مجلة جوكستبوز دانيل دوف — «الموسم الجاف» معرض فيليب مارتن، لوس أنجلوس

يسر معرض فيليب مارتن أن يقدم عرضه الجديد “الجفاف”، وهو مجموعة من اللوحات الزيتيّة على القماش للفنان المقيم في لوس أنجلوس دانيال دوف. تتناول أعمال دوف الحياة الأمريكية المعاصرة بعين الواقعية التصويرية، ذلك المسار الذي بلوره غوستاف كوربيه والذي يركّز على تجسيد الحياة العادية والبشر بدقّة وملاحظة صارمة.

تجمع لوحات دوف بين مفارقات سريالية تميّز عصرنا: هي في آن واحد مفعمة بمادية اللوحة الزيتيّة — وسط تقليدي يتكوّن من أصباغ ومذيبات وقماش وفرش، تحكمه اللمسة والإيماءة — ومتفحّصة لطرق تَشَكّل الصورة اليوم، حيث تصير الخبرات لدى كثيرين منا مجرّد كيانات منفصلة عن الجسد. ان معظمنا، متلقيون للمنشورات والتنبيهات، نعيش تجربة طافية كما في لوحات إسشر، أجزاء كبيرة من وعيّنا مؤطرة داخل مجتمعات إلكترونية مجمّعة، منتديات، ألعاب فيديو، خلاصة أخبار وإنستغرام. وبينما نراقب تطوّر منصّات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وMidjourney، يتنامى شعور بأن تجارب افتراضية واسعة النطاق قادرة على صياغة واقعنا اليومي غير الافتراضي.

في مجموعته الجديدة يستعين دانيال دوف بنماذج رقمية وملموسة على حد سواء لبناء سلسلة من المناظر الأرضية التي تحتضن منشآت ارتجالية. ممارسته في بناء العوالم المصورة تتقاطع مع تلك الصورة القديمة التي أعاد إضاءتها معرض “أرنولد بوكْلين، جورجيو دي كيريكو، ماكس إرنست: رحلة إلى المجهول” الذي نظّمه كونستهاوس زيورخ عام 1997. المعرض تتبّع استعادة أعمال الفنان الرومانطيقي السويسري في عشرينيات القرن العشرين من قِبل دي كيريكو وإرنست، وهما حالتا دراسة لتيّار سريالي نشط في باريس بعد رُعب الحرب العالمية الأولى وفي سياق تصاعد التحولات المؤدية إلى الحرب الثانية؛ حيث وجد هذان الفنانان في رؤية بُكلين صفاءً زمنياً يوفّر مفتاحاً للتعامل مع بيئة العاصمة الفرنسية الحضرية المستهلكة إعلامياً وصناعياً.

يقرأ  عُثر على شاهد قبر روماني قديم في فناء منزلٍ بنيو أورلينز

تنبع نقطة انطلاق أخرى لصور دوف من “تماثيل الخردة” المنتشرة في صحارى جنوب كاليفورنيا؛ أعمال ارتجالية قد تبدو غريبة لكنها تتجاوب مع تقليد إنساني أقدم: جمع المواد وصياغتها لإنتاج أشكال جديدة وأفكار متمايزة. يلاحظ دوف كيف أنّ الانتقال شرقاً من لوس أنجلوس صوب مجتمعات صحراوية مثل سلاب سيتي يكشف عن فن رؤيوي يحيي المواد “الميتة” — بقايا هياكل صُمِّمت أصلاً للمنفعة أو اللعب — ليصنع نسخاً مختلقة من حيوانات متحوّرة وخيالية، كما لو أن الطبيعة 2.0 قد انتُشلت من ركام الرأسمالية المتأخرة لإعادة توطين أرضٍ نقية مهجورة.

حسّه التصويري غنيّ بالتفاصيل، فرشاة جميلة ولون ديناميكي، كأن المرء يقود سيارته أو يتعثّر داخل لوحة لإيف تانغي. لوحات دوف المبنية تثير الفضول حول العالم الذي نعيش فيه وتفتح نافذة للتأمل في مسارات وصولنا إلى هنا، وما الذي ينتظرنا كنوع بشري.

أضف تعليق