أقدم مجلس الشيوخ الأمريكي خطوة أولى نحو إنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد بعد اتفاق المشرعين على المضي قدماً في حزمة تمويل مؤقتة تبقي عمل الحكومة مستمراً حتى 30 يناير. جاء ذلك بعد مفاوضات نهاية الأسبوع بين الجمهوريين والديمقراطيين في محاولة لوضع حد لإغلاق دخل يومه الحادي والأربعون.
الآثار المباشرة
الإغلاق فاق رقم 35 يوماً المسجل عام 2018، وأدى إلى إرباك حركة الطيران على مستوى البلاد، وحرمان ملايين الأمريكيين من مساعدات الغذاء، وإيقاف أو إجبار أكثر من 1.3 مليون موظف فيدرالي على الإجازات غير مدفوعة الأجر أو العمل بدون مقابل.
ما الذي صوّت عليه مجلس الشيوخ بالضبط؟
صوت المجلس الأحد على إجراء برلماني (تصويت لإغلاق النقاش أو ما يعرف بالـcloture) بنتيجة 60-40، وهو تصويت لا يحسم نص القانون نفسه بل يفتح الباب لمناقشة التشريع والانتقال إلى مراحل إجرائية لاحقة تسمح بإدخال بنود والتصويت عليها. وفق مراسل الجزيرة في واشنطن، مايك حنا، يتيح هذا الإجراء استكمال النقاش حول المشروع وبدء تمريره تدريجياً حتى التصويت النهائي.
المسار التشريعي لاحقاً
إذا أقرّ مجلس الشيوخ المشروع في النهاية، يجب أن يوافق عليه مجلس النواب ثم يرسله إلى الرئيس للتوقيع كي يصبح قانوناً. في مجلس الشيوخ يتمتع الجمهوريون بـ53 مقعداً والديمقراطيون بـ47، لكن الجمهوريين لا يملكون عتبة الـ60 صوتاً وحدهم، لذلك انضم ثمانية أعضاء من الكتلة الديمقراطية إلى التصويت لتحريك مقترح الجمهوريين. وفي مجلس النواب هناك 220 مقعداً للجمهوريين مقابل 212 للديمقراطيين.
مضمون حزمة التمويل ولماذا يهم ذلك
تقترح الحزمة تمويلاً سنوياً لأجزاء محددة من الحكومة، منها برامج المساعدات الغذائية والفرع التشريعي. الحزمة لا تمدد إعانات التأمين الصحي بموجب قانون الرعاية الميسّرة (ACA)، وهو مطلب رئيسي للديمقراطيين لتمرير أي مشروع تمويل. مع ذلك، توصل وسطيو الديمقراطيين والجمهوريون إلى اتفاق لإجراء تصويت في ديسمبر على تمديد الاعتمادات الضريبية للرعاية الصحية المقرر انتهاؤها هذا العام، وهي إعانات تساعد ذوي الدخل المنخفض على دفع أقساط التأمين الخاص.
وعدت إدارة ترامب—وفق تقارير بوليتيكو—الاستمرار في إعادة توظيف الموظفين الفصليين الذين تضرروا من الإغلاق وتمديد الاعتمادات الضريبية المنتهية. حتى الآن لم يُنشر نص رسمي للمشروع.
مواقف القيادات
شكر زعيم الأغلبية في السنات، جون ثيون، الأسلوب الحزبي المشترك للتعامل مع الأزمة، بينما عبّر تشاك شومر، زعيم الديمقراطيين في المجلس، عن قلقه قائلاً إن المشروع لا يضمن معالجة أزمة الرعاية الصحية. ترامب اقترح أيضاً تحويل إعانات الـACA مباشرة إلى حسابات المواطنين البنكية، في محاولة للضغط على الديمقراطيين، وادّعى أن ذلك سيمنح الناس قدرة على شراء تغطية أفضل وترك فائض نقدي لديهم.
