من الصفر إلى التميّز — كيف ارتقينا بالمعايير في مدرسة جديدة للبكالوريا الدولية

نظرة عامة:
معلّمة في برنامج البكالوريا الدولي تروي كيف غيّرت روح التعاون والمرونة واستراتيجيات التدخّل المبتكرة واقع مجموعة طلابية متعددة اللغات والخلفيات إلى مجتمع تعليمِي مزدهر يلتزم بالمساواة والتميّز.

سياق البرنامج:
بدأت رحلتي في 2016 عندما تولّيت منصب معلمة اللغة في المرحلة المتوسّطة ورئاسة قسم اللغة الإنجليزية في مدرسة دولية جديدة في عمّان. كانت فرصة فريدة — قماش أبيض بانتظار أن يُرسم عليه — لكني سرعان ما أدركت أن ثمة جوانب حاسمة لم أنتبه لها أثناء الحماس الأولي. كانت المدرسة للبنات في بيئة يغلب عليها اعتبار الإنجليزية كلغة ثانية، ومع ذلك اتخذت الإدارة قراراً طموحاً بتقديم مساق “اللغة والأدب” ضمن منهج البكالوريا الدولي، وهو قرار بدا في البداية شبه مستحيل، لكنه تحقق عبر العمل الجماعي والتفكير المتأمل.

تحدّي الخلفيات المتنوّعة:
استقبلت المدرسة طالبات قادمات من نظم تعليمية متباينة — بعضها من برامج البكالوريا الدولي وبعضها لا. تفاوت مستويات اللغة كان أكبر من المتوقع؛ دخلت علينا طالبات في الصف الثامن بمستويات إنجليزية متدنية جداً. هذا الاختلاف أجبرنا على إعادة تصور الدعم التعليمي بسرعة وفعالية، فبدلاً من افتراض خط سير واحد للتعلّم اضطررنا إلى تصميم مسارات مخصصة تراعي الفروق الفردية.

التكيّف مع حاجات المتعلّمين:
في البداية ركزنا على مساق “اللغة والأدب” وحده، لكن اتّضح أن الطلاب يحتاجون إلى دعم إضافي موجه بحسب كل سنة دراسية. طرحنا سؤالاً أساسياً: كيف نسد فجوات المعرفة والمهارات دون إرهاق الطلاب أو المعلمين أو تشويه الجدول المدرسي؟ قررنا إدراج حصص تدخل قصيرة مدتها 30 دقيقة، مخصّصة لتنمية مهارات محددة وعلى أساس تشخيصي لكل طالبة.

تنظيم اليوم والجدول:
كان يومنا الدراسي من 8:00 صباحاً حتى 3:00 مساءً، مع فترات استراحة وجلسة صباحية مبكرة. أعدنا تصميم الجدول بحيث يحتضن حصص التدخّل أربعة أيام في الأسبوع، مع جلسات روم الصف (homeroom) للحوار والمتابعة النفسية، وجلسة أسبوعية للرفاهية تتفقّد توازن الطالبة بين الحياة الاجتماعية والدراسة. هذا التبديل لم يغيّر المقررات فحسب، بل أعاد تعريف الجدول كأداة لتنظيم التعلّم والدعم لا مجرد قائمة حصص.

يقرأ  حالات عمليةلاستخدام حلول بلا شيفرة في التعلّم والتطوير

آليات التدخّل والمتابعة:
اعتمدنا على اختبارات تشخيصية لتجميع الطالبات بحسب الحاجة، ثم قدمنا تعليمًا صريحًا قصيرًا يركز على مهارة واحدة في كل دورة. استخدمنا مستندات تتبّع بسيطة (Excel) لرصد تقدم المهارات عبر الزمن، فأصبحت هذه الملفات أداة محورية للمراقبة والتفكير المهني. وزّعنا الطالبات عبر مساحات متاحة — المكتبة، غرف الاجتماعات، فصول متحرّكة — وجمعناهن بحسب مستوى الإتقان بدل الصف الدراسي التقليدي. استدعينا أيضاً دعم قسم الاحتياجات الخاصة للحالات الأكثر تعقيداً، فخفّ ذلك العبء عن قسم اللغة.

