«فوضى عارمة»: شهود يروون مشاهد الفوضى بعد تفجير انتحاري في إسلام أباد أخبار الجماعات المسلحة

إسلام آباد، باكستان — نحو الساعة 12:30 ظهر يوم الثلاثاء (07:30 بتوقيت غرينتش)، كان خالد خان، محامٍ يبلغ من العمر 25 عاماً، ينتظر غدائه مع صديقه فؤاد خان في مقصف مجمع المحاكم الجزئية بالعاصمة.

فجأة هزّ صوت انفجار مدوٍّ المقصف وأرجاء المجمع القضائي بأكمله.

بعد ساعتين، قال خالد للجزيرة خارج المجمع: «خطر ببالي أولاً أن السقف سينهار فوقي».

تبين أن المجمع تعرّض لهجوم انتحاري أودى، وفق أرقام رسمية، بحياة ما لا يقل عن 12 شخصاً وأصاب أكثر من 30 آخرين، بينها حالات حرجة، عندما فجر المنفّذ نفسه عند مدخل المجمع القضائي.

حمّل رئيس الوزراء شهباز شريف مسؤولية الهجوم إلى «أذرع مدعومة من الهند» تعمل من أفغانستان.

وردّت الهند، التي شهدت مساء الاثنين انفجار سيارة أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 13 شخصاً، برفض قاطع لتلك الاتّهامات، واصفة ما يردّ بها من اتهامات بأنه «لا أساس له» ومنبثق عن قيادة باكستان التي وصفتها بعيدة عن الواقع.

وفي بيان مساء الثلاثاء، قال راندهير جيسوال، المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية، إن إسلام آباد تسعى لصرف أنظار جمهورها عن «الانقلاب الدستوري المدفوع عسكرياً ومحاولات الاستحواذ على السلطة» التي تُناقَش في البرلمان، في إشارة إلى التعديل الدستوري السابع والعشرين قيد النقاش.

وأضاف جيسوال أن المجتمع الدولي «على دراية بالواقع ولن يسمح لأن تكتيكات التشتيت اليائسة التي تمارسها باكستان أن تضلله».

وقد أثار التعديل الدستوري انتقادات واسعة من الناشطين وقضاة جالسين وأحزاب المعارضة، لأنه يمنح حصانة مدى الحياة لكبار الضباط العسكريين، ويُنشئ محكمة دستورية اتحادية موازية يخشى كثيرون أن تقوّض مكانة المحكمة العليا.

لكن يوم الثلاثاء تغيّرت الصورة العملية؛ فقد هزّ انفجار مجمع المحاكم الجزئية في إسلام آباد، وترددت أصداءه في سائر أنحاء جنوب آسيا.

يقرأ  كيفية تحقيق الانسجام بين فرق التسويق والمبيعات في سوق الأعمال بين الشركات

سمع سكان المناطق السكنية والمكاتب المجاورة دوي الانفجار، وسرعان ما انتشرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر ألسنة لهب ودخاناً كثيفاً يتصاعدان من مركبة محترقة قرب حاجز أمني عند مدخل المجمع.

في لقطات أخرى، هرع محامون لمساعدة المصابين الذين سقطوا على الطريق في الوقت الذي أحاط فيه رجال الأمن بالمكان.

قال شهود إن نحو ألفي شخص كانوا داخل المجمع وقت وقوع الانفجار، من قضاة ومحامين ومدَّعين وموظفي محاكم.

ووصفوا قوة الانفجار بأنها كانت كافية لتحطيم نوافذ عدة قاعات، وأن أجزاءاً من الجثث تناثرت في الموقع، من بينها رأس الانتحاري.

مع وجود بوابات دخول وخروج منفصلة، وإغلاق البوابة الرئيسية فور الانفجار، وجهت الشرطة الحضور للبقاء داخل المبنى مبدئياً قبل السماح لهم بالمغادرة بعد نحو 25 دقيقة.

كان من بينهم محمد شهزاد بت، محامٍ يبلغ من العمر 52 عاماً، الذي روى أنه كان متوجهاً إلى المقصف حين وقع الانفجار.

«عمّت الفوضى، وفي حالة الذعر حاول معظم الناس الخروج من المجمع ما أحدث زحاماً شديداً عند البوابة، فيما عاد آخرون محاولين الدخول مجدداً»، هكذا قال بت للجزيرة خارج المجمع.

بعد الحادثة، طوّقَت السلطات المكان ووضعَت حواجز تمنع الإعلام من الاقتراب إلى موقع تفجير الانتحاري.

تجمّع عدد كبير من الصحفيين خارج المجمع آملين الحصول على مشاهد، لكن المسؤولين رفضوا في البداية منحهم حق الوصول.

بحلول ذلك الوقت، كان معظم المتقاضين قد غادروا، بينما جلس بعض المحامين بالقرب والتقوا بالمراسلين وصنّاع المحتوى على يوتيوب لتسجيل رواياتهم.

ذكر بت أن إجراءات التفتيش لدى وصوله صباحاً بدت اعتيادية لكن دقيقة، وأن زملاءه أخبروه بوجود مستوى إضافي من الفحص ذلك اليوم.

وأكّد خالد، المحامي القادم من كويتا والذي يعمل في إسلام آباد منذ خمس سنوات، هذا الوصف: «هذا الصباح، عندما وصلنا أنا وفؤاد إلى مقر المحكمة، اضطررنا للانتظار فترة أطول قليلاً لوجود فحص إضافي على البوابة. لم نكن نقلق، فقط ظننا ربما يزور المحكمة شخص مهم أو وفد ما».

يقرأ  إعصار «كالمايجي» يضرب فيتنام بعد أن أودى بحياة ما لا يقل عن ١١٤ شخصًا في الفلبين

ورغم سقوط نحو اثني عشر قتيلاً من بينهم محامٍ واحد، قال كل من خالد وفؤاد، القادم أصلاً من سوات، إنهما لا يشعران بالخوف من العودة إلى العمل في اليوم التالي.

قال خالد: «لقد رأينا من العنف ما يكفينا. هذه الأمور لا ترعبنا».

المشهد أمام مقر المحكمة ظل مشدوداً؛ الصحفيون يلتقطون الصور، والمحامون يحدّثون وسائل الإعلام، والسلطات تؤمّن المشهد بينما تبدأ التحقيقات في الكشف عن ملابسات الهجوم.

أضف تعليق