كما تتضمن أجندته التشريعية السابقة تخفيضات كبيرة في تمويل برنامج Medicaid بلغت نحو 930 مليار دولار على مدار العقد المقبل كجزء من ما يسمى “مشروع القانون الكبير الجميل”، وهو البرنامج الأساسي لرعاية ذوي الدخل المنخفض.
من صوّت من الديمقراطيين؟
تقدم التصويت بنتيجة 60-40؛ ثمانية أعضاء من الكتلة الديمقراطية في مجلس الشيوخ صوتوا للمضيّ بالمشروع، بينما عارضه سيناتور جمهوري واحد، راند بول من كنتاكي. من بين الديمقراطيين المؤيدين: ديك دوربن (إلينوي)، جين شاهين وماجي هاسن (نيوهامبشير)، جون فيتيرمان (بنسلفانيا)، كاثرين كورتيز ماستو وجاكي روزن (نيفادا)، وتيم كاين (فيرجينيا). كما صوت المستقل أنغس كينغ من مين بجانب الديمقراطيين لصالح التقدم بالإجراء.
هل واجه المشروع معارضة بين الديمقراطيين الآخرين؟
نعم. شومر قال قبل التصويت إنه لا يستطيع دعم النص “بحسن نية” وانتقد الحزب لضرورة رفع صوتهم بشأن الأزمة الصحية. السيناتور بيرني ساندرز وصف التراجع عن المواجهة بأنه “خطأ فادح”. عضو مجلس الشيوخ كريس ميرفي بيّن أن نتائج انتخابات محلية وإقليمية أخيراً عكست توقع الناخبين أن يدافع الديمقراطيون عن مكتسبات الرعاية الصحية. ومنذ بدء الإغلاق، امتنع نواب ديمقراطيون 14 مرة عن إعادة فتح الحكومة ما لم تُمدّد إعانات الـACA.
الخسائر الاقتصادية وتأثيرها على الناس
أظهر مكتب الميزانية في الكونغرس أن نحو 750 ألف موظف فيدرالي وُضعوا في إجازات قسرية (فصلياً) أو أُوقفوا، ما يعني خسارة يومية في الأجور تقدر بنحو 400 مليون دولار؛ وبناءً على ذلك فقد تسبّب الإغلاق بخسارة رواتب تقارب 16 مليار دولار خلال 40 يوماً. قدر سكوت لوكاس، أستاذ السياسة الأمريكية والدولية في معهد كلينتون بجامعة كلية دبلن، أن الخسارة للاقتصاد الأمريكي تتراوح بين 7 و14 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي لهذا الربع.
لو أقرّ المشروع وأصبح قانوناً، فسيعيد الموظفين المفصولين مؤقتاً إلى عملهم، ويعوّض الولايات التي أنفقت أموالاً على برامج فيدرالية خلال الإغلاق، ويمنع تسريحات إضافية حتى يناير ويضمن صرف الأجور عند نهاية الإغلاق. كما أشار لوكاس إلى أن ملايين الأمريكيين سيدفعون حالياً أقساطاً تفوق ضعف ما كانوا يدفعونه لأن الاعتمادات الضريبية مهددة بالزوال، وأن نتيجة تصويت ديسمبر لا تضمن بالضرورة استمرار تلك الاعتمادات. كما فقد نحو 42 مليون مستفيد امتيازات برنامج المساعدات الغذائية التكاملية (SNAP)، وأمرت الإدارة الفيدرالية بعض الولايات التي دّفعت هذه المساعدات بإعادة الأموال.
ما الذي سيحصل لاحقاً؟
بعد تمرير تصويت الإغلاق (cloture)، تصير كل التصويتات اللاحقة على النص بحاجة إلى أغلبية بسيطة في مجلس الشيوخ، مما يسهل مرور المشروع هناك. بعد ذلك يجب أن يقرّه مجلس النواب بنفس الصيغة ويوقّعه الرئيس، وقد تستغرق هذه الخطوات عدة أيام قبل أن يدخل أي نص حيز التنفيذ.