التنفيذ والتحدّيات:
لم يكن التطبيق سهلاً: تغيّب طالبات أثناء التشخيص، وواجهنا شكاوى وتنظيم لوجستي يتطلب مزيداً من المدرّسين. مع ذلك، أجرينا تعديلات أسبوعية — قوائم جلسات متبدّلة وتوجيهات لكل طالبة — واستمرت جهودنا. استخدام تدريبات مطبوعة، ومفاتيح إجابة، ومصادر فيديو منزلية (مثل Khan Academy) ساعد في تعزيز المكتسبات. درسنا الأكبر كان أن النظريات لا تنطبق دائماً حرفياً على الواقع؛ لذلك أصبح كل اقتراح يمرّ بعين التقييم الشامل: هل هو قابل للتطبيق للمعلمين؟ للأهل؟ للإدارة؟ ما الموارد المتاحة؟ وكيف سنقيس النجاح؟

بناء معايير وتقويم:
اتّفقنا على معايير واضحة للمخرجات باستخدام مرجعيات موثوقة (اعتمدنا معايير Common Core كنقطة انطلاق لتحديد النتائج التقويمية). ركّزنا على تقييمات تشخيصية تكشف الثغرات، ثم عملنا ضمن مجموعات تركّز على مهارة محددة مع اختبارات قصيرة شكلت مقياساً للتقدّم.

نتائج وانعكاسات:
خلال سنة واحدة أظهرت البيانات قفزة نوعية: نحو 70% من الطالبات وصلن إلى مستوى قريب أو مطابق للمستوى المناسب لصفهن. كان هذا النجاح نتيجة تعاون الفريق بأكمله وإصرار الطالبات. ومع ذلك، ظلّ رفع مستوى الأداء مهمة مستمرة، وخططنا التطويرية اللاحقة اختلفت في الأدوات والأهداف تبعاً للسياق والوقت.

خاتمة:
واجهنا تحديات كبيرة لكنّها حفّزت حلولاً مبتكرة أعادت تشكيل طريقة تفكيرنا في التعليم. إن تحقيق تعليم منصف يتطلب مرونة، تعاوناً ممنهجاً، وتصميماً على تكييف النظم لتناسب المتعلّم لا العكس. لكل مدرسة ظروفها الخاصة، لكن الدرس العام واضح: عندما نتحلى بالشجاعة والإبداع والتعاون، يمكن لأصعب الصفوف أن تزهر.

يقرأ  طهران تتوعد بردٍّ مُقابِل بعد طرد أستراليا لسفيرها تطورات في الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني

نبذة عن الكاتبة:
إليانا زوايدة لديها خبرة تزيد عن عشرين عاماً في حقل التعليم منذ 2002. شغلت مناصب تدريسية وقيادية متعددة منها منسقة مشتركة للغات والعلوم الإنسانية والفنون، وقائدة برنامج MYP بالإنابة، ورئيسة قسم اللغة الإنجليزية. هي مدرّبة معتمدة في المناهج المفهومية، ومقيّمة IDU BQC، وعضو في شبكة الـ IBEN تعمل كقائدة برامج MYP وقيادة ورش عمل لكل من PYP وMYP. حاليّاً تدرّس إليانا مادة اللغة والأدب للسنتين الرابعة والخامسة بالإضافة إلى لغة B في مرحلة الدبلومة.

ملاحظة صغيرة: في محاولتنا المستمرة لتحسين الأنظمة التعليمية واجهنا تحديات لوجستية في توزيع الفصول داخل المدرسه، لكن التجربة أثبتت أن الحلول الممكنة قريبة عندما نعمل معاً.

أضف تعليق