الرئيس يتعهد بالمحاسبة بعد فتح مكتب مكافحة الفساد تحقيقاً في شبكة رشوى مزعومة مرتبطة بـ«إنيرغواتوم»
أطلقت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في اوكرانيا (NABU) تحقيقاً في اتهامات تتعلق بشبكة عمولات بقيمة تقارب 100 مليون دولار مرتبطة بشركة «إنيرغواتوم» الحكومية لتوليد الكهرباء، التي تزود أكثر من نصف احتياج البلاد من الطاقة.
أوضحت الهيئة المستقلة، في بيان نُشر على منصات التواصل، أن التحقيق يستهدف «تنظيماً إجرامياً رفيع المستوى» يُعتقد أنه دبر عملية تحويل الأموال، بقيادة رجل أعمال وبمشاركة مستشار سابق لوزير الطاقة، ورئيس الأمن في إنيرغواتوم، وأربعة موظفين آخرين. وأضافت أن العملية شَهِدت تحويل أموال عبر ما وصفته بـ«غسالة مالية» بلغت نحو مائة مليون دولار، من دون الإفصاح عن أسماء المشتبه بهم.
وذكر كبير محققي NABU، أوليكسندر أباكوموف، أن مستشار الوزير ومدير الأمن سيطرا عملياً على مشتريات الشركة، فأنشآ ظروفاً تُجبر المقاولين على دفع منفعة غير قانونية لتأمين العقود أو لتفادي تأخيرات في السداد. كما أشار إلى أن المجموعة ناقشت رفع نسبة العمولة أثناء أعمال تنفيذ منشآت حماية في محطة خملنيتسكي النووية في أكتوبر الماضي.
وأفادت التحقيقات أن المقاولين اضطروا لدفع رشاوى تتراوح بين 10 و15 في المئة، وأن مؤسسة استراتيجية تحقق عائداً سنوياً يفوق 200 مليار هريفنيا (نحو 4.7 مليار دولار) كانت تُدار فعلياً من قبل أشخاص بلا صفة رسمية.
زيلينسكي يدعو لأحكام جنائية
وجه الرئيس فولوديمير زيلينسكي نداءً بالتعاون الكامل مع التحقيق، ودعا إلى «رد قانوني واضح» ضد كل من يثبت تورطه في قضايا الفساد. وقال إن المطلوب ليس مجرد مساءلة إدارية بل إصدار أحكام جنائية بحق المتورطين.
تصاعد الاهتمام السياسي جاء بعد أسابيع قليلة من تراجع الرئيس عن محاولات للحد من استقلالية الهيئات المضادة للفساد عقب احتجاجات شعبية، في وقت تعدّ مكافحة الفساد أحد شروط التقدّم بطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي—هدف تعتبره كييف محورياً لإعادة بناء المستقبل ما بعد الحرب.
«إنيرغواتوم» أعلنت تعاونها مع المحققين، فيما قالت نائبة وزير الطاقة سفيتلانا جرينتشوك إنها لم تطلع بعد على تفاصيل القضية لكنها تعد «عملية تحقيق شفافة» وضرورة محاسبة المسؤولين حال ثبوت تورطهم، معربة عن أملها أن يطمئن ذلك الشركاء الدوليين.
تأثير الحرب والبُنى التحتية للطاقة
تعرضت بنية الطاقة الأوكرانية لدمار واسع نتيجة الضربات الجوية الروسية هذا الخريف، مما ترك أجزاء كبيرة من البلاد بلا كهرباء. ورغم أن الصواريخ لم تستهدف المفاعلات النووية مباشرة، إلا أن محطات التحويل المرتبطة بها تعرّضت لهجمات متكررة، بحسب السلطات الأوكرانية.
أظهر مكتب NABU صوراً لأكياس مملوءة بأوراق نقدية من الهريفنيا والدولار واليورو، من دون الكشف عن مالكي المبالغ المصادرة. كما نفذت الهيئة 70 عملية تفتيش، واستعرضت أكثر من ألف ساعة من التسجيلات الصوتية، واستُخدم كامل طاقم التحري خلال 15 شهراً في متابعة الملف.
ردود فعل برلمانية وخاتمة
أعلن النائب المعارض ياروسلاف زهيليزنياك—الذي يدعم إصلاحات لمكافحة الفساد—أنه سيقدّم طلباً برلمانياً لعزل جرينتشوك وسلفها جيرمان غالوششنكو، الذي يشغل حالياً منصب وزير العدل؛ ولم يصدر تعليق من الأخير حتى الآن.
في ظل استمرار الحرب ومواجهة ملفات الفساد، تبقى قدرة كييف على إقناع شركائها الدوليّين بإمكانات الإصلاح مطلباً جوهرياً لا يقل أهمية عن الجبهات العسكرية في تشكيل مستقبل البلاد.