هل تصمد محادثات السلام بين باكستان وأفغانستان أمام تفجيرات إسلام آباد ونيودلهي؟ — أخبار السياسة

إسلامأباد، باكستان — بعد أقل من ساعتين على انفجار انتحاري عند مدخل محكمة المقاطعة في عاصمة البلاد، وصف خواجة آصف، وزير الدفاع، الاعتداء بأنه «نداء يقظ» و«حرب على باكستان بأسرها». وكتب على حسابه في إكس أن نقل الحرب إلى قلب العاصمة رسالة من كابل، وأن باكستان تملك «القوة الكاملة للرد».

اتفاق هدنة وقمم فاشلة
بعد أسبوع من القتال الدموي على الحدود في أكتوبر، وقّعت باكستان وأفغانستان اتفاق هدنة في الدوحة، ووقع آصف ونظيره الأفغاني ملا محمد يعقوب على المذكرة. لكن جرت جولتان من المفاوضات في إسطنبول باءتا بالفشل في سبيل تحويل الهدنة إلى مسار سلام طويل الأمد. ومع وصول وفد تركي إلى باكستان منتصف الأسبوع الجاري لمحاولة إحياء المباحثات، يهدد تفجير الثلاثاء بقتل فرص أي اختراق هش، على الرغم من إدانة حركة طالبان للتفجير في إسلامأباد.

مقاربة عسكرية أم تفاهم دبلوماسي؟
قال آصف لقناة محلية إن «حروب أفغانستان كلها كانت تقوم على التمرد»، وأن مواجهة ذلك تتطلب «حربًا تقليدية»، مؤكداً أن الجيش الباكستاني «قوة عظيمة». هذا الخطاب التصعيدي يأتي في سياق اتهامات متبادلة بين إسلام آباد وكابل حول ملاذات للفصائل المسلحة.

الروابط التاريخية والانفصالات الأخيرة
استمتعت باكستان لعقود بعلاقات وثيقة مع طالبان الأفغانية، ورحب كثير من الباكستانيين بعودة الحركة إلى السلطة في أغسطس 2021. لكن العلاقات توترت بفعل اتهامات إسلام أباد لكابل بمنح ملاذات لحركة تحرير شبه قارة باكستان (TTP)، وهو ما تنفيه طالبان الأفغانية.

ظهرت حركة TTP عام 2007 وشنت حملة مستمرة ضد باكستان، وتُعتبر غالبًا التوأم الأيديولوجي لطالبان. إضافة إلى ذلك تتهم باكستان كابل بإيواء جيش تحرير بلوشستان والفرع المحلي لتنظيم داعش المعروف بـISKP، رغم أن ISKP عدو معلن لطالبان.

يقرأ  إيغلز يهزم باكرز في مواجهة دفاعية شرسة — أخبار كرة القدم الأمريكية

تصاعد العنف داخل باكستان خلال العامين الأخيرين، وتركزت معظم الاعتداءات في إقليم خيبر بختونخوا وبلوشستان، اللذين يتقاسمان حدودًا مع أفغانستان. طالت الهجمات بالأساس قوات إنفاذ القانون؛ وقُتل أكثر من 2500 شخص في اعتداءات مسلحة في باكستان عام 2024، وهو من أكثر الأعوام دموية خلال عقد، ويبدو أن 2025 مرشح لتجاوزه.

عمليات أمنية وإنقاذ
بعيدًا عن التفجير في العاصمة، نجحت عملية عسكرية كبرى في وانا، مركز إدارة إقليم جنوب وزيرستان، في إحباط هجوم محتمل هذا الأسبوع، وأنهت عملية استمرت يومين بإخلاء وإنقاذ أكثر من 500 طالب ومعلم وموظف.

احتمال الحرب الشاملة ضئيل
على الرغم من خطابات التصعيد وزيادة العنف، يعتقد المحللون أن احتمالات اندلاع حرب تقليدية واسعة النطاق بين باكستان وأفغانستان «ضئيلة جدًا». فهد نبیل، رئيس مؤسسة Geopolitical Insights في إسلام أباد، قال لقناة الجزيرة إن الانزلاق إلى حرب تقليدية سيضر بالصورة الإيجابية التي عملت باكستان على بنائها مؤخرًا، وبسرديتها بأنها ضحية للعنف من جيرانها—الهند وأفغانستان—لا مُبادرَة به. واتفق معه أفتخار فردوس، المحلل الأمني ومؤسس مشارك لبوابة Khorasan Diary.

