور الأهم: مواصلة الضغط للحصول على تمديد قاطع مع إبقاء الإغلاق، أم إعادة فتح الحكومة الآن مع وعد بتصويت مستقبلي قد لا يتحقق.
الخلاصة
الإغلاق المستمر أصبح الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، وآثاره لا تقتصر على الموظفين الاتحاديين فحسب، بل تمتد لتؤثر على حركة الطيران، المساعدات الغذائية، الاستقرار الاقتصادي المحلي، وثقة المواطنين بالمؤسسات. الحلّ السياسي لا يزال مرهوناً بتنازلات صعبة من الطرفين وإمكان التوصل إلى اتفاق مؤقت أو دائم لتجنّب تفاقم الأضرار.