في السنوات الأخيرة بدا أن المتاحف ترغب في إعادة النظر في ماضيها: إعادة القطع المنهوبة، والاعتراف بالسكان الأصليين للأراضي التي تقع عليها، واتخاذ خطوات لتعميق مجموعاتها بفنون النساء والفنانين الملونين.
لكن مجموعة من الفنانين وعمال المزارع، مقرها مزرعة في الكونغو، تطالب بالمزيد، مشيرة إلى أن هذه الجهود «لم تُحدِث تأثيراً يذكر في المجتمعات التي مول عملها الكثير من هذه المؤسسات». وتسمى المجموعة رابطة عمال مزارع الكونغو للفن (Cercle d’Art des Travailleurs de Plantation Congolaise ــ CATPC)، وتؤكد أن العديد من المتاحف العالمية الشهيرة بُنيت على عوائد اُنتُزعت من المزارع ومن العمال المستغلين الذين شغلوها، فكانت استثماراتها في هذه المؤسسات استثمارات قسرية.
تذكر الرابطة متاحف مثل تايت بريطانيا في لندن، ومتحف لودفيغ في كولونيا، وستيديليك في أمستردام، وفان أبّيه في أيندهوفن، موضحة أن تأسيس هذه المؤسسات اعتمد على عائدات المزارع، وأن هذا الاعتماد لا يزال قائماً. فبيتر لودفيغ، صاحب متحف كولونيا، كان مالكاً لمصنع شوكولاتة ألماني تعتمد مادته الخام على الكاكاو المزروع في أفريقيا، بينما كان هنري تايت تاجراً في السكر.
أُعلن عن مجموعة أدوات العمل هذه بعد معرض لـCATPC بعنوان «وجهان لعملة واحدة» في متحف فان أبّيه، حيث كانت تمويلات المعرض تعود إلى مزارع التبغ في إندونيسيا (كما حدث مع المتحف الستيديليك، بحسب المجموعة). وقد اعتُبر المعرض أول عرض منفرد لمجتمع عمال مزارع في متحف معاصر أوروبي.
طوّرت CATPC هذه مجموعة الأدوات بالتعاون مع مؤسسة Human Activities التي أسسها الفنان الهولندي رينزو مارتنز عام 2012، الذي تعاون مع الرابطة منذ تأسيسها. عنوان الأدلة هو «سبع خطوات بسيطة للمتاحف لتحرير المزارع التي مولت نشأتها»، وهي متاحة على الإنترنت مجاناً. وتحُثّ هذه الأدلة مديري المتاحف على الكشف عن ديونهم تجاه المزارع والإعلان عنها، والتواصل مع عمال المزارع لتوعيتهم بالمؤسسات الفنية والاستماع إليهم عن أوضاع مجتمعات المزارع، وتصميم برامج تمكّن هذه المجتمعات من انتزاع فوائد ملموسة. تدعو الأدلة المتاحف إلى الانتقال من الإيماءات الرمزية نحو تحرر مادي وثقافي وبيئي، ومن ثم تطبيق مارسات عملية تخدم ذلك.
قدّمت فنانات وفنانو CATPC ــ من بينهم مبوكو كيمبالا وسيدارت تاماسالا وماثيو كاسياما ــ هذه المجموعة في مؤتمر عُقِد في متحف العالم (Wereldmuseum) في أمستردام، تزامناً مع نقاشات عن الاسترداد، وبالتنسيق مع صندوق موندريان، الجهة العامة للفنون البصرية والتراث الثقافي في هولندا والكاريبي.
تأسست CATPC عام 2014 على يد عمال مزارع في لوسنغا في جمهورية الكونغو الديمقراطية. تنتج المجموعة فناً يهدف إلى توعية الجمهور بظروف عمال المزارع، وتسعى لاستعادة الأراضي المُنهَكة بفعل الزراعة المكثفة، وإعادة الأمن الغذائي، وتعزيز التنوع البيولوجي، والمساهمة في التخفيف من آثار تغير المناخ. كما أنشأوا متحفاً للفن المعاصر باسم «الوايت كيوب» صممه المعماري ديفيد جيانوتن، الشريك الإداري في مكتب OMA المعماري لرِم كولهاس. مثلت الرابطة مع مارتنز هولندا في بينالي البندقية 2024، وظهرت أعمالهم في معرض الآرموري بشيكاغو عام 2017 وتزامنت مع عرض ناجح في SculptureCenter في كوينز بنيويورك.
يصنع أعضاء الرابطة تماثيل من الشوكولاتة؛ والكثير منهم يعمل في مزارع مملوكة لشركة متعددة الجنسيات مثل يونيليفر حيث تُزرع الكاكاو. كما كتبت زوي سامانوزي في Art in America عام 2020 أن تماثيلهم «مصنوعة من مادة متاحة في البيئة ومحملة برمزية قوية»، وأن «شبح التاريخ العنيف لنبتة الكاكاو غير الأصلية يطارد المنطقة ويطارد كذلك استعمال الشوكولاتة في أعمال CATPC».