إيليمان ندياي: من ملاعب الهواة إلى أضواء الدوري الإنجليزي
«أسلوبي في اللعب ينهض الجماهير عن مقاعدهم» — هكذا يصف إيليمان ندياي نفسه، والجماهير في ملعب إيفيرتون لم يوفّروا له الوقوف حين سجل هدفًا مبكرًا حُسب من أهل الذوق مرشحًا لجائزة هدف الموسم أمام سندرلاند هذا الشهر. انطلق من الجهة اليمنى، تخطى دفاع الخصم بسرعة ومهارة لافتين، ثم أتمّ الهجمة بقدمه الضعيفة مختمًا عرضًا يدلّ على صفات لاعب شاب لا يخشى المجازفة.
الموهبة السنغالية لم تُمنح له هدية؛ إذ اضطر لشدّ الرحال والدخول مع الفرق الصغيرة حتى يثبت نفسه قبل أن يحصل على مكان في تشكيلة أساسية للدوري الممتاز. ويقول لبي بي سي نيوزبيت إن رايزنغ بولرز، العلامة الإعلامية التي تبرز المواهب غير الموقعة عبر مبادرات قاعدية، لعبت دورًا محوريًا في منحه منصة لعرض إمكاناته. «الأشياء التي كنت أقوم بها هناك لم أكن أقوم بها في أندية أخرى. ساعدتني أن أحافظ على لياقتي وأن أستمتع بكرة القدم، خاصة عندما لا يكون لديك نادٍ»، كما يروي.
مسيرة لم تخلُ من الرفض
لم تكن طريقه مفروشة بالورود؛ فقد رفضته أندية عدة على مدار السنوات، من بينها تشيلسي وتوتنهام. اقترب من فرصة حقيقية أثناء وجوده في فريق تطوير ساوثهامبتون وحظي بتجربة لمدة ستة أسابيع هناك، لكنه لم ينجح في حفر اسمه داخل صفوفهم. استمرت سلسلة الإحباطات حتى انضمّ في 2017 إلى بورهام وود، وهو نادٍ يلعب في الدرجة الخامسة في إنجلترا. بعد ذلك خاض تجربة مع شيفيلد يونايتد، ووقّع معهم موسمًا لاحقًا حين بلغ 19 عامًا، لكنه اضطر للعمل على الحفاظ على لياقته قبل الانطلاق رسميًا — وهنا دخلت رايزنغ بولرز المشهد.
يستذكر ندياي موقفًا يقول فيه إنه كان يلعب كرة خماسية ليحافظ على لياقته، فاقترح عليه أحد اللاعبين أن يلعب مع فرق البروز، لكن في البداية رفضوه لأنهم «لم يعرفوه». ثم أُتيح له خوض مباراة وهناك أُدركت مهارته.
«إذا لم تكن تملك حقًا مسار أكاديمي فهذا لا يعني أنك لن تصل»
تُظهر الأرقام حقيقة صارمة: من بين 1.5 مليون فتى يمارسون كرة القدم المنظمة في إنجلترا، لن يلعب سوى 180 منهم في الدوري الممتاز يومًا ما. ومع ذلك فإن ندياي لم يسمح للاحتمالات أن تحطمه. يقول إن فريقًا أخبر والده أنه لن يُصبح لاعبًا محترفًا — لكن إيمانه بقدراته لم يتزعزع. «تدربت طوال حياتي لأكون لاعب كرة، وآمنت بقدرتي. كل ما تفعله في التدريبات سيؤتي ثماره في يوم من الأيام. لا تركز على الرفض، وسيأتي يوم حظك».
تقول رايزنغ بولرز إن أكثر من 15 لاعبًا عرضتهم المنصة انتقلوا لاحقًا إلى أندية محترفة، من بينهم جيروم ريتشاردز الذي يلعب مع ديربي كاونتي ومحمد كيتا مع وايكومب واندررز. تستفيد العلامة من قوة وسائل التواصل الاجتماعي عبر إبراز اللاعبين لملايين المتابعين على إنستغرام ويوتيوب وتيك توك، وتزيد مدى رؤيتها بالتعاون مع علامات تجارية وتنظيم فعاليات عرض.
قدوة للأمل
يوجد اليوم لاعبان شابان، كيفار مارش-ماكنزي (18 عامًا) وجورج إدواردز (20 عامًا)، يحاولان السير على خطى ندياي. رُفض كيفار بعد تجربة استمرت ثلاثة أسابيع مع كوفنتري عندما كان في السادسة عشرة، بينما تنقّل جورج بين أكاديميات عدة قبل أن يتوقف نموه في عمر 13–14 عامًا. شاركا في مباريات عرضية نظّمها رايزنغ بولرز أمام كشّافة الأندية، ويريان في ندياي مثالًا حيًا على إمكانية النجاح رغم العوائق.
يقول كيفار إن الجميع حوله يعتبر ندياي «قدوة» لأنّه «هو الذي وصل»، بينما يصرح جورج: «كانوا يقولون لي في كل مكان إنني صغير الحجم. أريد أن أستمر وأثبت خطأهم. ربما ينظر الناس إلىّ وإلى كيفار وكأن فرصتنا معدومة، لكن إيليمان يلهمنا؛ وقع عقدًا احترافيًا وهو في التاسعة عشرة. انظروا إليه الآن».
الأكاديميات لا تزال الطريق الأكثر ترجيحًا للمهنة الاحترافية
تبقى الأكاديميات أكثر المسارات احتمالًا لدخول الاحتراف. وفقًا لتقرير خطة الأداء المتميّز في الدوري الممتاز (EPPP)، أكثر من 11% من خريجي الأكاديميات العليا يلعبون على الأقل 20 مباراة في الدوري الاحترافي. والجمعية الإنجليزية لكرة القدم تفيد بزيادة عدد اللاعبين المحليين المنحدرين من أكاديمياتٍ يلعبون الآن في فرقها بالدوري التشامبيونشيب والدوري الأول والثاني.
يعتقد ندياي أن رحلته قد تكون مصدر إلهام لمن لا ينتمون إلى أكاديميات. «الوجود في الأكاديمية ليس سهلاً، لكنه يبقى أسهل من عدم وجوده لأنهم يملكون المسار. لذلك عليك أن تبقى مركزًا، تتدرّب كما يتدرّبون هم، تبقى دائمًا يقظًا وتغتنم فرصتك حين تأتي».
السر في البالِر، بنظره، مهارة بسيطة لكنها بالغة الأثر
يقول إن فقدان الأمل لم يكن خيارًا لديه بعد كل الرفض، وأنّ جوّ العروض ووجود من يشجعه أبقى رأيه ثابتًا: «عندما يكون لديك ذلك الجو، فهذا ما يدفعك للاستمرار». ويترك للآخرين قرار تقييم ما إذا كان الأفضل بين لاعبي البريميير ليغ، لكنه لا يتردد في وضع نفسه ضمن المرشحين. «لو لم أسجل بعد مراوغتي ضد سندرلاند، لقال البعض إنهم أعجبوا بالمهارة لكنّي لم أكملها. أنا لا أكتفي بالمراوغة فقط، بل أسعى للتهديف وصناعة الأهداف. لاعبو البريميير ليغ لن يتركوك تمرّ بسهولة، عليك أن تعمل لأجل ذلك».
وعن معنى كلمة «بالِر» بالنسبة إليه يختصر الأمر: «المهارة. ليس من الضروري أن تكون لمسة بهلوانية؛ الطريقة التي تتخطى بها ثلاثة أو أربعة لاعبين في البريميير — هذه هي المهارة بالنسبة لي».