مجلس النواب يصوّت على مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي بالولايات المتحدة — لماذا يرفضه الديمقراطيون؟

النزاع انتقل إلى مجلس النواب

بعد يوم واحد من إقرار مجلس الشيوخ لتمرير تمويل مؤقت أنهى أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، أصبح الصراع الآن منوطاً بمجلس النواب حيث تشجع القيادة الديمقراطية أعضاء الحزب على التصويت ضد مشروع القانون. المشروع الذي قدّمه الجمهوريون نال تصويته في مجلس الشيوخ بمساندة ثمانية أعضاء من الكتلة الديمقراطية انشقّوا عن صفوف الحزب. الحزمة المؤقتة، التي تبقي أبواب الحكومة مفتوحة حتى 30 يناير، لم تتضمّن تمويلاً لدعم التأمين الصحي — النقطة الجوهرية في المأزق السياسي الذي يحكم المشهد منذ الأول من أكتوبر.

موقف الديموقراطيين ومقترح التعديل

قادة الحزب الديمقراطي، وعلى رأسهم زعيم الأقلية حكيم جيفريز، طرحوا تعديلًا يمدّد الدعم الضريبي المرتبط بقانون الرعاية الميسرة (Affordable Care Act أو ACA) لمدة ثلاث سنوات، وهو برنامج يستفيد منه حوالى 24 مليون أمريكي. قال جيفريز في بيان إن الديمقراطيين «لن يناصروا مشروع قانون إنفاق حزبيًّا يواصل تقليص الخدمات الصحية للشعب الأميركي»، وحمّل المسؤولية في حال تأخر الحل للرئيس والرٶساء الجمهوريين في الكونغرس.

خريطة تاريخية مختصرة

أُقرّ قانون الرعاية الميسرة عام 2010 (المعروف شعبياً بـ«أوباما كير») ووفّر سوقًا منظمًا للتأمين الصحي لمن لا يمتلكون تغطية. في 2021 وسّع الرئيس جو بايدن الاعتمادات الضريبية بموجب قانون «خطة الإنقاذ الأميركية» لمواجهة تداعيات جائحة كوفيد-19، ثم جرى تمديد هذه الاعتمادات في 2022 بموجب قانون خفض التضخم. الدعم المالي الحالي سينتهي بنهاية العام ما لم يوافق الجمهوريون على مطلبات الديمقراطيين.

تصويت لجنة القواعد ورد فعل البيت الأبيض

صباح الأربعاء، رفضت لجنة القواعد ذات الأغلبية الجمهورية إدراج تعديل يمدّد الاعتمادات المعززة لثلاث سنوات. الرئيس السابق دونالد ترامب لم يدل بعلامات استعداد للتنازل؛ واقترح أخيرًا تحويل مدفوعات الدعم مباشرة إلى حسابات المواطنين البنكية، وكتب على منصة «تروث سوشال» أن المليارات التي تُدفع لشركات التأمين يجب أن تُرسَل مباشرة إلى الشعب كي يشتري رعايته الصحية بأنفسهم. في يوليو، شارك ترامب والكونغرس في خفض تمويل برنامج ميديكيد بمبلغ يصل إلى 930 مليار دولار خلال العقد المقبل كجزء مما وُصف بـ«القانون الكبير والجميل».

يقرأ  نتنياهو يتهم مصر بسجن سكان غزة، ومصر تتعهد بمنع تهجير الفلسطينيين

تأثير انهيار الدعم على الأفراد

تُشير دراسات مؤسسة KFF إلى أن عدم تمديد الاعتمادات قد يضاعف تكاليف مشتركي برامج التأمين المدعومة: من متوسط مدفوعات سنوية يبلغ 888 دولارًا في 2025 إلى 1,904 دولارًا في 2026. على سبيل المثال، قالت كريستين ميهان (51 عامًا) من بنسيلفانيا، والتي تعتمد على سوق التأمين، إن قسطها الشهري الحالي البالغ 160 دولارًا سيرتفع بحوالي 100 دولار في العام المقبل.

خسائر سياسية وتمزقات داخل الحزب الديمقراطي

ثمانية سيناتورات — سبعة ديمقراطيين وعضو مستقل — انشقّوا وصوّتوا لصالح مشروع التمويل الذي استبعد دعم التأمين الصحي. مررّ التعديّل بوجود أصوات ديمقراطية لأن الجمهوريين كانوا أقل سبعة أصوات عن العتبة اللازمة (60 صوتًا). الأسماء التي انضمت للتصويت شملت ديك دوربين، جون فِتِرمان، كاثرين كورتز ماستو، ماغي هاسان، تيم كين، جاكي روزن، جين شاهين، إلى جانب المستقل أنغس كينغ من مين. الجناح التقدمي داخل الحزب طالب زعيم الأغلبية الديمقراطية في الشيوخ، تشاك شومر، بالتنحّي متهمينه بالسماح بتمرير الاتفاق، وطالب عدد من النواب باستبداله. السيناتورة إليزابيث وارين شدّدت على ضرورة أن يترجم الديمقراطيون مطالب الشعب بخفض تكاليف الرعاية الصحية إلى نتائج ملموسة.

تفاصيل صفقة التمويل وما تم الاتفاق عليه

التسوية التي أُقرت تضمنت دفع أجور جميع العاملين الفدراليين الذين عملوا دون أجر خلال فترة الإغلاق. وفقًا لمركز السياسات الحزبية المشتركة، فإن نحو 670,000 موظف فُصِلوا مؤقتًا (furloughed) بينما يقبع حوالي 730,000 آخرون في وظائفهم من دون أجر. كما مدّد القانون تمويل برنامج المساعدة الغذائية التكميلية (SNAP) لما يقرب حتى سبتمبر المقبل، ويشمل ذلك نحو 42 مليون مستفيد. بالنسبة لمراقبي الحركة الجوية (مراقبو الطيران) المصنفين كعمال أساسيين والذين لم يتقاضوا أجورهم، قال وزير النقل شون دافي إن 70% من الأجور المتأخرة ستُدفع خلال 24 إلى 48 ساعة، والنسبة المتبقية ستصل بعد نحو أسبوع.

يقرأ  واشنطن تستهدف زوجة قاضٍ برازيلي بعقوبات وتلوّح بسحب مزيد من التأشيرات أخبار جايير بولسونارو

المشهد في مجلس النواب والخطوة التالية

مع الأغلبية الضئيلة للجمهوريين في مجلس النواب (219 صوتًا مقابل 214 للديمقراطيين)، من المرجح أن يمرّ مشروع القانون في تصويت الأربعاء المطلوب، إذ يكفي غالبية بسيطة تبلغ 218 صوتًا لتمريره. بالرغم من ذلك، يتوقع أن تصوّت أغلبية الديمقراطيين ضده. قبل التصويت دعا رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون الديمقراطيين إلى «التفكير بحرص» واتخاذ القرار «الصحيح»، بينما دعت نائبة زعيم الأقلية الديمقراطية كاثرين كلارك زملاءها إلى التصويت بـ«لا» معتبرة أن ما يحدث خيار سياسي وليس ضرورة.

في حال تبنّي المجلس وإحالة مشروع القانون إلى البيت الأبيض، سيوقّعه الرئيس ليصبح نافذًا ويُنهي رسمياً أطول إغلاق حكومي عرفته الولايات المتحدة.

أضف تعليق