أقال رئيس جنوب السودان سلفا كير أحد نوابه، بنيامين بول ميل، الذي كان يُنظر إليه على نطاق واسع كمرشح محتمل لخلافته. وجاء القرار عبر مرسوم بُثَّ على التلفزيون الحكومي، لكنه لم يصحبه تفسير رسمي لأسباب الإقالة.
كما نُزِع عن بول ميل رتبته العسكرية وأُبعد عن جهاز الأمن الوطني، وفُصِل كذلك محافظ البنك المركزي ورئيس هيئة الإيردات، اللذان كانا يُعتبران من حلفائه المقربين. وحتى الآن لم تُعلن أسماء من سيشغلون هذه المناصب الشاغرة.
تأتي هذه التطورات في ظل تزايد المخاوف من تفاقم عدم الاستقرار السياسي وإمكانية عودة النزاع الأهلي، بعد انهيار اتفاق هش لتقاسم السلطة بين كير وزعيم المعارضة ريك مشار. ويُذكر أن بول ميل (47 عاماً) عُيّن نائباً للرئيس في فبراير الماضي بديلاً عن السياسي المخضرم جيمس واني إغا، وصار لاحقاً النائب الأول لرئيس حزب الحركة الشعبية الحاكم، مما عزّز من نفوذه ووضعه في مرتبة المرشحين المحتملين خلفاً لكير. كما رُقّي إلى رتبة جنرال في جهاز الأمن الوطني.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على بول ميل في 2017 بتهم فساد، وجُدِّدت هذه العقوبات في وقت لاحق هذا العام. وصفت وزارة الخزانة الأميركية بول ميل بأنه “المستشار المالي الرئيسي” لكير، وهو وصف نفته رئاسة الجمهورية. من جهته، لم يرد بول ميل بشكل مباشر على اتهامات الفساد ولا على خبر إقالته.
مصادر حكومية رفيعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، وصفت بول ميل بأنه شخصية مثيرة للانقسام داخل الحكومة، وأشار أحدهم قائلاً: «من الجيد أنه غادر». كما انتشرت تكهنات على وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى وجود صراع داخلي على السلطة داخل حزب الحركة الشعبية.
خلفية النزاع: جنوب السودان، الدولة الغنية بالنفط، نالت استقلالها عن السودان في 2011، لكنها انغمرت في حرب أهلية اندلعت بعد عامين إثر تباعد كير ومشارك. اتفاق تقاسم السلطة الذي أنهى الحرب عام 2018 ظل هشاً وبقيت التوترات حاضرة مع تفجّر عنف متقطع. وقد تأجلت الانتخابات مرتين خلال السنوات الثلاث الماضية، وتصاعد القتال مؤخراً بين قوات موالية للرئيس ومجموعات مسلحة أخرى.
في سياق متصل، أُقيل مشار من منصب نائب الرئيس واعتُقل في وقت سابق هذا العام، وفي سبتمبر وُجّهت إليه تهم بالقتل والخيانة وجرائم ضد الإنسانية، وهو الأمر الذي سرّع احتقان الوضع وأثار مخاوف من تجدد الاضطرابات. ووصفت مكتبه تلك الاتهامات بأنها «حملة مطاردة سياسية». وقد سبقت تلك التهم هجوم نسبت الحكومة إلى مليشيا يُزعم ارتباطها بمشار، قالت إن الهجوم أوقع مئتين وخمسين جندياً وضابطاً برتبة جنرال.