ومجيء الوفد التركي يُعد إشارة إلى رغبة محتملة في التهدئة، فيما تُعد إدانة طالبان لتفجير إسلامأباد دليلاً على «رغبتهم في عدم انهيار» مباحثات السلام كليًا. وقال عبدالله قاهر بالخي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأفغانية، إن كابل «تعرب عن عميق الحزن والإدانة» بشأن الانفجار في إسلامأباد والهجوم في وانا.

تفجير دلهي وإعادة توازن إقليمي
لم يقتصر الأسبوع على تفجير إسلامأباد؛ إذ قتل انفجار سيارة في نيودلهي يوم الاثنين ما لا يقل عن 13 شخصًا. لم تتبنّ أي جهة مسؤولية رسمياً، وتقول السلطات الهندية إن التحقيقات جارية، وقد استندت إلى قانون مكافحة الإرهاب واعتقلت عدة أشخاص.

يقرأ  وفاة أساتا شاكور — ناشطة أمريكية في حركة تحرر السود ومنفية في كوبا عن عمر يناهز 78 عاماً | أخبار حياة السود مهمة

هذا الاعتداء هو الهجوم الكبير الثاني على الأراضي الهندية هذا العام، بعد هجوم باهالغام في أبريل في كشمير التي تُديرها الهند، والذي أسفر عن مواجهة عسكرية استمرت أربعة أيام مع باكستان. ألقت نيودلهي باللائمة على جماعة يُزعم أنها تحظى بدعم باكستاني في حادث باهالغام، ومنذ ذلك الحين حذّر رئيس الوزراء ناريندرا مودي من أن أي اعتداءات مستقبلية ستُعتبر هجمات من قبل باكستان.

التقارب الهندي–الأفغاني وتبادلات الاتهامات
على خلاف تدهور علاقات باكستان بأفغانستان هذا العام، عزّزت الهند علاقاتها الدبلوماسية والاستراتيجية مع كابل، خصوصًا خلال 2025. أدى زيارة وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي إلى نيودلهي في أكتوبر، والتي تزامنت مع اندلاع القتال عبر الحدود، إلى تعزيز هذا التقارب.

من جانبه، اتهم رئيس وزراء باكستان شهباز شريف الهند بدعم مجموعات مسلحة تستهدف باكستان وإيواء عناصرها في أفغانستان. وبعد تفجير محكمة إسلامأباد اتهم شريف نيودلهي مسؤولية كلًّا من حوادث إسلام أباد ووانا دون تقديم أدلة، واصفًا إياها بأنها «أسوأ أمثلة إرهاب الدولة الهندي في المنطقة». قال إن الوقت قد حان ليدين العالم هذه المؤامرات الخبيثة التي تروِّج لها الهند.

ورفضت الهند تلك الادعاءات بشكل قاطع، ووصفتها بأنها بلا أساس، متهمة قيادة باكستان بالهذيان والضلال.

هل تلوح حرب أوسع في الأفق؟

فردوس، الذي يقسّم وقته بين أسلام آباد وبيشاور، قال إن باكستان ظلت تصوّر حركة طالبان باكستان (TTP) وجماعات أخرى كوكلاء تتأثر بالهند التي تسعى لزعزعة استقرار جارها الغربي.

«لا أقول إن باكستان اتهمت الهند بصورة مباشرة بهذا الشكل، لكنهم كرروا سردهم: حاولوا إقناع المجتمع الدولي بأن الضحية هي باكستان وليست الهند، وأن حركة طالبان الأفغانية باتت في طريقها لتتحول إلى وكلاء هنود.»

مع غليان التوترات في إسلام آباد وكابول وتصاعد الخطاب العدائي من قبل كبار المسؤولين، يبقى السؤال مطروحاً: هل نواجه حرباً شاملة؟

يقرأ  التلعيب في التعليم من رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشردليل عملي للناشرين

فردوس لا يعتقد أن حرباً تقليدية وشيكة، لكنه يحذّر من إعادة ترتيب قد تعيد أفغانستان إلى مركز صراعات القوى العالمية.

ولا تزال الدبلوماسية تلعب دوراً؛ إذ تضغط وساطات مثل تركيا وقطر من أجل ضبط النفس.

وقال نبيل إن الضربات الجوية المتقطعة داخل أفغنستان تبقى خياراً عسكرياً وارداً لإسلام آباد، مضيفاً: «مع ذلك، ستواصل باكستان منح الدبلوماسية فرصة لإثبات أنها استنفدت كل الخيارات الممكنة قبل اللجوء إلى الضربات العسكرية.»

أضف تعليق